سوليوود «متابعات»
في دورته الـ 71 المنعقدة عبر الإنترنت من 1 حتى 5 مارس المقبل، كشف مهرجان برلين السينمائي الدولي، أسماء الأفلام المشاركة في 3 من مسابقاته هي: «بانوراما» و«لقاءات» (Encounters) و«منظور السينما الألمانية». ويشارك في «بانوراما» 19 فيلماً دولياً (16 منها عرض عالمي أول)، بينما تتضمن «لقاءات» 12 فيلماً جميعها تعرض للمرة الأولى في العالم.
وبحسب موقع «الشرق» تشارك السينما العربية في مسابقات المهرجان بسبعة أفلام، في مهرجان معروف بتنوّعه وانفتاحه على الثقافات الأخرى، واهتماماته بالإنتاج النسوي والمساواة بين الرجل والمرأة وقضايا الفرد والحريات. علماً بأن الحضور العربي لم يقتصر على عدد المشاركات فقط، إنما كان لافتاً من ناحية القضايا التي تطرحها الأفلام العربية وجرأتها.
«دفاتر مايا»
ويعود لبنان ليُنافس في المسابقة الرسمية بفيلم «دفاتر مايا» للمخرجَين جوانا حاجي توما وخليل جريج، الذي يدور في فلك الحرب الأهلية وذكرياتها المتناقلة بين 3 أجيال.
وكانت آخر مشاركة لبنانية في المسابقة الرسمية قبل 39 سنة من مشاركته الأولى بالمسابقة الرسمية في فيلم بعنوان «بيروت اللقاء» (1982) لبرهان علوية.
ينطلق الفيلم من «بتجربة شخصية عاشتها جوانا حاجي توما في طفولتها في بيروت يوم انفصلت عن صديقتها التي لجأت من بطش الحرب إلى باريس، وكانتا ترسلان لبعضهما رسائل مكتوبة أو صوتية عبر الكاسيت بشكل يومي عن تفاصيل حياتهما بين العاصمتين»، كما صرّحت المخرجة لـموقع «الشرق».
وأضافت: «لكن الفيلم ينتقل إلى سيناريو متخيّل حول مراهقة من أصل لبناني اسمها مايا تعيش في كندا وتكتشف رسائل أمها في ثمانينيات القرن العشرين، لتكتشف من خلالها الذاكرة الجماعية لأبناء بيرون المنقسمة جراء الحرب والحياة في الملاجئ والحب والحميمية الموجودة في الرسائل».
وتشير توما إلى أن الفيلم «انطلق من الخاص إلى العام مستفيداً من أرشيفنا الشخصي أنا وخليل زوجي، ويحاول بناء حوار مع الماضي بين 3 أجيال تمثّلها المراهقة التي لا تتكلم العربية وأمها الضائعة بين بلدين وجدّتها التي لا تزال غير مندمجة مع بلد المهجر ولا تفقه لغته».
وتفيد بأن الفيلم فيه لعبة الذهاب والإياب بالزمن بين الماضي والحاضر، وفيه بوح وذكريات وقصص حب، ليفتح حواراً حول الحرب التي لا تزال مستمرة بوجوه وأشكال جديدة، ويفتح باباً للتساؤل حول إمكانية التصالح مع الماضي رغم كل الجراح التي نحملها أينما هربنا. وتصرّح توما بأن الفيلم قد يلمس أي شخص في العالم عاش خصوصاً أنه يتناول أفكاراً حول اختلاف لغات التواصل بين جيل الورق وجيل الكاسيت وجيل التلفون الذكي والفيديوهات والسوشيال ميديا، وأفكاراً عن العائلة والحب والعزل والحميمية، وذلك عبر طريقة إخراج مشبعة بالسرد والحكايات مع تجارب فنية جديدة.
6 أفلام عربية في مسابقات مختلفة
ووصلت 3 أفلام عربية إلى نهائيات مسابقة «بانوراما»، هي: «موت بريء للمخرج اللبناني جورج بيتر برباري»، و«سعاد» للمخرجة المصرية أيتين أمين، و«حرب ميغيل» للمخرجة اللبنانية إليان الراهب. وقد صودف أن الأفلام الثلاثة مموّلة بمنح خاصة من الصندوق العربي للثقافة والفنون «آفاق». أما فيلم «زيّ ما أنا عايزة»، للمخرجة الفلسطينية المقيمة في القاهرة سماهر القاضي، فسينافس في مسابقة «لقاءات» وهي ثاني أهم مسابقات المهرجان.
أما في مجال الأفلام التجريبية والتجهيزات الفنية، التي تنافس في مسابقة «Forum Expended»، فقد تأهل فيلمان عربيان، الأول بعنوان: «سبع سنوات حول دلتا النيل» للفنان المصري شريف الزهيري، والثاني بعنوان: «كل نجومك ليست سوى غبار على حذائي» للفنان اللبناني هايغ أيفازيان.
البوح والشفافية المفقودة
تعليقاً على وصول أفلام موّلها صندوق «آفاق» إلى واحد من أهم المهرجانات السينمائية في العالم، قالت مديرة «آفاق»، ريما المسمار، لـموقع «الشرق»: «خلال السنوات العشر الأخيرة، اتّسعت رقعة السينما العربية المستقلة وخصوصاً الوثائقية منها التي تتناول قيمة البوح والتدوين الشخصي كبديل من الشفافية المفقودة في المنطقة العربية».
وأضافت: «هذه الأفلام تعبّر عن الأمور الذاتية والتحوّلات الفردية وتصوّر التجارب الشخصية كانعكاس للمنظومة السياسية والاجتماعية التي تحكمها تعقيدات رقابية وسياسية، وهي منفذ أو بديل لأن المواطن العربي ليس لديه وصول إلى الوثائق الرسمية والمعلومات والاحصاءات التي تبحث في مواضيع إشكالية مثل هذه».
وتابعت: «يستخدم صناع السينما المستقلة حكاياتهم أو من حولهم من أفراد، لتكون منطلقاً لفتح الباب لأسئلة إشكالية تتعلق بالسوسيولوجيا والسياسة والحريات، وهذه قضايا ليست حكراً على صناع السينما العرب بل هذا شائع منذ عقود في السينما في العالم».
وتعتبر المسمار أن وصول هذا النوع من الأفلام النوعية التي تحمل همّاً في التنوّع الجندري والجغرافي والمقاربات الفنية القيّمة، يشكّل تقديراً وتتويجاً لهذا الاشتغال السينمائي المتلاصق بالواقع. وأشارت إلى أن هناك عشرات الأفلام العربية ذات قيمة فنية وفكرية نوعية، لكنها لا تصل إلى المنصات العالمية، ولكن يبقى المهم لنا أن تصل إلى شرائح واسعة من الجمهور العربي لأنها على تماس مع قضاياه وتحكي لغته.
«موت بريء»
فيلم «Death of a Virgin, and the Sin of Not Living» (موت بريء)، هو الفيلم الروائي الأول للمخرج اللبناني جورج برباري، يحكي قصة ثلاثة أصدقاء مراهقين: عدنان وإتيان وجان بول ودنكورة.
ويتناول الفيلم قضايا الحريات الشخصية والفردية والمحرمات التي يفرضها المجتمع. يأخذ عدنان أصدقاؤه لزيارة «بائعة هوى» للمرة الأولى في حياتهم. أربعة مراهقين مضطربون يعيشون مغامرة الاعتراف برجولتهم وتثبيتها. رحلة يشوبها كثير من الاضطرابات والمفاجآت والعديد من الأحداث غير المتوقعة، يكتشف خلالها المراهقون الأربعة أعماق أنفسهم.
وقال برباري لموقع «Film Freeway»: كان لدي رغبة جارفة لصناعة هذا الفيلم، لما فيه هذا النص وهذه الصور من أفكار لم أعد أستطيع خنقها وأشعر بوجوب مناقشتها من خلال السينما».
وأضاف: «للأسف، امتثلنا لأدوارنا في المجتمع من دون قتال من أجل الفردية. لقد سمحنا لأنفسنا أن نظل عالقين في الموقف الانهزامي نفسه الذي رافق آباءنا، المتمثّل في إدامة آليات الفساد والفوضى وعدم الاستقرار والجهل نفسها من جيل إلى جيل. هذا هو السبب في أنني أؤمن بشدة أن الوقت حان لإنتاج هذا الفيلم – لمحاولة إعطاء صوت للصمت».
«حرب ميغيل»
في فيلم «حرب ميغيل» تتابع المخرجة اللبنانية إليان الراهب بحثها في تفكيك عقد الحرب الأهلية اللبنانية وما بعدها ورصد أزمات القتال والخطف والقتل في القلوب والذاكرة الجماعية.
يحكي الفيلم قصة حقيقية عن «ميغو»، الذي كان مراهقاً يوم قرر المشاركة في القتال في الحرب. كانت غايته أن يثبت لعائلته أنه موجود وأنه قادر على القتال كأي رجل شجاع. في ميدان القتال، عاش لحظات من الرعب وأقام أول علاقة مع واحد من أكثر رجال الميليشيات حزماً وقساوة.
لاحقاً، سيصير «ميغو» مثلياً، يعاني المازوشية، وسيرافقه ذلك الشعور المرير بالذنب والعار. واليوم، بلغ الرجل الخمسين من عمره وما زال يعاني دماراً نفسياً. سيرافق الفيلم «ميغو» في رحلة مواجهة الذات واستعادتها، وفي بحثه عن الحب الحقيقي. مع العلم أن «حرب ميغيل» فاز قبل سنوات بمنحة «مؤسسة روبرت بوش شتيفتونغ» عن المشروعات السينمائية للمواهب الشابة التي تمنح ضمن مهرجان برلين نفسه.
«سعاد»
تدور أحداث فيلم «سعاد» للمخرجة أيتين أمين (سيناريو الكاتب محمود عزت، اختير ضمن أفلام «مهرجان كان» العام الماضي وحمل شارته)، حول علاقة أختين في سن المراهقة بإحدى مدن الدلتا في مصر، تعيش إحداهما حياة أخرى سرية في العالم الافتراضي.
يتّسم الفيلم بعمق وبساطة في آن معاً، إذ يطرح تأثير السوشيال ميديا على حياة المراهقات والشابات في المجتمع المصري بشكل إنساني اجتماعي.
استعانت أمين بممثلين غير محترفين مستفيدة من شخصياتهم الحقيقية التي تتشابه بشكل ما مع شخصيات الفيلم، راغبة بمزيد من المصداقية والواقعية. ففي الفيلم بحسب تصريحات أمين، مشاهد ارتجالية وعفوية ميّزت أداء الممثلين.
«زي ما أنا عايزة»
ويعالج فيلم “«زي ما أنا عايزة» (As I want) واقع امرأة تعيش بين مجتمع ترى أنه يمارس القمع ضد النساء، وبين رغبتها في تجاوز هذا القمع والعيش بحرية، عبر حكاية طفلة نشأت في فلسطين وأكملت حياتها في القاهرة. ويقدم رحلة شخصية للمرأة العربية لتحرير الذات في صراع ثوري ضد الصعاب. وهو اكتشاف شخصي لما يعنيه أن تكون امرأة في الشرق الأوسط؛ تتشابك فيه مع قصص ملهمة عن النساء اللواتي يكافحن لكسر المحرمات واكتساب حقوقهن.
خلال «ثورة يناير» 2012، انشغلت سماهر القاضي بحوادث التحرش التي شهدتها بعض الشوارع خصوصاً في «ميدان التحرير»، والتي كان صديقتها إحدى ضحاياها، كما صرّحت في أحد المهرجانات. فقررت أن تحمل كاميرتها وتنزل الشارع وتصوّر.
القاضي أكدت في تصريح إعلامي أن «هذا الموقف خلق لديّ شعوراً بالغضب والمسؤوليّة، وسألت نفسي مراراً: مَنْ سيروي قصص تلك النساء؟ الناس مشغولون بالحالة السياسيّة، إلى درجة يصبح فيها الاغتصاب حادثاً هامشيّاً».
وأضافت: «ما حدث لصديقتي يمكن أن يحدث لي، وهكذا أصبح الأمر شخصيّاً». ويجمع شهادات حقيقية مؤثرة ومشاهد قوية للاعتداءات في الشارع إلى جانب الحوارات العائليّة.