سوليوود «متابعات
يحقق فيلم «وقفة رجالة» إيرادات جيدة كسرت حالة الانحسار التي تعاني منها السينما المصرية منذ أكثر من عام بسبب أزمة كوفيد 19 ومشاكل أخرى تتعلق بالصناع وسوق التوزيع ومستوى الأفلام المنتجة بشكل عام.
وعلى الرغم من أن هذه الإيرادات التي يتباهى صناع العمل بتحقيقها هي في نهاية الأمر أرقام هزيلة مقارنة بما حققته أفلام أخرى خلال السنوات الماضية وبتكاليف صناعة الأفلام حالياً وبحجم السوق المصري والعربي، إلا أن الفيلم نفسه جيد، مقارنة بالمستوى الفني المتدني الذي أصاب السينما «الجماهيرية» التجارية، حسب ما أوردت صحيفة الرؤية.
وهذه الجودة لا تعني أنه عمل فني عظيم، أو أنه يختلف كثيراً في مضمونه أو شكله، ولكن تعني أنه فيلم جيد الصنع ينجح في توصيل الهدف من صنعه، وهو الترفيه، وإسعاد الجمهور ببعض الكوميديا واللحظات الإنسانية.
يضم الفيلم الذي أخرجه أحمد الجندي عن سيناريو لهيثم دبور، عدداً من الممثلين الموهوبين هم ماجد الكدواني، بيومي فؤاد، سيد رجب، شريف دسوقي، محمد سلام وأمينة خليل، استطاعوا أن يشكلوا فريقاً متجانساً، ومن الواضح أنهم أخذوا عملهم في الفيلم على محمل الجد.
ويعتبر الكثير العمل بجدية شيئاً بديهياً لا يحتاج إلى تنويه، لكن الحقيقة أن هناك الكثير من الأعمال السينمائية والتليفزيونية، خاصة الكوميدية، باتت تعاني من استسهال وتعجل ومن اعتماد مطلق على النكات اللفظية والارتجال في نصوص سيئة الكتابة حتى بمقاييس السوق.
يعتمد فيلم «وقفة رجالة» على قصة طريفة حول أربعة أصدقاء قدامى على مشارف الستين، يسافرون في رحلة لأحد الشواطئ الحديثة لتعزية أحدهم، سيد رجب، بعد وفاة زوجته (سوسن بدر في دور قصير). الأصدقاء مختلفون في الطباع ومستواهم الطبقي، منهم البوهيمي والمحافظ، رجل الأعمال الثري والموظف العادي، ومنهم أيضاً شخص مسيحي.
يبدأ الفيلم بمشاهد تعريفية للأربعة قبل أن يلتقوا، ومن البداية نتساءل كيف يمكن أن يكون هؤلاء أصدقاء حميمين، وينتهي الفيلم دون أن يشير إلى الأشياء التي تجمع هؤلاء الفرقاء ببعضهم البعض ( باستثناء حكاية أو اثنتين تروي بعض ذكريات من فترة مراهقتهم).
لكن النتيجة أن مجرد تلاقي الأربعة يحمل طاقات كوميدية هائلة بسبب هذه الاختلافات، وذلك بفضل الممثلين والنص الذي يحمل بعض المفارقات والمواقف المضحكة.
الفكرة نفسها مقتبسة بوضوح من الفيلم الأمريكي “آخر زيارة لفيجاس” Last Vegas، إخراج جون ترتلتوب والذي شارك في بطولته أربعة من عمالقة التمثيل هم روبرت دي نيرو، كيفين كلاين، مورجان فريمان ومايكل دوجلاس، حول أربعة من الأصدقاء القدامى يجتمعون معاً بعد وفاة زوجة أحدهم، والتشابهات لا تقتصر على الخط الرئيسي ولكن على تفاصيل كثيرة، رغم محاولات مؤلف «وقفة رجالة» الالتفاف على التشابهات، ورغم ادعاءات صناع «وقفة رجالة» بأنه غير مقتبس وأنه لا يوجد تشابهات بين الفيلمين. وكان ينبغي ذكر المصدر في العناوين.
الفكرة هنا، مثلما في الفيلم الأميركي، هي الأساس، وهي التي توفر المناخ الملائم لتفجير المواقف الكوميدية والضحكات.
ويمكن القول إن عمل كاتب سيناريو «وقفة رجالة» اقتصر على حل بعض المشكلات المتعلقة بالتعريب ونقل الحكاية من بلد وثقافة ولغة مختلفين.
استطاع مؤلف ومخرج «وقفة رجالة» أن يصنعا لكل شخصية كياناً منفرداً واستطاع الممثلون أن يملأوا هذه الشخصيات بتفاصيل مقنعة، خاصة ماجد الكدواني الذي قام بتغيير شكله وصوته وايماءاته لتناسب شخصية شهدي، زير النساء الثري، الذي يسعى للارتباط بفتاة في عمر ابنته.
أجمل لحظات الفيلم هي التي يلتقي فيها الأصدقاء الأربعة ليتبادلوا المشاغبات والمقالب والضحكات، ومنها مشهد يستخدمون فيه أحد تطبيقات الهاتف الجوال لتقليد بعض مقاطع الأفلام القديمة واليوتيوب.
وإلى جانب الأربعة تلعب أمينة خليل دور مساعدة شهدي التي تستغل غيابه لتحويل بيته إلى فندق وتؤجر مركبه الخاص، ومع ذلك يسامحها شهدي ببساطة، ويبرر الفيلم فعلتها.
ورغم أن أمينة خليل حاولت على قدر ما تستطيع أن تكسب شخصيتها مصداقية، إلا أنها تظل غير مفهومة: هل هي انتهازية ولصة أم فتاة جميلة طيبة؟ الأمر نفسه ينطبق على شخصية مساعد شهدي التي يؤديها محمد سلام، والذي يحاول أن يصنع منها كوميديا لا تستجيب لها الشخصية ولا المواقف أحياناً.
«وقفة رجالة» مثال للكوميديا التي تعتمد على البناء الدرامي والشخصيات «العادية»، والمخرج أحمد الجندي مشهور بمهارته في هذا النوع من الكوميديا خاصة في الدراما التليفزيونية.
ومع أن الفيلم يدقق في التفاصيل إلا أنه ينتهي بمشهد يحتوي على خطأ غريب: حيث نرى حفل زفاف يتحدث فيه شهدي عن امرأة سمراء جميلة تخبره أمينة خليل أن المرأة هي قريبتها وأنها أرملة، فيسارع شهدي بالذهاب إلى المرأة، ولكن المرأة نفسها غير موجودة لا في هذا المشهد ولا المشاهد اللاحقة، وواضح أنه كان هناك تخطيط للاستعانة بنجمة كبيرة لأداء المشهد كضيفة شرف، ولكنها لم تأت، وكان يجب الاستعانة بغيرها أو حذف الإشارة إليها من المشهد. وهو خطأ يبين أنه لا يزال هناك خطأ في الطريقة التي تصنع بها الأفلام الشعبية!