أمجد المنيف
من أهم الأخبار في الأيام الأخيرة هو موت «طوكيو»، أحد أبطال المسلسل الإسباني الشهير: «لا كاسا دي بابيل» أو «البيت الورقي»، بقيادة «البروفيسور»، وهو ما جعل مخرج العمل يتعرض لانتقادات من بعض المعجبين، جماهير عضوة عصابة السطو الخطيرة، التي فازت بتعاطف الكثيرين رغم القتل، وشتى أنواع الجرائم.
الانحياز لـ«طوكيو» يثير التساؤل القديم المتجدد: لماذا يميل الناس للمجرمين أو الأشرار في الأعمال السينمائية؟
لعل أشهر مثال قريب للذاكرة، هو فوز «الجوكر» بحب المشاهدين الكبير، إذ يعد الأنموذج الأقرب لفكرة التعاطف مع الخارجين عن القانون، حتى مع وصف كتَّاب متخصصون العمل بأنه يدعو للعنف، ويحفز المضطربين للخروج على النظام، خاصة مع التشجيع الكبير لما قام به.. ويمكن بسهولة الربط بينه وبين المظاهرات الأميركية الأخيرة!
هناك بعض النقاط الموجبة للتوقف، بغض النظر عن الاتفاق معها أو عدمه، والتي قد تشرح ظاهرة الانحياز إلى حد كبير.
أولاً: إثارة النقاش، يرى البعض أن مثل هذه الأعمال قادرة على خلخلة ما يمكن وصفه بالثابت. إذ تدعو لمشاهدة المواقف والمبادئ من زوايا جديدة، قد تكون صحيحة وفقًا لمنطلقات أكثر حداثة.
ثانيًا: المجرمون أذكياء، يمكن الاتفاق على ذلك بسهولة. ويمتازون غالبًا بمظاهر جذابة، وينتمون إلى حياة سينمائية مغرية؛ ما يجعل طريقتهم في العيش مطمعًا، ورغبة دفينة في اللاوعي.
ثالثًا: محيط الأشرار لا ذواتهم، إذ يمكن أن يكون الحب ليس للمجرم لشخصه، وإنما لطريقته في الحديث أو المشي أو الغناء، أو منهجه في المناقشة والتفنيد، أو لحكمته المفتعلة والمتمثلة في التصرفات والمقولات الشهيرة.
رابعًا: المرض النفسي أو المعاناة، وهذا يحدث عند «بناء الشخصية» في العمل الدرامي بشكل تراكمي؛ ما يمكِّن المتلقي من ملاحظة تفاصيل المنعطفات في حياة المجرم، وتلبس شخصيته مع تكرار الأحداث.
خامسًا: التشابه مع المجرم، سواء في الرغبة أو الدوافع أو حتى الإحباط. يرى البعض حياتهم في طريقة البطل المجرم، ويتعامل معه كأيقونة تتخذ المواقف بالنيابة عنه. وبالتأكيد، يختلف الوضع من مشاهد إلى آخر.
أخيرًا.. النسبية في مفهوم الخير والشر، تتباين التعريفات بين شخص وآخر، حتى في العمل السينمائي الواحد. لذلك يجب أن نتذكر دائمًا أن المعيار الدقيق هو القانون، بغض النظر عن وجهات النظر، والقناعات. والسلام..