سوليوود «متابعات»
من القصر الكبير في مسلسل «قصر النيل»، إلى مشاهد اعتصام رابعة العدوية في مسلسل «الاختيار 2»، وأسراب النحل وهي تغطي وجه أحد ممثلي مسلسل «لعبة نيوتن»، تظهر المؤثرات البصرية كبطل أساسي في دراما رمضان، لإضفاء مزيد من الواقعية على المشاهد، وتقدم محاكاة شبه واقعية لأحداث تاريخية مضت، أو لمعارك حربية وانفجارات، أو حتى حركة حشرات وحيوانات، فلم تذهب الفنانة منى زكي، بطلة مسلسل «لعبة نيوتن»، إلى أحد المطارات الأميركية لتصوير مشاهد الحلقة الأولى، ولم يسافر فريق عمل مسلسل «القاهرة – كابول» إلى أفغانستان.
وبحسب الشرق الأوسط يعد مشهد النحل وهو يغطي وجه «شاهين» الذي يلعب دوره الممثل أحمد طلعت، في مسلسل «لعبة نيوتن»، متسبباً في موته، أحد المشاهد التي أثارت جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو أحد أصعب المشاهد في المسلسل وفقاً لـمحمد طنطاوي، مشرف عام مؤثرات بصرية، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «صناعة النحل رقمياً استغرقت عدة أشهر لدراسة حركة النحل، وخلقها رقمياً وفقاً للشكل المطلوب»، مشيراً إلى أن «مشاهد المطار في الحلقة الأولى تم بناؤها رقمياً، في محاكاة لمطار توم برادلي، حيث صوِّرت المشاهد على كروما على بُعد مترين».
في مسلسل «قصر النيل» بطولة الفنانة دينا الشربيني، يظهر قصر كبير يعود لفترة الخمسينات من القرن الماضي، وهو القصر الذي تساءل البعض عن مكان وجوده، ليتضح أن القصر غير موجود في الحقيقة.
ويقول محمد عطوة، مسؤول إنتاج مؤثرات بصرية لـ«الشرق الأوسط» إن «القصر تم بناؤه رقمياً، وتركيبه على المشاهد التي صوّرها مخرج العمل بكروما»، مشيراً إلى أن «معظم القصور من تلك الفترة إما تحولت لمتاحف أو تم إهمالها، لذلك كان من الصعب إيجاد قصر حقيقي محتفظ بنفس شكله ورونقه من الخمسينات».
أما المشاهد الخارجية في مسلسل «القاهرة – كابول» فتم تصويرها في مدينة الغردقة المصرية على ساحل البحر الأحمر، وأُضيفت الجبال التي تكسوها الثلوج بشكل رقمي حتى تعطي انطباعاً للجمهور بأن الأحداث تدور في أفغانستان، كما أُضيفت الدبابات والسيارات الأميركية إلى مشهد انفجار المعسكر الأميركي، وفقاً لعطوة.
ويعد الزمن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه القائمين على تنفيذ المؤثرات البصرية، وهو ما حدث في مسلسل «الاختيار 2»، الذي تدور أحداثه في الفترة الزمنية من 2013 حتى 2019. ويقول طنطاوي إن «المشاهد الخارجية كانت تحدياً كبيراً من حيث كم التفاصيل والأشياء التي تجب معالجتها بصرياً، فعلى سبيل المثال تم تغيير الإعلانات التي تظهر في بعض المشاهد بإعلانات من الفترة الزمنية التي يحكي عنها المسلسل، وحذف أي سيارة يعود تاريخ إنتاجها لما بعد هذه الفترة، وحذف الملصق الإلكتروني الموجود على السيارات الآن لأنه شيء حديث لم يكن موجوداً في السابق».
وربما تكون إعادة بناء حي مدينة نصر رقمياً من بين المشاهد التي استغرقت وقتاً ومجهوداً في مسلسل «الاختيار 2»، حيث تمت مراجعة الفيديوهات القديمة التي تعود إلى تلك الفترة عام 2013 لمعرفة شكل الحي والمباني المحيطة بميدان رابعة العدوية، وبنائها رقمياً وإضافتها إلى المشاهد التي صوِّرت في منطقة شبه صحراوية، وفقاً لطنطاوي، إضافة إلى «معالجة مشاهد الأكشن التي تتضمن إطلاق أعيرة نارية، وانفجارات وقنابل مسيلة للدموع، بإضافة النيران إلى المشهد حتى يبدو واقعياً»، على حد قوله.
ولا يقتصر الأمر على مشاهد الانفجارات والأكشن والأحداث التاريخية بل أيضاً يمكن من خلال هذه الخدع تصغير سن الممثلين، وهو ما حدث في مشاهد الفلاش باك في مسلسل «القاهرة – كابول» التي تضم الفنان طارق لطفي، والفنانة حنان مطاوع، فكانت الخدع البصرية بديلاً عن الماكياج في تصغير ملامح الشخصيات.
لا يقتصر تنفيذ الخدع البصرية على الجلوس أمام شاشة الكومبيوتر وإضافة بعض اللهب والنيران في مشهد، أو حذف إعلانات وإضافة مبانٍ وأشخاص لمشهد آخر… فالمسألة تتطلب قدراً من البحث والمراجعة للوفاء بالمتطلبات الدرامية للعمل، من بينها على سبيل المثال دراسة حركة النحل وشكله، أو دراسة نوعيات الأسلحة وكيف تعمل، وشكل اللهب الذي يخرج من كل سلاح أو الناتج عن انفجار نوعية معينة من المتفجرات، أو حتى مراجعة فيديوهات قديمة لمعرفة شكل الشوارع والمباني في فترة زمنية معينة.
ولذلك فوجود مسؤول الخدع البصرية مهم منذ اللحظات الأولى لتحضير العمل، حسب عطوة الذي يقول: «في البداية يصل إلينا النص الخاص بالعمل الدرامي، وتكون هناك جلسات عمل مع المخرج وفريق العمل لتحديد المطلوب، وبعد ذلك يحضر ممثل عن فريق تنفيذ الخدع البصرية التصوير في الموقع ويكون مسؤولاً عن تحديد مكان ولون وشكل الكروما، وحركة الكاميرا، حتى يستطيع إعادة بناء المشهد رقمياً بنفس الحركة».
بعد جلسات العصف الذهني التي تجمع مخرج العمل بفريق الغرافيك، يتم وضع تصور كامل للمَشاهد فيما يسمى «ستوري بورد»، وفقاً لـمحمود متولي، مشرف عام مؤثرات بصرية، والذي شارك في تنفيذ الخدع البصرية في مسلسل «عندما يكتمل القمر 2» الذي تم تصويره في السعودية، وعُرض أخيراً عبر منصة «شاهد»، ويؤكد متولي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية وجود ممثل فريق الغرافيك في موقع التصوير»، مشيراً إلى أن «وجوده مع فريق عمل مسلسل (مامجي) خلال التصوير في جورجيا وفّر الكثير من الوقت والمجهود في إنتاج الغرافيك الخاص بهذه المشاهد».
ويتفق معه معتز الخولي، مسؤول إنتاج مؤثرات بصرية، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «في بعض الأحيان تصل إليهم مشاهد مطلوب تعديلها رقمياً، ويكون ذلك صعباً لأنها لم تصوَّر بالطريقة المناسبة».
دخول المؤثرات البصرية في الدراما الرمضانية بهذا الشكل أمر غير معتاد، حيث يقترب مستوى المشاهد الرقمية والخدع الموجودة في دراما هذا العام من مستوى الخدع البصرية في الأفلام الأجنبية، وفقاً لطنطاوي الذي يشير إلى أن «بداية ظهور المؤثرات البصرية بهذا الشكل الاحترافي كانت مع فيلم (الممر)، حيث كان العمل قبل ذلك مرتبطاً بإزالة سلك من مشهد، أو تنظيف مشهد آخر، قبل أن تتطور الأدوات ويصبح من الممكن إنتاج كم كبير من المشاهد بطريقة احترافية واقعية وليست كارتونية».
ويرى متولي أن «مسلسل (النهاية) الذي عُرض في رمضان الماضي كان نقلة في عمل الغرافيك والمؤثرات البصرية، حيث أثبت أنه يمكن إنتاج مشاهد كاملة تبدو حقيقية وواقعية».