سوليوود «متابعات»
استبق عدد من القنوات الفضائية عرض نخبة من المسلسلات الدينية والتاريخية القديمة، وهو المشهد الذي استمر لدى بعضها، مع استهلال الموسم الدرامي، معتمدة على مخزونها من الأعمال القديمة، ومن أبرزها مسلسل عمر بن عبدالعزيز، الذي تم إنتاجه عام 1995، ومسلسل «صدق وعده» الذي تم بثه لأول مرة في الموسم الرمضاني عام 2009، وغيرها من المسلسلات الأقدم والأحدث، لتعويض المشاهدين عن غياب وتضاؤل حضور هذا النوع من الدراما، الذي ظل بمثابة الغائب الحاضر، لدى معظم الفضائياتن في مارثون دراما رمضان، في الموسم الجاري.
وحدد النقاد لـصحيفة الرؤية عدداً من المشكلات التي تعاني منها الدراما الدينية أولها النقاط الخلافية في الدين التي من الممكن أن تتسبب في الهجوم على المسلسل، وبالتالي خسارة جهة الإنتاج، بالإضافة إلى ضخامة الإنتاج، وهو ما يجعل الشركات الخاصة تحجم عن إنتاج الدراما الدينية، وخروج بعض المؤسسات الإعلامية العربية من سوق الإنتاج.
خلط في الإنتاج
يري الناقد الفني مصطفى الكيلاني أن هناك خلطاً في الإنتاج بين المسلسلات التاريخية والدينية، فأغلب المسلسلات التي يتم التعامل معها على أنها دراما دينية مثل مسلسل «عمر» أو غيرها، هي بالأساس مسلسلات تاريخية تؤرخ لفترة من التاريخ الإسلامي وقد تحتوي على حكم أو مواقف دينية.
وأضاف الكيلاني أن هناك إحجاماً عن إنتاج المسلسلات الدينية، لأن أسلوب إنتاج المسلسلات الذي يعتمد على العمل لمدة 3 أشهر بصورة مكثفة لا يصلح مع المسلسلات الدينية أو التاريخية، التي تحتاج إلى عمل مكثف على مدار عام كامل أو أكثر، ليخرج العمل بصورة جيدة. كما أن الأزمة الأساسية لهذا النوع من الدراما تكمن في النقاط الخلافية.
وتابع: مثلاً مسلسل «الاختيار» شهد لغطاً بصورة كبيرة بسبب الجزء المتعلق بالفقيه ابن تيمية، رغم أن المسلسل ليس دينياً، ولذلك على مؤلفي المسلسلات الدينية الابتعاد عن كل النقاط الخلافية في الدين، خاصة مع سيطرة التيارات الدينية على المجتمعات العربية لفترات طويلة، ما يجعل الجمهور المتلقي يصطدم مع أي محتوى يخالف قناعات هذه التيارات حتى لو كانت المعالجة مع صحيح الدين.
وأوضح الكيلاني أن غياب قطاع التلفزيون المصري، على سبيل المثال، عن سوق الإنتاج منذ عدة سنوات، وضخامة إنتاج المسلسلات الدينية التي تحتاج لديكورات مختلفة ومجاميع ضخمة، وصعوبة التوزيع أحياناً، هو ما يجعل القطاع الخاص يحجم عن إنتاج المسلسلات الدينية.
حسابات الربح
ترى الفنانة المصرية مديحة حمدي إحدى أشهر الفنانات اللاتي شاركن في أعمال دينية، أن اهتمام القطاع الخاص بالربح فقط، وبالتالي فإن الدراما الدينية لا توجد على خريطة القطاع الخاص.
وتضيف مديحة أن عودة المسلسلات الدينية لها دور في تهذيب الشباب، وهو ما يحتاجه المجتمع حالياً بعد سنوات من دراما المخدرات والأسلحة والألفاظ البذيئة، مشددة على ضرورة عودة قطاع التليفزيون الرسمي، للإنتاج مرة أخرى لتعود الدراما الدينية مرة أخرى للساحة.
وتوضح حمدي أن المسلسلات الدينية ليست فقط تلك التي تتناول أحداثاً تاريخية دينية، وإنما يمكن أن يكون مسلسلاً اجتماعياً ويقدم رؤية دينية تستند على أحكام الدين.
ضخامة الإنتاج
أفادت الناقدة فايزة هنداوي بأن غياب الجهات الرسمية عن الإنتاج جعل المسلسلات الدينية والتاريخية تغيب عن الساحة لأن الدراما الدينية والتاريخية تحتاج إلى إنتاج ضخم يوازي إنتاج 4 أو 5 مسلسلات أخرى، وهو ما لا يتوفر للشركات الصغيرة. أما الشركات الكبيرة فتفضل إنتاج أكثر من مسلسل بدلاً من إنتاج مسلسل واحد، يمكن أن يفشل في توزيعه لسبب أو لآخر.
وأضافت سبباً آخر لغياب الدين عن الدراما وهو الخوف من الجمهور، مشيرة إلى أن شركات الإنتاج تتخوف من إنتاج مسلسل يقدم رؤية دينية مخالفة لما فرضته التيارات الدينية لسنوات طويلة، وهو ما يعني هجوماً قد يتسبب في إيقاف المسلسل أو على أقل تقدير عدم بيعه للعرض الثاني أو إذاعته مرة أخرى، وهو ما حدث مع مسلسلات كثيرة لأن الجمهور رفضها، مشيرة إلى أن مؤلف المسلسلات الدينية أو التاريخية يسير على حد السيف، خوفاً من الجمهور.