سوليوود «خاص»
كُتبت له الريادة فكان عليه ترك الوظيفة الحكومية، والاتجاه نحو القاهرة لدراسة الفنون المسرحية، احتل مكانته في قلوب الجماهير بشخصية «أبو مسامح»، وخطف لقب «عرّاب الكوميديا»، وصار واجهة فنية لجيل الريادة المتعدد المواهب.
لم يكن مشوار «محمد المفرح» الذي نشأ وترعرع بمدينة الزلفي عام 1945م، مشوارًا عاديًا في مختلف محطات حياته، فقد كان ذو تأثير وبصمة في مسيرة الدراما والمسرح بالسعودية، حيث صبغها بألوان فريدة من فكره وفنه، كما كان من أوائل المنتجين للأعمال السعودية، ابتداءً من التمثيل واقتحام الإنتاج وصولًا لاحتراف التأليف والإخراج.
عُرف عنه حبه للتلفاز منذ الطفولة فاقتناه منذ زمن مبكر، وأحب الفن وتعلق به حتى قرر ذات يوم ترك الوظيفة الحكومية في مكتب وزير الصحة، وكانت تلك تضحية و مجازفة منه في سبيل شغفه وهوايته، فتوجه إلى مجال الإذاعة والتلفزيون، بعد حصوله على دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية في مصر.
انطلقت مسيرة الفنان «محمد المفرح» من الإذاعة عام 1964م، كمقدم للكثير من البرامج الشعبية مثل برنامج «زين وشين»، وبرنامج «مساكم الله بالخير» من إخراج «عبدالرحمن المقرن» مع الفنان «سعد خضر».
واشتهر المفرح بكنية «أبو مسامح» والتي تعود إلى الشخصية التلفزيونية التي قدمها لأول مرة، في برنامج «أبيض وأسود» الإذاعي من تأليف «أحمد السليم»، وقد استمر بتلك الشخصية بالبرنامج لعامان، وحينما توجه «المفرح» إلى التلفزيون حاول تغيير الكنية واستبدالها، لكنه تفاجأ بتمسك الجمهور بها فأبقاها، فأصبحت مقترنة به طوال مشواره الفني.
احتلّ «المفرح» مكانة عالية في المجال الفني، فقد قدم أعماله مع الرعيل الأول من المخرجين المخضرمين أمثال: منذر النفوري، بشير مرديني، نبيل عامر، سعد الفريح، سليمان الثنيان، محمد الضراب، طلال عشقي، إبراهيم الحمدان.
واستطاع المفرح بموهبته تقديم أكثر من 28 عملًا دراميًا، منها مسلسل «سكرتير في البيت» عام 1970، من إنتاج التلفزيون السعودي، ومن بطولة «سعد خضر» و«هالة نيازي» وعدد من النجوم، كما شارك «المفرح» في أول مسلسل عُرض في التلفزيون الملون وهو «حامض حلو» مع قروب «دريد لحام» كمنفذ للقناة السعودية، كما أبدع في سهرات «أبو مسامح أيام زمان»، وشارك في العديد من المسلسلات مثل: «دروب»، «طاش ما طاش»، «ألم وحرمان»، «حكاية مثل»، «شمعة تحترق»، «الجفاف يقتل الندى»، «الشاطر حسن»، «أيام لا تنسى»، «فارس من الجنوب»، «طالع نازل»، «أبو مسامح في فندق السامرين»، «الساكنات في قلوبنا».
قاده الشغف الفني للتميز في الفن والدراما حتى صار كان من أبرز مؤسسيها على المستوى المحلي، وصار متطلعًا للمزيد في عالم الشهرة والأضواء التي استحقها عن جدارة بعد الكثير من الأعمال الدرامية، التي شارك فيها على الصعيدين المحلي والعربي، وكان صاحب مدرسة فنية متميزة مثله مثل العديد من الأسماء اللامعة في جيله كـ«عبدالرحمن الخطيب»، «سعد خضر»، «علي المدفع»، «عبدالعزيز الحماد».
سجل «المفرح» حضوره الأول على المسرح من خلال مسرحية «طبيب في المشعاب» وهي أول مسرحية تعرض في الرياض، من تأليف إبراهيم الحمدان، وشاركه في البطولة محمد العلي، عبدالرحمن الخطيب، محمد الطويان، وقدم مسرحية «بخور كوالالمبور» وشاركه في البطولة الفنان عبدالعزيز الحماد، وعلي الهويريني، وهي من تأليفه، ومن إخراج سمعان الصافي، كما قدم مسرحية «المحسن»، ومسرحية «طار الطبل» من تأليفه وبطولته، وشاركه فيها عبدالله الزهراني، محمد القس، سليمان الفلاح، محمد الفهادي.
بات «محمد المفرح» فقيد الساحة الفنية بعدما وافاه الأجل المحتوم في 23 يناير 2018م، وذلك إثر ألم حاد ومفاجئ في الكبد والرئة، فنعاه الأصدقاء حزن لفراقه الجمهور ودعا له محبوه من مختلف الأرجاء.