سوليوود «متابعات»
لا تصعد لينا خضري السلالم درجة بعد درجة؛ بل يبدو كأن موهبتها تقودها بخطوات واسعة نحو أفق أبعد. إنها الممثلة جزائرية المولد التي وصفتها صحيفة «لو فيغارو» بأنها تمثل «الحساسية الجديدة» في السينما الفرنسية. ومن بين أفلامها الثلاثة الجديدة، يلفت النظر اختيار المخرج الأميركي ويس آندرسون الممثلة الشابة لكي تقوم بدور جولييت؛ الناشطة الطلابية الرافضة الظلم، في فيلمه «الموفدة الفرنسية». وآندرسون صاحب الفيلم المبهر «فندق بودابست الكبير». وقد كانت أيام التصوير بمثابة نزهة بهيجة للممثلة الآتية من فرنسا، وفرصة للاقتراب من عدد من مشاهير الفنانين الأميركيين.
بسبب أزمة «كورونا» والشروط الصحية للتباعد، ينتظر الجمهور الفرنسي إعادة فتح صالات العرض لمشاهدة الفيلمين الآخرين الجديدين اللذين شاركت فيهما لينا: «غاغارين» للمخرجة فاني لياتار، و«خياطة راقية» لسيلفي أوهايون. وهي في هذا الفيلم الأخير تقف أمام النجمة ناتالي باي وتؤدي دور فتاة تسرق حقيبة غالية الثمن، وتكون تلك الفعلة سبباً لأن تكتشف عالم الموضة. وقد جرى تصوير عدد من المشاهد داخل ورشات الخياطة والتصميم لدار أزياء «كريستيان ديور».
تماشياً مع دورها في الفيلم، ظهرت لينا على صفحات المجلات مرتدية فستاناً يحمل توقيع الدار. كما استقبلت الصحافة في شقة تقع بالقرب من «قوس النصر»، أعارتها لها صديقة مسافرة. قالت لينا إنها كانت في السادسة عشرة حين اكتشفت ميولها الفنية. لقد شاهدت إيزابيل أدجاني في فيلم «كاميل كلوديل» وانبهرت بأدائها. قالت لنفسها: «هل هناك في الحقيقة من تستطيع التمثيل هكذا؟». وتشاء الصدف أن تلتقي لينا بإيزابيل أدجاني. فقد أدت النجمة الفرنسية دور البطولة في فيلم «يوم التنورة» الذي تدافع فيه عن حق الطالبات في التخلي عن السروال وارتداء زي أنثوي. وبعد الفيلم، ذهبت الممثلة للقاء تلاميذ مدرسة من مدارس الضواحي وتبادل الحديث معهم، وكانت لينا واحدة من طالبات الفصل. وفي ذلك اللقاء، اكتشفت أن النجمة الفرنسية تنتمي لأب جزائري. صارت أدجاني قدوتها في الفن وفي اتخاذ مواقف شجاعة في عدد من قضايا المجتمع.
تبدو لينا خضري سعيدة لأنها عملت في 3 أفلام جديدة. سعيدة وحزينة. فهي لا تعرف موعد الإفراج عن أفلامها. وفي انتظار ذلك تتفرج على الأفلام السينمائية القديمة وتشعر بالعجب وهي ترى الممثلين والممثلات يتصافحون ويجلسون في المقاهي ويرتادون المطاعم والمراقص ويتعانقون، كأن ذلك كان عصراً آخر؛ ما قبل الوباء… وكأنها أفلام غير واقعية.
تبلغ لينا من العمر 28 عاماً. أبوها صحافي وأمها عازفة كمان، غادرا إلى فرنسا في الفترة التي تسمى «العشرية السوداء» في الجزائر، وكانت دون السنتين من العمر. وفي ضاحية أوبرفييه، الملاصقة لباريس، نشأت الطفلة لتصبح واحدة من المواهب العربية المهاجرة التي رفدت السينما الفرنسية بباقة من الوجوه النسائية الطازجة. وفي مسرح «لا كولين» الوطني تلقت لينا خضري تدريبها الفني. وقد كان لنشأتها في بيت تسوده الثقافة والنقاشات السياسية دور في توجيه بوصلتها الفنية. فهي شديدة الفضول؛ تسعى لأن تتعلم، ولا تقبل بالعادي، وتميل نحو التحدي. لذلك لم يكن غريباً أن تشارك في فيلم «بابيشة» للمخرجة منية مدور، وهو يروي حكاية «نجمة»؛ المرأة التي تصر على تنظيم حفل لعرض الأزياء بينما كان المتطرفون يقمعون النساء.
ورغم أن رصيدها من الأفلام قليل وبداياتها كانت في أفلام للتلفزيون، فإن أدوارها السينمائية لم تمر دون التفات، ففي عام 2017 نالت جائزة «أوريزونتي» لـ«أفضل ممثلة» في مهرجان البندقية السينمائي عن دورها في فيلم «السعداء». وبعدها بسنتين قامت ببطولة «بابيشة»، وكان إنتاجاً مشتركاً بين الجزائر وفرنسا وبلجيكا حازت عنه جائزة «سيزار» الفرنسية لـ«أفضل ممثلة واعدة». كما مثل الفيلم الجزائر في «الأوسكار».