سوليوود «متابعات»
من قال إن للأبطال الخارقين هوية محددة عرقية كانت أم جنسية، ومن جزم بأن العوالم السابقة التي عشناها في عالم «مارفل» هي ثابتة ولا تتغير؟ فمع ولادة كل عمل للأبطال الخارقين نكتشف أن التطوير هو نهج أسطورة مارفل، وصحيح أن الحبكات تتوالى مشابهة لبعضها بعضًا، إلا أن التجديد وتحوير الفيلم بزوايا مختلفة هو من صميم أسلوب «مارفل»، التي اتخذت في الآونة الأخيرة من التنويع أسلوبًا لقي نجاحًا، بسبب لهجة التجديد، حيث بدأت «مارفل» بالغوص في القصص المتعلقة بالثقافة الآسيوية، فهل هذا ضرب تجاري أم تخطيط ذكي؟.
ووفقًا لما ذكره موقع صحيفة الاقتصادية السعودية، يتناول فيلم «تشانج شي وأسطورة الحلقات العشر» قصة بطل خارج الحدود الأمريكية، وهو الفيلم الثاني لـ«مارفل» الذي يسلك هذا المنهاج بعد فيلم Black Panther «الفهد الأسود» مع فروقات ما بين الفهد الإفريقي والتنين الآسيوي، حيث جمع هذا الفيلم بين الأبطال الخارقين الذين قدمتهم «مارفل» على مدى 23 فيلمًا تقريبًا والثقافة الصينية بما تحمله من أساطير وأساليب قتالية والملابس وما إلى ذلك، وكعادتها «مارفل» تبدع في أي اتجاه تسلكه، فجاء فيلمًا محبوكًا بثيمة مستهلكة لكنها مميزة بطرحها الجديد، ومتألقًا بالفنون القتالية التي اعتدناها في عالم مارفل، الذي يحوي الثالوث، وهو البطل والشرير والقطعة السحرية صاحبة القوة الخارقة.
مواجهة مع الماضي
تبدأ أحداث الفيلم عندما يجد البطل شانج شي نفسه في مواجهة مع الماضي الذي اعتقد أنه تركه وراءه، لكن بعد أن يجد نفسه عالقًا في شبكة منظمة الخواتم العشرة الغامضة، يبدأ باكتشاف ذاته ليصبح واحدًا من أقوى وأذكى الأبطال الخارقين في الكون، إذ سيعمل على حماية كوكب الأرض بعد وفاة عديد من الأبطال الذين كانوا يحمونه.
وانبثقت شخصية شانج تشي كبطل خارق آسيوي في بدايات العشرينيات، يعيش حياة عادية جدًا في سان فرانسيسكو بعد هربه من منزل عائلته، بالأخص والده زعيم مؤسسة الحلقات العشر. يضطر شون إلى أن يفصح عن هويته الحقيقية لصديقته المقربة بعد تعرضهما معا للهجوم من قبل أعضاء المؤسسة التي يديرها والده لسرقة قلادته، يضطر شانج للعودة إلى مسقط رأسه في البداية لتحذير أخته، وتؤدي الأمور في النهاية إلى عودتهم لوالدهم الذي ينوي تحدي قرية زوجته السحرية وحرقها عن بكرة أبيها للوصول إلى الكهف المقدس، في النهاية يجد شانج وصديقته المفضلة كاتي وأخته زيالينج أنفسهم في مواجهة مع والدهم وجماعته، لحماية القرية بمساعدة التنين الأسطوري، الفيلم من إخراج ديستين دانيال كريتون ومن بطولة سيمو ليو، أوكوافينا، توني تشيو واي ليونج ومنجر تشانج.
إخراج «مارفل» المتألق دائمًا
لا يمكن أثناء مشاهدة الفيلم إلا الإعجاب بالإخراج الذي قدمه المخرج ديستين دانيال، فقد تم تصوير المعارك بطاقة حركية تتحرك بسلاسة مع الآكشن، وتم استعراض تدريبات تشانج شي الطبيعية وإعطائها مصداقية، كما أن المشاهد القتالية تميل إلى استخدام تصميم حركات القفز الرائعة qinggong لتسليط الضوء على الواقعية السحرية للعالم، والأكثر من رائع كان التركيز على أنماط فنون الدفاع عن النفس المختلفة في عالم مارفل السينمائي، إن التعلم من الطريقة التي قاتلت بها والدته لم تساعد تشانج شي فقط على مواجهة والده فحسب، بل إن ذلك أيضًا جعل البطل متكاملًا بطريقة تسمح له بالوصول إلى قلب التنين داخل نفسه، لكن على الرغم من أن تصوير المعارك تم بطريقة ممتازة، إلا أن بعض المؤثرات البصرية الأخرى متفاوتة، فعندما يتعلق الأمر بالتفاصيل الفردية يمكنك أن تشعر بتأثير وطاقة الأساور الحرفية وهي تعمل، أو انعدام وزن الأوراق والماء.
حبكة مستهلكة لكنها مميزة
فيما يعود إلى الحبكة، يطرح الفيلم ثنائية الأب والابن الفرويدية الشهيرة، ويتضح في النهاية في الثلث الأخير من الفيلم سبب الهرب الذي قام به شانج منذ ستة أعوام، الذي هو السبب الذي أدى إلى هرب أخته من بعده وهو «الأب» وينو هو، وهو زعيم عصابة «الحلقات العشر» الذي يمتد عمره لأكثر من ألف عام قضاها في عالم الجرائم والبلطجة، بفضل القوة التي كانت تمنحها له الحلقات، إضافة إلى الخلود، يتخلى وينو عن كل تلك المميزات خالعًا حلقاته في سبيل الحب من أجل الفتاة التي أحبها وتزوجها، التي آمنت بإمكانية تحويله إلى شخص صالح، قتلت «لي» بسبب أعداء قدامى لوينو، ما جعله يرجع إلى حلقاته العشر للأخذ بالثأر على مرأى من طفل لم يتعد العاشرة من عمره، لم يكتف بالصدمة النفسية التي سببها لابنه، بل دربه من صغره ليكون قاتلًا محترفًا حتى يكمل ثأر، ليكون لدينا الجانب الشرير في القصة وهو مدفوع بحب أعمى، تبدو حبكة جيدة.. أليس كذلك؟ لكن مع الأسف لم يتم تقديم المبررات الكافية في الفيلم للقرارات المصيرية التي يتخذها الأبطال سواء على جانب الشر أو جانب الخير.
على الجانب الآخر تعامل الأب مع طفلته بقسوة شديدة، لأنها تشبه أمها كثيرًا فقط، ليكون في النهاية لدينا عائلة تعاني عديدًا من المشكلات النفسية، استخدمها الفيلم لتدعيم قضايا الدفاع عن المرأة التي تأخذ حيزًا كبيرًا في الأعمال السينمائية والدرامية في الأعوام الأخيرة، وعلى الرغم من الأهمية القصوى لتلك القضايا التي حاول الفيلم أن يناقشها بالأخص من خلال قصة الابنة المتمردة التي تبني كيانًا مستقلًا لها وترث فيما بعد جماعة والدها، إلا أن الضغط المستمر على القضايا الإنسانية يجعل الأمر يبدو بالأخص مع وجود جمل كليشية مثل «لدينا هنا مساواة بين الرجل والأنثى ويتدرب الجميع معا» كأن صناع الفيلم يضعون الحكمة والفضيلة في فم المتلقي وضعٕا، وهو بالتأكيد ليس الأمر المنوط بالأعمال الفنية إطلاقًا.
«مارفل» بعد الغزو الصيني
على الرغم من اختلاف اللغة ومكان التصوير للجانب الصيني إلا أنك تشعر بكل أريحية أنك تشاهد فيلم مارفل متكامل الأركان، ويتأكد ذلك مع حدوث أول مواجهة في الحافلة، ومع ذلك لا يمكن إنكار أن وجود أغلب المشاهد خارج الولايات المتحدة الأميركية في أحضان الثقافة الصينية المليئة بالأساطير جعل للفيلم مذاقًا مختلفًا، ولعل هذا ما سيميز الفيلم عن باقي الأبطال الخارقين القادمين أو حتى السابقين، وفي النهاية، تجد نفسك أمام تجربة بصرية مليئة باللوحات التي هي في الأساس متشبعة بالثقافة الصينية، ما يجعلك تتغاضى عن عديد من السلبيات الأخرى، بل إن إزالة هذه العناصر المتمثلة في الملابس وطريقة القتال ونوع القوى الخارقة، الموسيقى والديكورات وحتى اللغة تفقد الفيلم كثيرًا من قيمته وتحوله إلى فيلم لا يميزه أي شيء في سلسلة من أفلام أبطال مارفل الطويلة.
ويبقى فيلم «شانج شي وأسطورة الحلقات العشر» بداية لجيل جديد من الأبطال الخارقين، بعد انتهاء المرحلة الثالثة من قائمة أفلام مارفل 2019 مع صدور فيلم «المنتقمون: نهاية اللعبة».
تجدر الإشارة الى أن الفيلم حقق إيرادات وصلت إلى 257 مليونًا و601 ألف دولار منذ وصوله دور العرض حول العالم، وكان قد حقق 71 مليونًا و400 ألف دولار في العرض الافتتاحي للعمل، وانقسمت الإيرادات بين 145 مليونًا و601 ألف دولار في دور العرض في الولايات المتحدة الأميركية، و112 مليون دولار في دور العرض حول العالم.