سوليوود «متابعات»
منذ زمن، شاع بين أروقة المختبرات والبحوث العلمية مصطلح «الذكاء الاصطناعي»، وأخذ ينمو ويتطور إلى أن تسلل إلى ثنايا صفحات روايات الخيال العلمي، نقرأ عنه باستغراب ونستمتع بابتكار يفوق حدود استيعابه من قبل العقل البشري، لكن سرعان ما تحول هذا الخيال إلى حقيقة، وأصبح أداة رئيسة تدخل في صلب جميع القطاعات، خاصة بعد ابتكار الروبوتات التي تشبه إلى حد كبير الإنسان، وخير مثال على ذلك الروبوت «صوفيا» الشبيهة بالبشر، التي حصلت في أكتوبر 2017 على الجنسية السعودية، لتكون بذلك أول روبوت يحصل على جنسية.
«نتفليكس» وخطورة الذكاء الاصطناعي
ووفقا لصحيفة الاقتصادية كثر الحديث عن مستقبل هذا النوع من الروبوتات في عديد من الأفلام، التي تضيء كعادتها على المستقبل كنوع من ترسيخ الفكرة في النفوس، وبهذا النهج تترك المشاهد في حيرة عما ستؤول إليه التكنولوجيا خلال الأعوام المقبلة. ولأن عام 2021 هو نقطة الفصل بين العالم القديم والعالم الجديد الذي أنتجه فيروس كورونا، كان لمنصة «نتفليكس» فيلم متطور يتحدث عن خطورة الذكاء الاصطناعي، وهو فيلم «خارج السلك» outside The wire، فهل فعلا نحن أمام مستقبل كارثي نتيجة التطور التكنولوجي المتجسد في الذكاء الاصطناعي والروبوتات؟.
هوكينج .. الذكاء الاصطناعي سيدمرنا
فور مشاهدتي الفيلم، تبادرت إلى ذهني عبارات لستيفن هوكينج العالم الفيزيائي الشهير، عندما قال «إن النجاح في إيجاد ذكاء اصطناعي فعال يمكن أن يكون أكبر حدث في تاريخ حضارتنا أو الأسوأ»، كما قال في أحد المؤتمرات العالمية «إننا لا نعرف إذا ما ستتم مساعدتنا بلا حدود من قبل الذكاء الاصطناعي أو سيتجاهلنا أو يهمشنا أو حتى يدمرنا»، وهذا ما عرضه كل من المخرج مايكل هافستروم، وكاتبا السيناريو روان أتالي وروب يسكومب في فيلم «خارج السلك»، حيث طرحا الآثار المدمرة للذكاء الاصطناعي، وكيف أنها انقلبت على صانعها.
يتمرد ويعاقب
تدور أحداث الفيلم في عام 2036، عندما تبدأ حروب الطائرات المسيرة، حيث يشاهد العريف هارب، يؤدي دوره الممثل دامسون إدريس وهو ممثل بريطاني من أصول إفريقية – نيجيرية، عبر طائرة بدون طيار المتطورة وقائع المعركة على الأرض، ويقدر أن هنالك استهدافا بشاحنة مفخخة للجنود الأميركان ومكان وجودهم، ولهذا لن يذعن للأوامر، ويطلق على الفور صاروخا مدمرا، تكون نتيجته مقتل عديد من الجنود الأميركان.
جيل متطور من الكائنات
نتيجة ذلك يعاقب هارب، ويتم إلحاقه بمهمة حربية يقودها الضابط ليو، يؤدي دوره الممثل أنتوني ماكي، لكن سرعان ما يكتشف هارب أن ليو ليس إلا نسخة من جيل متطور من الكائنات، المدمج فيها ما هو بشري وعقلي بما هو رقمي ومرتبط بالذكاء الاصطناعي، ويظهر ليو ككائن غريب، يرتدي قميصه الداخلي المكون من خلايا رقمية وأنظمة إشارية تعمل بأحدث التقنيات، وهو قادر بمهارة على الانتقال إلى حقيقته البشرية عندما يقتضي الأمر، بينما يستخدم الذكاء الاصطناعي في كل حروبه وصراعاته.
رموز ستدمر البشرية
يبدأ ليو في استغلال هارب لمساعدته في مهمة سرية للحصول على الرموز النووية الموجودة عند كوفال، يؤدي دوره النجم الدنماركي بيلو أسبيك، صاحب شخصية آيرون جرى، في سلسلة Game of thrones، لكنهم بحاجة إلى معرفة مكان هذه الرموز، وللقيام بذلك وجدوا صوفيا قائدة مخيم اللاجئين، تؤدي دورها إميلي بيتشام، التي تساعدهم في العثور على تاجر أسلحة يعرف مكان الرموز، وخلال رحلتهم، تحدث ليو وتوماس عن أخلاقيات حرب الطائرات بدون طيار، وما يعنيه القيام بشيء من أجل المصلحة العامة، والحس في الذكاء الاصطناعي.
في هذه الأثناء، يجد ليو كوفال ليعطيه الرموز، لكنه بدلا من ذلك يقتل الجميع ويأخذ موقع المنشأة النووية لنفسه، في الوقت عينه يعود هارب إلى القاعدة العسكرية ويطلعهم على خطة ليو بوضوح، فيقررون إيقافه من خلال تتبع السيارة التي سرقها ليو، ومن ثم أرسلوا هارب مرة أخرى للعثور عليه.
الروبوتات خطر على البشرية
بعد أن يجد هارب ليو، يتقاتلان ومن ثم يفوز الأول باستخدام سلاح يمكنه من إطلاق النار من خلال السيارات المدرعة، لكن بعد فوات الأوان، يقول ليو «إنه لا توجد طريقة لإيقاف الصاروخ»، ويعترف بأن خطته هي أنه يريد تدمير برنامج «الجندي الآلي المستقل»، تصدر عن ليو في تلك المشاهد بعض العبارات التي تقول «أزل الإنسانية، وزد القتال»، فهو يعتقد أنه إذا أطلق على منشئه الولايات المتحدة سلاحا نوويا فسيمنعهم من صنع أي جنود آليين آخرين مثله، ما سيجعل الحرب أقل خطورة، لأن مشاركة الروبوتات في الحرب تشكل خطرا على البشرية.
يتميز الفيلم بنسيج سردي متقن، رغم البطء الذي شهده القسم الأول، إلا أنه بعد مرور نحو 50 دقيقة بدأت وتيرة الأحداث تتصاعد بقوة، مخلفة مشاهد يطغى عليها عنصر التشويق، ورافقت جميع هذه المشاهد حوارات عميقة، خاصة تلك التي كانت تدور بين هارب وليو. أما المؤثرات البصرية فقد تم استخدامها ببراعة أضفت كثيرا من العناصر الجمالية إلى الفيلم. ولا شك أن استخدام الطائرات من دون طيار كانت عاملا إضافيا منحنا متعة إضافية تزيد من جمالية الصورة التي أبدع فيها ميكائيل بونفيليان مدير التصوير، الذي عرف بإدارته تصوير عشرات من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية منها مثلا فيلم «المارشال الأخير» و«القناص 3» و«كلوفرفيلد» و«مأتم تكساس» وغيرها، وبالطبع تكمّل ذلك إدارة فنية بارعة تكونت من طاقم واسع يضاف إليهم فريق الإنتاج.
أفلام مشابهة
يعد فيلم «خارج السلك» واحدا من أهم الأفلام التي تم إطلاقها حول الذكاء الاصطناعي والروبوتات، حيث انتشر هذا النوع من الأفلام بقوة، وتم إصدار عديد من الإنتاجات التي تحدثت عن الروبوتات، أبرزها فيلم «ذا ماتريكس» بأجزائه الثلاثة، الذي يعد أحد أهم أفلام الخيال العلمي المشوقة والمثيرة. تدور أحداثه خلال القرن الـ21 حيث احتفل العالم بأعظم إنجاز شهده العلم، وهو تقنية الذكاء الاصطناعي، الذي أدى إلى إنتاج جيش ضخم من الآلات، وبدأت الآلات في مساعدة الإنسان، ثم تفوقت عليه لتتمكن في نهاية المطاف من السيطرة على عقول البشر بشكل كامل، إضافة إلى فيلم The Machine الذي يدور حول لجوء بعض المطورين إلى إيجاد روبوتات مطورة بخاصية الذكاء الاصطناعي، لكن تتعقد الأمور عندما يجدون أنفسهم حولوها إلى روبوتات غير قابلة للتدمير، وكذلك فيلم Terminator dark fate وهو ضمن سلسلة Terminator للنجم أرنولد شوارزنيجر المشهورة، التي تقوم كلها على فكرة حماية البشر من خطر الروبوتات المصنعة من قبل شركة سكاي نت، فتعود سارة كونور بالزمن لإنقاذ طفلة من خطر قادم بمساعدة صديقها الروبوت.