عبدالله المدني
منذ دخول الألفية الثالثة تجدها حاضرة بقوة في معظم الأعمال الدرامية، مؤدية دور الأم أو الزوجة بطريقة جميلة. تلك هي الفنانة المصرية «سلوى محمد علي» المولودة في حي القلعة الشعبي بالقاهرة في أكتوبر 1964، وخريجة معهد الفنون المسرحية التي لم يعرفها الجمهور العربي إلا في العقدين الماضيين، لأنها لم تنشط في السينما كثيرًا، ثم لأنها سخرت كل طاقاتها للعمل المسرحي، وأيضًا للعمل الاذاعي الذي قالت عنه أنه عمل صعب ويحتاج إلى مواصفات خاصة، مستذكرة حادثة طردها من الإذاعة حينما ذهبت للتسجيل أول مرة. هذا ناهيك عن عدم اتصال المخرجين والمنتجين السينمائيين بها لسنوات طويلة. ومن هنا وجدت طريقها للشهرة والنجومية من خلال المسلسلات التلفزيونية التي أدخلتها إلى قلب كل بيت.
بدأت شهرتها انطلاقًا من تقديمها شخصية «خالة خيرية» في مسلسل الأطفال «عالم سمسم» الذي عرضه التلفزيون المصري مطلع الألفية الجديدة، ثم ترسخت شهرتها بعد أن قدمت أدوارًا مساعدة غير معقدة في السينما. قالت سلوى، في هذا السياق، أنها على الرغم من عدم تحقق حلمها في القيام بأدوار البطولة، إلا أنها سعيدة بما قدّمته من شخصيات أحبها الجمهور، فالمهم عندها هو مضمون الدور وليس مساحته، مضيفة انها تفضل الأدوار التي تستهدف انصاف المرأة والكشف عما تتعرض له من انتهاكات حقوقية، وإثارة القضايا الاجتماعية الشائكة على غرار ما فعله فيلم أريد حلاً، الذي أسهم في تغيير قوانين الأحوال الشخصية.
وهذا ما جسّدته في واحد من أجمل أعمالها الدرامية وهو مسلسل «خلي باللك من زيزي» لكريم الشناوي عام 2021 عن مرض «نقص الانتباه»، وفيه أدت شخصية «كوكي» الزوجة التي تنجح في التخلص من علاقة زوجية فاشلة، من بعد تردد واستكانة وخضوع. وحول هذا العمل قالت: «استهواني العمل لأنه حقيقي وواقعي جداً، وتفاصيله تحدث في بيوتنا كل يوم، أما شخصية (كوكي) التي قدمتها فقد أعجبني موقفها وقدرتها على التخلص من علاقة فاشلة، بالطبع هناك مئات مثلها في بعض البيوت قائمة فقط على الاحتياج المادي، فتضطر المرأة للتحمل طول العمر، ولأن عواطف (كوكي) لم تتحقق كزوجة، فقد وضعت عواطفها كلها في ابنتها وأحفادها».
لكنها قدّمت أيضًا نقيض هذا الدور في مسلسل «كله بالحب» لعصام عبدالحميد في عام 2021، حيث جسدت شخصية امرأة تتعدد زيجاتها بحثًا عن السعادة وتؤمن بأن فاقد الشيء لا يعطيه ولا تظهر عواطفها نحو أولادها.
قلنا إن سلوى برعت وبزغ نجمها من خلال التلفزيون الذي قدمت فيه عشرات المسلسلات الناجحة، ومن أهمها: 30 يومًا، سيرة حب، ذات، بالشمع الأحمر، لحظات حرجة، وتر مشدود، الهاربة، الشراقي، طايع، أرض النفاق، حارة اليهود، امبراطورية مين، في بيتنا رجل، طريقي، الخروج، بالحجم العائلي، بـ100 وش، إلا أنا، لأعلى سعر.
أما على صعيد أعمالها السينمائية فإننا نجد أجمل تجلياتها في فيلم بنتين من مصر/ 2010 للمخرج محمد أمين، وفيه لعبت دور «أبلة عايدة»، وهي امرأة وحيدة تجاوزت سن الزواج، وتعيش بمفردها ولكنها صديقة لفتاتين في مطلع الثلاثين، وتنشأ في الفيلم علاقة حب ومودة بين الثلاث رغم اختلاف أعمارهن، بل تمثل الفتاتان لها مصدر السعادة المؤقتة بزياراتهما لها، وكسر وحدتها المستمرة. وكذلك فيلم إحكي يا شهرزاد/ 2009 ليسري نصرالله، وهو فيلم تدور قصته حول «هبة (منى زكي) المذيعة المهتمة بقضايا المراة، والمتزوجة من الصحفي كريم (حسن الرداد) وتعاني من مشاكل وخلافات كثيرة معه بسبب المواضيع التي تطرحها على الجمهور، وأيضا فيلم جنينة الأسماك/ 2008 لرشا الكردي، وفيه أدت دور مديرة الإذاعة التي تقدم بطلة الفيلم المذيعة ليلى (هند صبري) من خلالها برنامجًا ليليًا ناجحًا عن أسرار الناس ومشاكلهم.
ومن أعمالها السينمائية المهمة الأخرى: فيلم أحلى الأوقات/ 2004 لهالة خليل والذي تدور قصته حول ثلاث زميلات دراسة فرقتهن الحياة ويعدن للإلتقاء وسط مشاكلهن العائلية والاجتماعية المختلفة، فيلم أريد خلعًا/ 2005 لأحمد عواض والذي يكتشف فيه العمدة حسين النقراشي (سامي العدل) ان الزوجة التى تخلع زوجها ستدفع أقل من المهر المكتوب فى قسيمة الزواج، ويخاف ان تفكر زوجته (سلوى محمد على) فى خلعه، فيجبرها على التنازل عن الخمسين فدانا الذي كتبه لها كمهر، فيلم أسرار عائلية /2013 لهاني فوزي، حيث لعبت دور»نرجس«والدة بطل الفيلم الشاذ جنسيا (محمد مهران)، فيلم زجزاج /2014 لإسامة عمر، وفيه جسدت دور»مدام سوسن«صاحبة الديسكو الذي تعمل فيه 3 فتيات لكل منهن مشاكلها العائلية وموقفها الخاص من الرجل؛ فيلم فتاة المصنع /2014 لمحمد خان وفيه نجدها في دور»سميرة«الأخت المطلقة المكافحة التي تتعرض للتحرشات الجنسية خلال عملها الليلي في سنترال خاص وعملها اليومي كخادمة؛ فيلم الخلية /2017 لطارق العريان، وفيه ظهرت بدور والدة شروق (ريهام عبدالغفور) الزوجة المنقبة للإرهابي مروان (سامر المصري)، فيلم بلاش تبوسني /2018 لأحمد عامر، وفيه تقمصت دور»عفاف«أم مخرج الافلام التسجيلية (وائل عمر)، فيلم البدلة /2018 لمحمد جمال العدل، حيث أدت فيه دور»الدكتورة ليلى العربي«التي يغتالها الإرهابي ماركوس (ماجد المصري).
ومن المعروف أن سلوى نصيرة قوية للمخرجين والفنانين الشباب بدليل مشاركتها لهم في عشرات الأعمال السينمائية القصيرة، ومنها الفيلم القصير الجميل «حبيب» الذي أخرجه شادي فؤاد عام 2019، وفيه لعبت سلوى دور زوجة تعيش حياة هادئة مع زوجها، ومع تقدمها في العمر تحلم بأن تلتقط صورة جديدة لزفافها بالألوان، أما زوجها «حبيب» (سيد رجب)، الرجل الستيني الذي يعمل حلاقًا من داخل شقته، فيقرر ذات يوم أن يُكسر روتينه اليومي ويتغلب على ألمه النفسي ومعاناته الحياتية من خلال القيام بمغامرة لإسعاد زوجته.
وأخيرًا فإن سلوى تؤمن بأنه لا مانع من تقدّم المرأة للرجل بطلب الزواج «إذا كان يستاهل»، بل أنها فعلت ذلك شخصيًا حينما طلبت من زوجها الراحل المسرحي محسن حلمي أن يتزوجها، والذي وصفته بـ«أحسن حاجة حصلت لي في حياتي».
جريدة الأيام البحرينية