سوليوود «متابعات»
يخوض المخرج أمير رمسيس جولة جديدة بفيلمه الأخير «حظر تجول» بمشاركته في مهرجان شنغهاي السينمائي الدولي خلال الفترة من 11 وحتى 20 يونيو الجاري، الفيلم حصد ٤ جوائز أمس الأول في المهرجان الكاثوليكي للسينما هي: أفضل فيلم، ومخرج، وممثلة، وجائزة الإبداع الفني للفنان كامل الباشا، كما حازت عنه بطلته إلهام شاهين جائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائى، وحصد جائزة الجمهور في مهرجان مالمو للسينما العربية، تحدث عنه مخرجه، كما تحدث عن الجدل الذي أثاره وقت عرضه لتناوله قضية الاعتداء الجنسي على الأطفال في محيط العائلة.
وفي حواره مع صحيفة «المصرى اليوم» كشف أمير رمسيس عن كواليس تقديم فيلمه، مشيرًا إلى رفضه مصطلح السينما النظيفة، لافتًا إلى أن من روجوا لهذا المصطلح لم يهاجموا فيلمه لتقديمه دون مشاهد خادشة للحياء، كما كشف «أمير» عن فيلمه الجديد «ما تخفيه سميرة العايقة» معتبرًا إياه تجربة كوميدية جديدة عليه.. ولأول مرة تحدث عن تجربة إصابته بفيروس كورونا وما أحدثته بداخله من اكتئاب خاصة مع ما فرضه الفيروس من حظر وإغلاق أثرا عليه نفسيًّا.. وإلى نص الحوار:
لنبدأ من جولة جديدة لفيلمك الأخير «حظر تجول» في مهرجان شنغهاي السينمائي.. ماذا عنها؟
– الحقيقة أننى فخور بعرض الفيلم في واحد من أهم مهرجانات آسيا وواحد من المهرجانات الـ15 في العالم المعتمدة من الاتحاد الدولي للمنتجين مع كان وفينيسيا وبرلين ولوكارنو والقاهرة، فهذا هو العرض الثاني للفيلم في أحد تلك المهرجانات، ويندر أن يتحمس أحد تلك المهرجانات لعرض فيلم بعد وجوده بالفعل على منصات المشاهدة.
عرض الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي وغيره من مهرجانات وحصده جوائز مهمة.. ماذا مثل لك؟
– سعدت طبعًا بالجوائز، وكنت أتمنى بشدة أن تنال إلهام شاهين جائزة أفضل ممثلة لأنها في رأيى تستحقها عن جدارة، كما سعدت تحديدا بالحصول على جائزة الجمهور في مهرجان مالمو، والتي تمنح عن طريق التصويت بشكل مستقل تشرف عليه بلدية المدينة، وذلك يعنى الكثير بالنسبة لى أن يتلامس الفيلم مع الجمهور السكندنافي بعاداته ونمط حياته المختلف، إلا أنه في نهاية الأمر بقاء الفيلم واستمراريته لدى الجمهور يعنينى أكثر من الجوائز اللحظية بكثير.
هل ترى أن عرض الأفلام في المهرجانات، وحصدها الجوائز، لا يزال يضع الجمهور أمام المقولة الشائعة «فيلم مهرجانات»، وبالتالي لا يقبل عليه؟
– للأسف هذه المقولة الشائعة لا تخلو من الوجاهة، ربما في مصر ارتبط مصطلح فيلم المهرجانات بسينما الآرت هاوس، فى حين أنه في العالم كله المهرجانات هي وسيلة لتعارف الجمهور بالفيلم، تنزل الأفلام الكبرى في فرنسا مباشرة بعد عرضها في مهرجان «كان»، وتستفيد من النقد وردود الفعل في المهرجان الذي يؤدى لإقبال الجمهور عليها، وربما حصر المهرجانات في نوع أفلام واحد في عالمنا العربي هو سبب تلك المقولة، فهناك أفلام تعرض في المهرجانات هي أفلام مخصصة لجمهور نخبوى بقدر ما هناك أفلام تتلامس مع الجمهور العريض، وأسعى دائمًا لصناعة النوع الثاني.
هل شعرت أن الفيلم ظُلم تجاريًّا حين عرض بالصالات السينمائية؟
– ليس بالضرورة، النزول التجاري كان مغامرة ندرك أبعادها أنا ومنتج الفيلم، وكان لديه الجرأة في فعل ذلك، وكنا مرتبطين بالعرض الحصرى بعد أن اختارته منصة osn كأول فيلم أصلى لها، وكان السؤال: هل نتجه مباشرة للعرض عليها أم نوافق على نزول الفيلم بشكل محدود وفي موسم تبحث قاعات العرض فيه عن أفلام لتشغيلها؟، وكان جزء من واجبنا أن نساهم ولو قليلا في تنشيط الذهاب للسينما في ذلك الوقت الصعب، وهو قرار قدرته كثيرًا للمنتج صفى الدين محمود الذي يفكر في الصناعة بقدر ما يفكر في استفادته المادية.
ما مدى تأثير كورونا على السينما بعد عام ونصف؟
– أعتقد أن السينما فى العالم أجمع أضيرت بشدة وشهدت ضربة سنشهد آثارها لأعوام مقبلة حتى بعد انحسار الموجة.. أفلام مؤجلة.. تراكم أفلام لا تجد فرصة العرض.. شبكات سينمات كبرى تشهر إفلاسها بعد عام ونصف من الإغلاق.. المشهد كله يتغير ولن يعود كما كان قبل أعوام من استقراره.. أو ربما لن يعود أبدًا مع التغير التكنولوجي.. لا أحد يعلم.
وماذا عن هذا التأثير في ظل انتعاش المنصات الرقمية وعرضها الأفلام؟
– أظن أننا نشهد ظاهرة بالرغم من خطرها على القاعات، إلا أنها تشكل نافذة جديدة لصناعة أفلام أصبحت شحيحة الصنع في السينما.. في هوليوود لم يعد يكفى أن يكون اسمك مارتن سكورسيزى وأن يكون في فيلمك روبرت دى نيرو، وآل باتشينو لإيجاد التمويل الكافي من الاستوديوهات..والمنصات بلا شك أصبحت نافذة لصناعة أفلام مهمة ليست «بلوك باستر» بمنطق الحساب المالي وإنما أفلام سيرغب الجمهور في مشاهدتها لسنوات وسنوات، وستحقق مردودها مع الزمن.
كثيرون انقسموا حول المنصات.. البعض يراها أفادت الصناعة وعدم توقفها وأنعشت تقديم الأفلام، خاصة أن بعض أفلام المنصات عرفت طريقها للجوائز الكبرى في العالم.. وآخرون يرونها في سبيلها للقضاء على دور العرض.. فما رأيك؟
– أظن أن للمنصات دورا إيجابيا كبيرا مع بعض التحفظات على تأثيرها على قاعات العرض، وإن كانت بلا شك تتيح لنوع من الأفلام أن يتواجد كما أوردت سابقا.
بشكل شخصي.. كيف أثرت كورونا عليك بعد أن أصبت بها وهل غيرت فترة كورونا أو الإصابة بها شيئًا فى أمير رمسيس؟
– أظن أن كورونا أثرت علىَّ بشكل كبير كان أقل نسبة فيه للإصابة الفعلية.. وفقدت السينما عالميًّا ومحليًّا شخصيات أحبها وأقدرها كثيرا، ولهذا الفيروس اللعين تأثير يكاد يصل لدرجة الاكتئاب لدىَّ.. كما أننى شخص يكره الأماكن المغلقة والبقاء فيها لفترة طويلة والحظر والإغلاق الذي تعرضنا له وضعني في فترة صعبة جدًّا نفسيًّا.. أتنفس ثقافيًّا في السفر للمهرجانات والفعاليات الثقافية وأحيا في متاحف العالم في إجازاتي النادرة.. أن تحرم من هذا لم يكن شيئًا سهلًا.
أمير رمسيس أفلامه لها طريق صعب للعثور على منتج لها بحكم تصريح سابق لك في مهرجان القاهرة السينمائى.. فهل عانى «حظر تجول» من هذا الأمر؟
– بالعكس، إننى محظوظ في العثور على منتجين بدليل عدد الأفلام المرتفع في رأيى (٦ أفلام روائية طويلة وفيلمان تسجيليان طويلان بخلاف الأفلام القصيرة في ١٥ عاما بالإضافة لمسلسل مغربي)، ولم أعان في إيجاد منتج فقد تحمس المنتج الصديق المغامر صفى الدين محمود فورا للفيلم فور قراءته وسخر له كافة إمكانياته لكي يخرج للنور بأفضل شكل.. كانت تجربة رائعة إنتاجيا، وأظن أنني أطمح لأن يكون كل من أعمل معهم في المستقبل من منتجين في تفانى «صفى» وحبه للصناعة.
ماذا عن التعاون مع النجمة إلهام شاهين خلال الفيلم؟
– تحمست إلهام فى البداية للفيلم لدرجة أنها عرضت أن تكون شريكة في إنتاجه، وهو ما لم أرغب فيه.. فلا أحبذ أن يكون ممثل أمام الكاميرا منشغلًا بشىء آخر غير التمثيل لأن الإنتاج ليس مجرد تمويل وإنما مهنة شاقة واتفقنا على أننى أريدها ممثلة فقط مع كامل تقديري وحماسي للأعمال التي أنتجتها وكانت مغامرة جدا في اختيارها لها مثل «خلطة فوزية» و«يوم للستات»، هي تنتج بروح الممثلة التي تحب السينما الجميلة وتمثل بروح المنتجة التي تخاف على العمل كله وليس مجرد دورها، أما عن التعامل معها كممثلة فهى بلا شك كانت تجربة خصبة وخلابة.. جرأتها في تقديم الشخصية وفي الشكل الذي خرجت به.. هذا الشغف بالتفاصيل والأسئلة والاقتراحات الدائمة.. حين تدخل إلهام شاهين في تجربة تمثيل لا يعنيها صورتها المجتمعية أو التفاصيل الخاصة بشكل إلهام نفسها لدى الجمهور لكن فقط الشخصية، وهي صفة أصبحت نادرة في الممثلين حاليًّا.
وماذا عن الفنانة أمينة خليل في دور الابنة؟ وفكرة العمل مع جيلين مختلفين من النجمات؟
– العمل مع الأجيال فرضته طبيعة السيناريو، أما عن أمينة فهو تعاملنا الثاني بعد تجربة محدودة في فيلم «خانة اليك»، وإن كنت أجد متعة كبيرة في العمل معها.. هي ممثلة تستمع لك بتركيز شديد عندها القدرة على التفاعل مع الشخصية من أكثر من مدخل بذكاء شديد ودون أفكار مسبقة.. كنت أرغب بشدة في تكرار التجربة الخصبة في التعاون معها.
في «حظر تجول»، اخترت أن تعود سنوات قليلا إلى الوراء.. ما الذي أردت أن ترويه خلاله؟
– أعتقد أن قضية الاعتداء الجنسي على الأطفال في محيط العائلة والصمت المجتمعي المحيط بها كانت ظاهرة متكررة جدًّا حين بدأت في كتابة الفيلم، وكان هذا الصمت مخيفًا بالنسبة لي وجرمًا لا يقل عن الفعل نفسه.. شعرت باحتياج خاص لطرح المسكوت عنه في تلك القضية.
أثار الفيلم جدلًا كبيرًا وقت عرضه حول تناوله قضية الاعتداء الجنسي العائلي.. فهل ترى أن كل الانفتاح الذي نشهده عبر السوشيال ميديا وغيرها، لا يزال مغلقًا على تناول قضايا شائكة في السينما التي سبق أن تناولت قضايا مثل الاغتصاب؟
– مع كل الانفتاح الذي نشهده لا يزال المجتمع المصري منغلقًا على أكثر من مستوى، وفي الحقيقة هذا الانغلاق هو جزء من أزمته.. كم من عائلة تفضل الصمت عن حالة اغتصاب في مواجهة «فضح المجنى عليه» كما يفكرون.. هل التعامل مع مغتصبة يجب أن يشوبه إحساس بالعار أكثر من شخص مقتول مثلًا؟ لا أستطيع فهم هذا التصنيف للجرائم.. أظن أننا لابد أن ننفتح أكثر على جراحنا حتى تلتئم.
باعتبارك لست من دعاة «السينما النظيفة» كما يصفها البعض.. هل ترى أن أنصار تلك السينما وراء الهجوم على تناول «حظر تجول» لقضية الاعتداء العائلي والترويج بأنه يتناول زنا المحارم؟
– بالعكس كانت هناك حالة تقدير للفيلم لأنه «بمفهومهم» لم يخدش الحياء، وهو ما أثار استغرابي.. لا يوجد في العالم أجمع من يتوقع أن يتم تصوير مشهد للتحرش الجسدي بطفلة حرصًا على السلامة النفسية للممثلة بعكس الممثلة البالغة مثلًا.. لا أظن دعاة السينما النظيفة هاجموا الفيلم وإن كان منطقهم في الدفاع عنه مستغربًا لي.. لا أظن أننى أصنع فيلمًا جيدًا لأنه لا يحتوى مشاهد خادشة لأنها كانت ضرورة أخلاقية نظرًا لسن الممثلة ألا أفعل ذلك، ولا أظن أن الأفلام التي تحتوى مشاهد جريئة هي أفلام سيئة.
الحقيقة أن المجتمع فقد الكثير من قبوله الاختلاف في ذلك بسبب سنوات من تجريف الثقافة المصرية على يد البترو دولار جعلت مما كنا نتقبله في أفلام الستينيات والسبعينيات غريبًا على أجيال تربت في ظروف مختلفة.
هل توقعت تحركًا ما من الجهات المعنية بقضايا التحرش لدعم الفيلم؟ وهل حدث ذلك على أرض الواقع؟
– لم أتوقعه بشكل مباشر.. اهتمت عدة مؤسسات بالفيلم بالفعل وحضر العرض الخاص للفيلم عدد من ممثلى تلك المؤسسات.. وأبدوا إعجابهم به.
هل يمكن أن نراك مخرجًا للدراما التليفزيونية وتقديم مسلسل في موسم رمضان من 30 حلقة؟
– أظن أننى أميل للمسلسلات القصيرة والتي تناسب الجمهور بشكل أكبر حاليًّا.
بعين المخرج والمتفرج.. كيف رأيت الموسم الدرامي الماضي؟
– استمتعت بعدد كبير من الأعمال على رأسها «لعبة نيوتن» لتامر محسن الذي يرسم بصمة مختلفة جدًّا في الصناعة.. واللافت لي في الأعمال التي استمتعت بها وتلك التى لم أستمتع بها هو هذا العدد الكبير من المواهب الموجودة على مستوى التمثيل والصورة والكتابة.. انبهرت بممثلين أراهم لأول مرة ومديري تصوير لم أسمع عنهم من قبل.. وأعتقد أن هناك نبع مواهب تفجر هذا العام بالذات.
فيلمك «عن يهود مصر» حقق نجاحًا وإشادات كبيرة.. متى تعود للأعمال الوثائقية؟ وهل من مشروع قريب؟
– ليس لدىَّ مشروع وثائقي حالي وإن كنت شغوفًا بالسينما التسجيلية وأتمنى العودة لها من وقت لآخر.. حسب توافر الموضوع.. «عن يهود مصر» كان لابد أن يكون تسجيليًّا لحساسية موضوعه ولأنه فيلم كان سيتصادم بشدة مع مفاهيم مسبقة للمجتمع ولهذا لم تكن هناك مساحة للخيال الروائي فيه.
أي من المشروعات والأحلام السينمائية تطاردك لتقديمها الفترة المقبلة؟
– ما زلت أحلم برواية وجيه غالي «بيرة في نادى البلياردو» وهي إحدى الروايات التي نالت إعجابًا عالميًّا لعقود من الزمن.. رواية بها سرد روائي وسينمائي بديع، ولكن ربما الحديث عن صناعة فيلم تدور أحداثه في الخمسينيات في مصر وإنجلترا هو حلم صعب التنفيذ في شكل الإنتاج الحالي في السينما المصرية.
تجهز لمشروع كوميدى قريبًا.. فماذا عنه؟
– هو فيلم بعنوان «ما تخفيه سميرة العايقة» من تأليف المؤلف الموهوب هيثم دبور، وأظن أنه تجربة كوميدية جديدة الشكل بالنسبة لي.