شخّص المؤلف والسيناريست المصري وحيد حامد قبل رحيله في يناير الماضي أزمة الأحزاب الإسلامية المتطرفة من خلال كتابته مسلسل «الجماعة»، ما أوقعه في أزمة مع «الإخوان» بسبب مواقفه المناهضة لجماعات الإسلام السياسي، وتعريته فكرهم عبر الدراما، والسينما، وفق رؤية ثاقبة فضحت مخططاتهم، وكشفت تكالبهم على السلطة، وطبيعة فكرهم المتسلط على المجتمع، خصوصا في أفلامه، طيور الظلام للزعيم، والإرهاب والكباب، وكان لدراسته علم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة القاهرة دور في قراءة الفكر والمنهج وآليات العمل والبيئات الحاضنة واختيار العناصر وتوفير التمويل وعلاج كل ذلك بأسلوب فني لا يخلو من تشويق وتنفير للمشاهد وتحذير من خطر التطرف المرتدي زوراً عباءة الدين.
وبحسب صحيفة عكاظ، رحل حامد، عن 76 عاماً، مطمئناً إلى منجزه الإبداعي الذي عالج به إشكالات المجتمع العربي طيلة نصف قرن، وأثرى خلاله الدراما السينمائية والتلفزيونية والإذاعية بأعمال جسدت هموم وأحلام مجتمعه. وُلد الكاتب الكبير في يوليو 1944، بمحافظة الشرقية، وانتقل إلى القاهرة عام 1963، وتتلمذ على يد عدد من الكتاب والأدباء المصريين الكبار، ومنهم نجيب محفوظ وعبدالرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس، ونصحه الأخير بالكتابة للسينما والتلفزيون وهو ما فعله حامد ونجح فيه. وبدأ حياته المهنية بكتابة مجموعة قصصية بعنوان «القمر يقتل عاشقه» وتناول في أفلامه أبرز القضايا السياسية والاجتماعية خلال العقود الأربعة الأخيرة، خصوصا تغوّل التيارات الإسلامية منذ نهاية سبعينات القرن الماضي، وظهور الحركات الإرهابية المسلحة، وتنامي الفساد، وتزاوج السلطة والثروة، ويعد فيلم «البريء» (1985) مع الممثل الراحل أحمد زكي علامة فارقة في تاريخ السينما، وشكل وحيد حامد ثنائيا سينمائيا مع عادل إمام استطاع من خلاله إبراز الوجه الآخر للفنان المعروف بأدواره الكوميدية، بدءاً من مسلسل «أحلام الفتى الطائر» عام 1978، مروراً بأفلام عدة منها «الهلفوت» و«الإنسان يعيش مرة واحدة» و«الغول» و«اللعب مع الكبار» و«الإرهاب والكباب» و«المنسي» و«طيور الظلام» و«النوم في العسل».