سوليوود «متابعات»
أبرز ما يدعو المشاهد إلى متابعة فيلم «هؤلاء الذين يتمنون موتي» Those Who Wish Me Dead هو اسم أنجلينا جولي على بوستر الفيلم وعناوينه، النجمة الجميلة المعروفة باهتماماتها السياسية والاجتماعية والتي أصبحت مخرجة لعدد من الأفلام الفنية الجادة، والتي لم تزل تحتفظ بمكانتها كنجمة لأفلام هوليوود ضخمة الإنتاج، وفقًا لما ذكره موقع الرؤية.
يبدو فيلم «هؤلاء الذين يتمنون موتي» أقل من اسم أنجلينا جولي، ولكن بالتأكيد هناك أسباب للاستعانة بها وأسباب لموافقتها على المشاركة فيه.
الفيلم من إخراج وكتابة تيلور شيريدان، عن رواية ناجحة بالاسم نفسه لمايكل كوريتا، الذي يشارك في كتابة السيناريو مع شريدان، وشريدان ممثل وكاتب سيناريو ومخرج ومنتج، رشح للأوسكار ولجائزة اتحاد كتاب السيناريو، وبرع في أفلام الأكشن التي تعتمد على المؤثرات الخاصة والمطاردات المثيرة، وهو أحد الأسماء الناشطة في صناعة السينما الأميركية اليوم، التي تعاني من ظروف صعبة مثل كل صناعات السينما.
بجانب اسم شريدان يجمع الفيلم بين مجالين يتعلقان باهتمامات أنجلينا جولي: الأكشن والقضايا الاجتماعية، بالرغم من أن الفيلم يصب جل تركيزه على الأكشن فقط.
يبدأ فيلم «هؤلاء الذين يتمنون موتي» بكابوس ينتاب الشخصية الرئيسية، هانا فابر «أنجلينا جولي»، مجموعة من مطفئي حرائق الغابات يقفزون بالمظلات وسط غابة تشتعل لإنقاذ بعض المحاصرين، ولكن النيران تمتد إليهم وتحرق بعضهم وتكاد تصل إلى ثلاثة أطفال يصرخون.
تنهض هانا فزعة محملة بالشعور بالذنب، ذلك الشعور الذي يحرك الكثير من أبطال هذه الأيام، ويدفعهم إلى اجتراح البطولات والمغامرة بأنفسهم في سبيل الآخرين، وهو ما تفعله بالضبط هانا فابر عندما تخوض هذه المغامرة القاتلة لإنقاذ صبي صغير من مطاردات عصابة شرسة تحاول قتله.
يسير الفيلم في البداية في خطين متوازيين: هانا وعملها في إطفاء الغابات، التي شاركت في عملية انتهت بمصرع زملائها وثلاثة أطفال، والتي تعاني من عدم اتزان نفسي واكتئاب منذ ذلك الحين، وهو ما دفع رؤسائها لنقلها إلى برج مراقبة معزول، ولا تنفك ذكرى الحادث تطاردها.
الخط الثاني يتتبع قاتلين محترفين «أيدن جيلين ونيكولاس هولت في دورين متميزين» يفجران بيت المدعي العام في قضية مهمة يتورط فيها سياسيون وأثرياء كبار، ثم يقومان بتتبع المحاسب القانوني الذي يحتفظ بأدلة تدين هؤلاء المجرمين، وهذا المحاسب يهرب مع ابنه الصغير لمكان بعيد بالقرب من الغابات، حيث إنه قريب لأحد رجال الشرطة، وتبدأ الخيوط في التجمع عندما نعلم أن قريبه هو إيثان «جون بيرنتال» حبيب هانا السابق، الذي يقوم بعزلها في برج المراقبة عقاباً لها على تهورها ومحاولاتها الانتحارية.
يصل القاتلان إلى المحاسب ويطلقان الرصاص بكثافة على سيارته، وقبل أن يموت يعطي ابنه الأدلة ويطلب منه الهرب عبر الغابة، وفي لحظة من لحظات الفلاش باك التي تمر بها هانا وتتذكر مقتل الأطفال الثلاثة يظهر لها الصبي ابن المحاسب، كما لو أنه يقول لها: هذه فرصتك للتكفير والتخلص من شعورك بالذنب.
في هذه اللحظة نكون قد وصلنا إلى ثلث الفيلم بالضبط، حيث يبدأ الفصل الثاني بهروب هانا والصبي من مطاردات القاتلين المخيفين، ومحاولات القاتلين للوصول إليهما، حيث يقومان بحرق الغابة والوصول إلى بيت الشرطي قريب المحاسب بحثًا عن الصبي.
من عناصر الفيلم الجيدة أنه يصنع خطوطًا فرعية تثري الخط الرئيسي ولا يكتفي بالتركيز على بطولة الشخصية الرئيسية، فهناك إيثان وزوجته الحبلى أليسون «السمراء مدينا سينجور» التي تتصدى للقاتلين وتنجح في الهرب منهما، وزوجها رجل الشرطة إيثان الذي لا يستسلم للقاتلين ويحاول مقاومتهما، وكلاهما يؤدي مهمة بطولية ربما تفوق ما تفعله هانا.
يبدأ الفصل الأخير باللقاء المرتقب بين هانا والصبي من ناحية والقاتلين من الناحية الثانية، ويختتم بالمطاردة الطويلة عبر حرائق الغابة التي تستعيد فيها هانا جدارتها وثقتها بنفسها وتتخلص من عقدة الذنب.
إلى جانب التنفيذ الجيد كفيلم أكشن تقليدي، ربما لا يتجاوز درجة المتوسط، يطرح الفيلم بعض القضايا المعاصرة الحية في أذهان الناس، مثل حرائق الغابات التي كانت مثاراً لجدل كبير في أمريكا خلال عهد ترامب، حيث لا يمر عام دون اندلاع بعض الحرائق الهائلة المدمرة.
ومن ناحية ثانية ينتصر الفيلم للنساء، حيث تقوم الشخصيتان النسائيتان بالمهمة الأصعب التي عادة ما تعهد بها الأفلام للرجال، ولعل هاتين النقطتين الأخيرتين هما ما جذب أنجلينا جولي للمشاركة في هذا الفيلم الذي يقل عن قدراتها وحجم نجوميتها كثيراً.