لحم الغزال صحي جداً للبشر فهو أعلى من اللحم البقري في قيمته الغذائية، وأقل منه في الدهون والكوليسترول، فهل كان مسلسل «لحم غزال» هو أيضاً الأهم بين مسلسلات رمضان أم أن العكس هو الصحيح؟ إجابتي أن العكس قطعاً هو الصحيح، بحسب ما نشره موقع سكاي نيوز عربية.
هل تتذكرون لعبة «السلم والثعبان»؟! حياة النجوم وعلاقتهم بالجمهور في جزء منها ستجد أنها تنويعة على تلك اللعبة التي كنا نمارسها في طفولتنا طبعا أطفال هذا الجيل لا يعرفونها قد يأتي سلم يرفع الفنان في لحظة إلى أعلى نقطة، وربما بعد أن يستقر على القمة تناله لدغة ثعبان تهبط به بدون أن يسمي عليه أحد، إلى سابع أرض.. أقصد إلى أسفل الرقعة.
تستطيع أن تتابع الفنان وهو يتعامل مع النجاح، لتدرك هل سيواصل الصعود أم أنه عرضه للتعثر؟ هل استطاع أن يستوعب تصفيق الناس أم أسكره إقبال الجمهور وتهافت شركات الإنتاج؟
نجحت فعلاً غادة عبد الرازق في أن تُصبح رقماً في الدراما وذلك منذ العام 2009، إلا أنها لم تعرف كيف تحافظ على تلك المكانة التي حققتها على الشاشة الصغيرة، وتعثرت.. أرادت أن تصبح نجمة جماهيرية سينمائية، وهذا لم يتحقق فالسينما لها قانون آخر، وبددت طاقتها في معارك خاسرة، ولم تقتنع أن لكل فنان «ميديا» يتألق فيها، وأن الجمع بين أكثر من مجال هو الاستثناء، وأنها ليست من الاستثناءات.
لم تحافظ كثيراً على مكانتها التي حققتها على الشاشة الصغيرة، بعد أن كان اسمها له قيمته التسويقية في البيع للفضائيات، إلا أنها لم تدرك كيف تحافظ عليه، واكب هذا التوقيت ظهور جيل آخر من النجمات أمثال نيللي كريم ومنة شلبي، بدأ يُشكل خطراً عليها، محققاً ترحيب نقدي وجماهيري، بينما كانت غادة تنال فقط الترحيب الجماهيري، إلا أن الأرقام لم تواصل تأييدها لها، وبدأت قبل سنوات رحلة التعثر.
عندما سألها مقدم البرنامج في «سكاي نيوز عربية» قبل أيام قليلة من بداية شهر رمضان عن مسلسلها القادم؟ جاءت إجابتها غير مشجعة على الإطلاق، وقالت القصة ليست جديدة، ولا تحوي مفاجآت، ولكني أسعى من خلالها أن أستعيد مرة أخرى الأجواء الشعبية، التي نجحت فيها.
وهكذا كررت التجربة مع الكاتب إياد إبراهيم في «لحم غزال» للمخرج محمد أسامة، بعد أن شاهدناها تقريباً في أجواء مشابهة في العام الماضي، مع نفس الكاتب في «سلطانة المعز».
هل من الممكن أن تعود إلى زمن قديم وتستعيد نفس النجاح؟ ليتها تأخذ بنصيحة الست «أم كلثوم» في رائعتها «فات الميعاد» عندما قالت بكلمات مرسي جميل عزيز وتلحين بليغ حمدي: «وعايزنا نرجع زي زمان.. قول للزمان ارجع يا زمان .. وهات لي قلب لا داب ولا حب، ولا انجرح ولا شاف حرمان» أي أنه المستحيل.
أول قواعد بقاء الفنان داخل الملعب، أن يطوي سريعاً صفحة الماضي، ليبدأ صفحة جديدة.
في 2009 مع مسلسل «الباطنية» قصة إسماعيل ولي الدين وسيناريو مصطفي محرم، وكان معها العملاق صلاح السعدني، حققت نجاحاً طاغياً. الفيلم الذي عرض عام 1980 كان أيضاً قد حطم كل الإيرادات التي سبقته.
«الباطنية» هو الحي الأشهر في بيع المخدرات، ولم تخف غادة أبداً رغبتها في أن تستعيد مجد نادية الجندي السينمائي ولكن على الشاشة الصغيرة.
وبعد ذلك في 2010 قررت أن تقدم الوجه الأنثوي للحاج متولي، وهو واحد من أكثر المسلسلات التي حظيت بنجاح شعبي ولا يزال، ولعب بطولته نور الشريف وشاركت فيه أيضاً غادة في دور واحدة من زوجات الحاج متولي.
وكتب لها مصطفي محرم مؤلف «الحاج متولي» أيضاً «زهرة وأزواجها الخمسة»، ونجح المسلسل في تحقيق كثافة مشاهدة، ووصلت إلى ذروة جماهيرية أعلى، ثم قدمت بنجاح أقل وفي نفس الأجواء الشعبية «سمارة» المأخوذ عن فيلم قديم شهير بطولة تحية كاريوكا .
ثم غيرت البوصلة في مسلسلات مثل «مع سبق الإصرار» و«حكاية حياة» و«السيدة الأولى» و«الكابوس» و«الخانكة»، أول مسلسلان فقط حققا نجاحاً ملحوظاً، بعدها بدأ التراجع الجماهيري، وواكبهما معارك ومشاكل، ودائماً ما تنشط الآلة الإعلامية، التي تعمل لحسابها لتؤكد أنها لا تزال «نمبر وان».
ما الذي قدمته في «لحم غزال» برغم تعدد النيولوك الذي تقدمه للجمهور؟ أكثر من مرة تنتقل بين البيئة الشعبية التي تجري فيها الأجواء أو القسط الأكبر منها، لترتدي أحدث موضة وباروكة على طريقة الفنانة والإعلامية مايا دياب، وكأنها تستنسخها، هي تريد استعادة مكانتها المفقودة على الخريطة، ولكن كل ما تملكه من أسلحة تبدو «فشنك».
تقف غادة عبد الرازق حالياً على رمال متحركة، إذا أرادت النجاة عليها أولاً مراعاة فروق التوقيت، لتدرك أن الزمان لا يعود، لن تنتصر أبداً في معركة استعادة الوجود لو لم تطوي تماماً الماضي، وتبدأ صفحة جديدة، ومن أول السطر.