سوليوود «متابعات»
على منصة «شاهد VIP» بدأ عرض 4 أفلام سعودية قصيرة حديثة حاصلة على جوائز من إخراج وتأليف شباب صغار هم جزء من حركة سينمائية نشطة يكتبون من خلالها فصلاً جديداً من تاريخ السينما السعودية، وتشكل بانوراما يمكن من خلالها التعرف على فن هؤلاء الشباب وأفكارهم.
أول هذه الأفلام هو «خمسون ألف صورة» إخراج وتأليف عبدالجليل الناصر، وتمثيل ناصر المبارك، تركي الجلال وسناء يونس، الذي حصل على جائزة أفضل فيلم خليجي في مهرجان «الشارقة» السينمائي الدولي الأخير، وهو يروي في 19 دقيقة قصة رجل يبحث عن صورة لأبيه الذي توفي وعمره عام، ولم تحتفظ الأم أو الأسرة بأية صورة له بسبب ظاهرة تحريم الصور الفوتوغرافية التي انتشرت خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ودفعت الكثير من الأسر للتخلص من الصور الفوتوغرافية العائلية، ما نتج عنه مجيء أجيال ليس لديها صور لآبائهم وأجدادهم!
يذهب الشاب للبحث عن صورة لأبيه الذي لا يعرف شكله لدى مصور فوتوغرافي عجوز من أهل الحي، حول بيته إلى ما يشبه المتحف، ولكنه بدلاً من العثور على صورة أبيه يكتشف كنزاً من الذكريات والمشاعر.
يرصد الفيلم حالة من الحنين المغلف بالأسى للزمن القديم، من خلال مئات الصور المعلقة على الحوائط لعائلات وأفراد كبار وصغار، ويدور حوار متواصل بينه والمصور العجوز، يتناول الفارق بين الصورة والحياة، ومدى أهمية الصور في تقوية الروابط بين الماضي والحاضر، وحفظ الهوية، بشرط ألا يعتبرها المرء بديلاً عن الحياة نفسها، كما يتطرق الحوار لما حدث في البلاد من تحريم وتشدد مبالغ فيه أدى إلى ضياع أرشيف حقبة بأكملها، وفي مقارنة ساخرة يشير الفيلم إلى أن الشباب الآن لا يكفون عن تصوير أنفسهم والآخرين عن طريق الهاتف الجوال، فيما لا يملك بعضهم صورة لأبويه أو كبار العائلة!
جدير بالذكر أن الفيلم حصل على دعم من برنامج «أيام الفيلم السعودي» الذي يقدمه مركز الملك عبدالعزيز الثقافي (إثراء).
من بين الأفلام الأربعة التي بدأت في عرضها «شاهد» 3 أفلام من صنع مخرجات شابات، وهو ما يبين الدور الكبير الذي تلعبه النساء في هذه الحركة السينمائية والنهضة الفنية والثقافية الجديدة.
وبحسب صحيفة الرؤية أول الأفلام الثلاثة هو «بسطة» للمخرجة هند الفهاد، الذي حصل على جائزة أفضل فيلم خليجي قصير من مهرجان «دبي» 2015 وجائزة أفضل فيلم روائي قصير في مهرجان «الشباب للأفلام» في جدة 2016، وهو يدور حول «البساطات»، أي النساء اللواتي يفترشن الطريق ويبسطن بعض البضائع الصغيرة التي غالباً ما يصنعهن في المنزل، للبيع.
الفيلم الذي يشارك في بطولته المخضرمان سناء بكر يونس وإبراهيم الحساوي يدور حول شخصية أم سالم، السيدة المسنة التي تعيش مع ابنها بمفردهما، وتضطر للعمل لإعالة نفسها وابنها بالتردد على سوق شعبي لبيع بعض المنتجات المنزلية التي تقوم بصنعها أو شرائها، وتواجه صعوبة الحياة في السوق من منافسات زميلاتها إلى طمع الرجال فيها.
يشدد الفيلم على المواقف الدرامية والأزمة التي تعانيها أم سالم، ولكن يطرح أفكاره بهدوء ويقدم قصته بشكل واقعي دون مبالغات، وبنوع من التلميح لا التصريح.
إذا كان «بسطة» يتناول موضوع عمل المرأة، من خلال التركيز على الظروف التي قد تضطر بعض النساء للخروج من البيت رغم إرادتهن، فإن فيلم «كيكة زينة» يتناول وجهاً آخر للموضوع.
زينة شابة صغيرة تعيش مع أبيها بعد وفاة والدتها، تخرجت في الجامعة حديثاً، وهي موهوبة في الطبخ، خاصة عمل الحلويات والكعك، وحلم حياتها أن تعمل ويصبح لها كيان مستقل وليس مجرد تابعة لأبيها أو زوجها، وعلى عكس أم سالم التي تضطر للعمل، فإن زينة ليست مضطرة ولكنها ترغب في ذلك أكثر من أي شيء آخر، وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي تقوم بالإعلان عن منتجاتها وتستعين بأحد الشباب ليقوم بتوصيل حلوياتها إلى من يطلب، وبمرور الوقت يتبادل الاثنان الحب، ولكنها لا تجرؤ على البوح لأبيها بما تفعله، إلى أن يكتشف ذلك بالصدفة وتكاد تقع مأساة.
لا يتخذ الفيلم موقفا ًمنحازاً، أو معادياً، لبطلته. قد يتعاطف بالطبع مع رغبتها في العمل والحب، ولكنه لا يتعاطف مع جبنها وإخفائها لحقيقة الأمر عن أبيها. يحاول الفيلم أيضاً أن يبث التفاؤل والشجاعة لدى الجيل الصغير، من خلال نهايته السعيدة.
«كيكة زينة» حصل على جائزة أفضل فيلم خليجي من مهرجان «الشارقة» 2017، وهو من إخراج ندى المجددي، وبطولة سارة طيبة، عبدالإله القرشي وياسر حماد ومدة عرضه 17 دقيقة.
آخر الأفلام الأربعة هو «شأغنية البجعة» إخراج هناء العمير وبطولة السوري أسامة القس، عن مسرحية الروسي أنطون تشيكوف، وهو أشبه بمونودراما (مسرحية قصيرة من بطولة ممثل واحد) سينمائية، حيث يقوم البطل، وهو ممثل مسرح متوسط العمر، بأداء أحد أعمال الأديب الروسي أنطون تشيكوف داخل قبو مبنى قديم حوله إلى ما يشبه المسرح، ومن خلال النص نعرف أنه يعشق التمثيل وأنه فقد حبيبته وأشياء كثيرة أخرى بسبب هذا العشق للفن، وأنه يضطر للعمل كمدرس رياضيات في الخارج، بينما يلجأ للقبو لممارسة عشق حياته.
يبرز في الفيلم عنصر التمثيل الأشبه بالعزف المنفرد من قبل أسامة القس، ولكن يلفت النظر أيضاً بعناصره السينمائية مثل حركة الكاميرا والزوايا التي تتخذها وكيفية التعبير بالألوان والديكور والتكوينات البصرية الخاصة، التي تختلف بالطبع عن المسرح الذي يقتصر على زاوية وحجم واحد للقطة. ولذلك فرغم الطبيعة المسرحية للنص، إلا أنه عمل سينمائي بامتياز.