سوليوود «متابعات»
في كتابه «المأثورات الشعبية في السينما المصرية» يركز الناقد السينمائي الدكتور حسين عبد اللطيف على علاقة السينما بالمأثور الشعبي، وتجلياتها في صميم حياة المصريين اليومية، وممارساتهم الفولكلورية، ولتوضيح ذلك يتعرض الكتاب، الذي صدر حديثاً عن سلسلة آفاق السينما بهيئة قصور الثقافة، لثلاثة أفلام قدمها المخرج صلاح أبو سيف، وتم إنتاجها خلال ثلاث مراحل زمنية مختلفة في تاريخ الإنتاج السينمائي بمصر، وهي أفلام «الفتوة» 1957. و«الزوجة الثانية» 1967، و«السقا مات» 1976.
وفيها يستخدم المخرج صلاح أبو سيف تيمات شعبية، يوظفها لتقوم بدور هام في البناء الدرامي، ما يجعل الأحداث وحركة الشخصيات تبدو كما لو كانت مرآة عاكسة لحياة المصريين، وتوضح في الوقت ذاته ثقل واقعهم الذي يعيشون فيه.
وبحسب صحيفة الشرق الأوسط يتكون الكتاب من خمسة فصول وخاتمة، الأول جاء بعنوان «صلاح أبو سيف… النشأة والتكوين الفكري» أشار عبد اللطيف خلاله إلى أن نشأة صلاح أبو سيف كان لها أثر كبير في تكوينه الفكري وقدرته على تحليل العلاقات والمضامين الإنسانية في المجتمع المصري، وقد كان لذلك دور كبير فيما بعد في عمله وهو يبني شخصيات الأفلام التي تصدى لإخراجها، فجاءت متشربة بالروح الوطنية والشعبية.
ولفت المؤلف في الفصل الثالث «المأثورات الشعبية كما تناولها فيلم الزوجة الثانية» إلى أن بعض أفلام أبو سيف تعد وثيقة فولكلورية يمكن من خلالها دراسة حياة المصريين خلال الفترة التي تركزت عليها الأحداث السينمائية، وقد كان فيلم «الزوجة الثانية» بمثابة سجل وافٍ للممارسات الشعبية التي كانت تنتشر في ريف مصر زمن ظهوره للنور، ويحسب لصلاح أبو سيف أنه تمكن خلال الأحداث من حشد كل أدوات ومفردات الحياة الريفية ليطل من خلالها على العديد من العلاقات والطقوس الشائعة في الريف وقتها، وقد جاء الفيلم أشبه بحكاية شعبية عن ذكريات الماضي وحياة الفلاحين المصريين، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أسقط المخرج على الأحداث فكره السياسي واستخدمها لتوجيه النقد للأوضاع المهينة التي تتعرض لها المرأة الريفية.
وفي الفصل الرابع الذي تركز على متابعة وتحليل كيفية استخدام صلاح أبو سيف بعض عناصر الفولكلور في فيلم «السقا مات» قال الدكتور حسين عبد اللطيف إن أهمية الفيلم تتلخص في الفكرة التي يناقشها، والتي تتعلق بالموت، وحقيقته المؤلمة، وكيفية تعامل النفس البشرية معها. وذكر المؤلف أن المخرج تعامل مع بطل الفيلم «السقا» – قام بدوره الفنان عزت العلايلي – باعتباره رمزاً للحياة. أما الشخصية الثانية والتي جسدها الفنان فريد شوقي، وقام بدور «المطيباتي» الذي يسير في الجنازات، فقد جعله المخرج رمزاً للموت. ومع تصاعد أحداث الفيلم يجتمعان معاً، في علاقة صداقة بدأت مرتبكة بسبب مهنة المطيباتي، وسرعان ما صارت متينة، وقوية بعدما استطاع صاحبها أن يتسرب في حياة السقا ويتقرب منه، وينجح في تغيير نظرته عن فكرة الحياة والموت. وذكر المؤلف أن صلاح أبو سيف أراد أن يشير من خلال علاقة الصداقة التي ربطت بين السقا والمطيباتي إلى فكرة ارتباط الحياة بالموت، والعلاقة الوثيقة التي تصل بينهما، وكأن الموت والحياة رفيقان ملازمان للإنسان، لا يظهر أحدهما دون الآخر.