سوليوود «متابعات»
استطاعت السينما الآسيوية أن تفرض نفسها بقوة خلال الفترة الأخيرة، وتنبه لها الجميع ونظر لها نظرة مختلفة منذ أن فاز فيلم «باراسيت» أو «طفيلى» للمخرج الكوري بونج جون هو بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 2020، وتبعه فوز المُخرجة الصينية الموهوبة كلوي تشاو، بجائزة أوسكار أفضل إخراج، عن فيلمها «نومادلاند»، لتفتح صفحة جديدة من التاريخ بالسينما العالمية، كثاني امرأة على الإطلاق تفوز بجائزة أفضل مُخرجة بالإضافة إلى كونها السيدة الآسيوية الأولى، التي تفوز في تاريخ تلك الجوائز الفنية.
وبحسب صحيفة الشروق تقتحم السينما الآسيوية المهرجانات الكبرى بثقة كبيرة، وكذلك أصبحت متواجدة على منصات الترفيه العالمية مثل نتفليكس وأمازون وديزني، وعلى شاشة مهرجان كان السينمائي فى دورته الأخيرة 74 تم الكشف عن مجموعة متميزة من الأعمال السينمائية تمثلت في 13 فيلما تنبئ بموجة آسيوية جديدة مقبلة، لها ملامحها وأسلوبها وأفكارها التي تخص مخرجيها الذين أصبحوا مثار إعجاب كبير، بحسب شهادة نقاد العالم، وتطلق العنان لمواهبها، كما أنها تسلط الضوء على قضايا القارة اجتماعيا وسياسيا.
من بين هذه الأعمال فيلم «ميموريا» Memoria للمخرج التايلاندي ابيشات بونج ويراسيثاكول الذي نال شرف مرحلة «كان» عندما فاز بجائزة الكاميرا الذهبية المرموقة عن فيلم «العم بونمي الذي يمكنه أن يتذكر حياته السابقة» عام 2010، والذي قال لدى تسلمه جائزته: «انها لحظة مهمة لتاريخ تايلاند والسينما التايلاندية.. إنها سابقة كبرى».
كذلك فيلم «ميموريا»، بطولة تيلدا سوينتون وجين باليبار، وهو فيلم روائي طويل عن الذاكرة والعزلة والحلم ويحكي قصة جيسيكا (تيلدا سوينتون)، عالمة النبات المتخصصة في بساتين الفاكهة، والتي عند زيارتها لبوجوتا بكولومبيا، حيث تعيش أختها المريضة، فوجئت بانفجار مدوي، عندما يحل الليل، تطاردها أصوات غريبة تمنعها من النوم، وتقرر جيسيكا بعد ذلك محاولة تحديد أصل الصوت الغامض الذي يعذب روحها.اهتم المخرج التايلاندي، الذي يعتبر السينما فنا غريزيا ويقارن قوتها بشكل من أشكال السحر (الأسود) القادر على إبهار أرواحنا، بالتعبير المادي للصوت وتأثيره على ذاكرتنا. وتبدو قصصه وكأنها حلم يقظ، حيث تلعب الأوهام وتتجول الاساطير لترسيخ نفسها في الواقع.
«قيادة سيارتي»
يبقى اليابانى ريوسوكي هاماجوتشي من المخرجين الذين يجب الانتباه إليهم بعد فوزه بجائزة لجنة التحكيم الكبرى لمهرجان برلين، وكذلك فوز فيلمه «زوجة الجاسوس» بالأسد الفضي من مهرجان فينيسيا الدولي، وهو هنا يحاول تكييف قصة هاروكي مورامي القصيرة التي تحمل الاسم نفسه في فيلمه الجديد «قيادة سيارتى» Drive My Car.
يتتبع الفيلم الذي تبلغ مدته ثلاث ساعات، يوسوك كافوكو (هيديتوشى نيشيجيما)، وهو ممثل أرمل وكبير في السن ويحتاج إلى سائق، ويوصي ميكانيكي بالاستعانة بفتاة تبلغ من العمر 20 عاما لتكون سائقه، لم تكن انطباعاتهم الأولى ممتعة ولكن نشأت علاقة خاصة بينهما، ونرى كيف أن المخرج السينمائي الناشىء مفتون بالحياة الداخلية للمرأة.
الفيلم يبدو فيه كل مشهد وكأنه سر، وهو ايضا دراما عن رجل يعرض افتراضات معينة على النساء في حياته لأنه خائف حتى الموت من معرفة حقيقتهن.
ومن اليابان أيضا فيلم «جميلة» للمخرج مامورو هوسا دا، وهو رسوم متحركة، حول سوزو مراهقة غير آمنة، والتي تعيش مع والدها في بلدة صغيرة بالقرب من الجبال في العالم الحقيقي، وفى العالم الافتراضي المسمى U، تعيش سوزو في دور جميلة، وهي أيقونة موسيقية يحبها ملايين الاشخاص. وقال هوسادا: «أن جميلة هو الفيلم الذي طالما حلمت بصنعه».
«أمام وجهك» نبوءة كوريا الجنوبية
يعود هونج سانج سو، بفيلمه السادس والعشرين «أمام وجهك»، ويدور حول ممثلة سابقة لديها سر، وتعود إلى سيول لتعيش مع أختها، وهناك تلتقى بمخرج على أمل العودة إلى التمثيل، المخرج الكوري المخضرم هو أحد صانعي الأفلام العشرة الذين ظهروا في قسم Cannes Premieres، وهي فئة تم إنشاؤها حديثا لعرض أفلام جديدة من قبل مخرجين معروفين.
«إعلان الطوارئ»
هو فيلم الكوري الجنوبي عضو لجنة التحكيم سونج كانج هو، وعرض خارج مسابقة كان هذا العام، الفيلم الذي تدور أحداثه في اطار اكشن يستعين فيه المخرج الموهوب بفريق عمل مرصع بالنجوم منهم جيون دو يون (التي فازت بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان عن فيلم Secret Sunshine) ولي بيونج هون (الذي لعب دور البطولة في العديد من أفلام هوليوود) ويونج كانج.
يعتمد «إعلان الطوارئ» على كارثة طيران حقيقية عندما اضطرت الطائرة المتجهة إلى هاواي إلى الهبوط غير المشروط قبل الوصول إلى وجهتها عندما يحدث خطأ غير مسبوق فى منتصف الرحلة، يثير الفيلم بعض الدهشة عند مقارنته بالمجموعة المعتادة من الأفلام ذات الطابع الفني الكبير في المهرجان.
«تموجات الحياة»
«تموجات الحياة» هو الظهور الثالث للمخرج الصيني وي شو جن وي في مدينة كان بعد فيلمه الأول Striding Into The Wind، والذي كان في الاختيار الرسمي العام الماضي على الرغم من أنه لم يتم عرضه رسميا منذ إلغاء المهرجان بسبب الوباء.
تتمحور أحداث الفيلم حول فريق تصوير يقوم بتصوير فيلم في بلدة يونجان النائية. يعيق الإنتاج صراع لا نهاية له بين المخرج والكاتب. النجمة، التي أحضرت الطاقم إلى بلدتها النائية، تحاول إعادة اكتشاف المكان الذي نشأت فيه.
من الصين أيضا يجىء فيلم الدراما الحربية «في اتجاه الشارع» Streetwise هو أول فيلم روائي طويل لـ«نا جياتسو» بعد سلسلة من الأفلام القصيرة، وتدور أحداثه في أوائل القرن العشرين، ويتناول حياة ونضالات الشباب في الصين الذين اختاروا البقاء في المدن الأقل نموا في البلاد. حيث يكشف وجها للبلطجية في بلدة صغيرة لكنه ليس فيلم جريمة معتاد، بل فيلم عن إمكانية التغيير والخلاص.
يروي المخرج قصة شاب في بلدة صغيرة يعمل لدى أحد محصلي الديون لدفع تكاليف العلاج الطبي لوالده الذي يسىء معاملته، فحياته معقدة بسبب العلاقة الباردة والمغتربة بين الوالدين والطفل، وعلاقة غامضة وقصة حب قاسية مع امرأة شابة.
الفيلم ذو طابع بسيط، وهناك بضع لقطات مثيرة للكاميرا تتخللها ومضات من التألق وهو يعكس صورة أو دراسة شخصية مبسطة لشاب يبلغ ٢١عاما مهزوم تعوقه علاقته بوالده القاسى وسرعان ما ينتهى به الأمر بضرب وكدمات، وهو الأمر الذي يبدو أنه نصيبه في الحياة. قد يكون لوالده المريض والمقيم بالمستشفى (ياو لو) «قدم واحدة فى القبر» لكنه متسلط ووحشى، ويظهر ذلك جليا عندما يقول لابنه وهو يضربه «أنت مدين لى بحياتك».
في هذا الفيلم، يتعرض الجميع تقريبا للضرب من حين لآخر، عبر قصة البقاء للأصلح، وقال المخرج نا جياتسو عن الفيلم: «قد تكون الحياة في الشوارع صعبة. لكنها يمكن أن تكون أيضا نقطة انطلاق للكون».
وجاء الفيلم الصيني «أنا آسف جدا» للمخرج زاو لي يانج، وهو فيلم وثائقي قوي يوضح مخاطر الطاقة النووية حيث نراه يزور محطات الطاقة النووية في اليابان وأوكرانيا وألمانيا، وعرض فى قسم سينما من أجل المناخ.
ومن تايون يأتى فيلم «محتال شوارع» Moneyboys، تأليف واخراج سي بي واي، ونافس في مسابقة نظرة ما، وفي الفيلم يعمل فاي بشكل غير قانونى ومخادع من أجل إعالة اسرته، لكنه عندما يعثر على حب حياته يواجه ذنوب ومآسى ماضيه.
ومن الصين أيضا فيلم «هل أنت وحيد الليلة؟» للمخرج شيبه ون، والذي يدور حول زي مينج، الذي يفر من المشهد عندما تصطدم سيارته في ليلة مظلمة بأحد المشاة، ونجده غير قادر على التخلص من الشعور بالذنب، ليقرر مقابلة زوجة الرجل الميت، السيد ليانج، في هذه الاثناء تم اكتشاف الجثة مثقوبة بالرصاص، حتى يصبح تشين المحقق المسئول مهووسا بالقضية. يتورط الثلاثة في شبكة من الذكريات والأكاذيب أثناء البحث عن الحقيقة.
«الشياطين الخفية»
يمثل فيلم الشياطين الخفية الهندي الوثائقي الذي تبلغ مدته 70 دقيقة أول ظهور لراهول جاين في مهرجان كان كجزء من قسم السينما من أجل المناخ. وفي الفيلم تبحث الشياطين غير المرئية في تأثير تغير المناخ والاحتباس الحرارى والتلوث على حياة سكان نيودلهي. تم البحث عن الفيلم وكتابته في غضون 100 يوم في عام 2018 وتم تصويره أيضا على مدى 100 يوم في العام التالى.
يمثل هذا الظهور الأول لمهرجان «كان» أيضا المرة الأولى التي يشارك فيها المخرج الصاعد في مهرجان دولي. إنه بالتأكيد شخص يجب الانتباه إليه.
وفى فيلمه المؤثر «ريحانة مريم نور» يصور المخرج الهندي عبدالله محمد سعد من بنجلاديش، كيف ينتشر التمييز الجنسي بشكل صارخ في جامعة الطب التي تعمل بها ريحانة الأستاذة المساعدة في كلية الطب حيث تحاول الموازنة بين العمل والحياة كأم عزباء بينما تعتنى بأخيها وأمها المريضة. علمت لاحقا أن أستاذا اعتدى على أحد الطلاب وتحاول تحقيق العدالة.
فيلم الإثارة النفسية يصنع التاريخ بالفعل ــ إنه أول فيلم من بنجلاديش يعرض فى المهرجان المرموق.
على جانب آخر يقدم المهرجان العالمى للأفلام الآسيوية الذي يقام سنويا في لوس انجلوس مجموعة واسعة من أفضل الأفلام السينما الآسيوية ومن أجل زيادة التركيز على ثروة السينما في المنطقة، وتعزيز الصلة بين صناعة السينما الآسيوية وهوليوود.
ضمن التعاون بين الثقافات يتضمن المهرجان أفلام أكثر 50 بلد آسيا: من تركيا حتى اليابان وروسيا والهند والشرق الأوسط. كل الفيلم الذي يشارك في المهرجان له فرصة فريدة لإثبات من قبل أعضاء أكاديمية السينما، وجمعية الصحافة الأجنبية في هوليوود والسينما النقابات الأخرى للتعرض على نطاق أوسع، اهتمام وسائل الاعلام والنظر كمنافس للحصول على الجوائز.