سوليوود «خاص»
يشعر البعض منا عند مشاهدته لبعض الأفلام أنها تتحدث عنه وتعكس جزءًا من شخصيته، كما تطرح بعض الفرضيات عن معنى الوجود وماهية الأزمات التي نواجهها، وفي كثير من الأحيان لا تُقدم لنا هذه الأفلام خلال أحداثها الأجوبة الصحيحة أو المنطقية، لكن من خلال مشاهدتها تعطينا فكرة بسيطة حول ذلك المعنى، وتبرر لنا الأزمات الوجودية وأسبابها.
في هذا التقرير نُلقي نظرة على الأفلام التي تناولت قضية الأزمات الوجودية.
Iron 3
تدور أحداث الفيلم حول الشاب «تاي-سوك» الذي يقوم بتوزيع الإعلانات على المنازل، وعندما يجد أن الإعلان لم يتم أخذه يقوم باقتحام المنزل، ليس بنية السرقة أو التدمير أو القتل، بل يقوم بغسل الملابس، وإصلاح ما هو معطل، ومراقبة أسلوب الحياة التي يتبعها السكان. وفي يومٍ ما تكشف صاحبة منزل ما يقوم به «تاي-سوك»، وتبدأ بمراقبته بصمت تام، كما يفعل هو ويتبادلان النظرات ويكتشف بأنها في علاقة غير صحية على الإطلاق مع زوجها الذي يقوم بضربها وتعنيفها مما يسبب لها أذى عقليًا وعاطفيًا. لقد كانت شخصية البطل ليست شخصية على الإطلاق، إنما هي فكرة، لأولئك الذين يعيشون حياتهم في الظل، وتتجاهلهم المجتمعات حولهم، لأولئك الذين يقدسون الجمال الروحي فوق كل شيء.
The Tree of the Wooden Clogs
تحتم على عامة الشعب الاندماج في أنظمة السلب والنهب منذ نشأة النظام الإقطاعي، حيث أصبح الفقراء ينظرون إلى أنفسهم على أنهم قرابين للآلهة السماوية في الأرض، لكن هل سيتمكن فلاحو إيطاليا الفقراء والمتواضعون، حمل ذلك الواجب الوجودي الضخم؟ تأثر المخرج «أرمانو أولمي» بشكل واضح بحركة الأفلام السينمائية الواقعية الإيطالية، وقدم لنا فيلمًا صادقًا محزنًا عن حياة أشخاص من الماضي، وصور لنا واقع مزارعي القرن التاسع العشر في إيطاليا، أولئك الذين لا يملكون الكثير ويطمحون في شيءٍ أكثر من بقائهم على قيد الحياة. الأسئلة الوجودية التي طرحها الفيلم عن كيف يجب أن تكون الحياة، وكيف نكون أحرارًا، لم تلقَ أي إجابات خلال الفيلم وحتى في حياتنا الواقعية.
The Face of Another
يجري «أوكوياما» عملية زراعة وجه اصطناعي، بعد إصابته بحادث قد شوه وجهه بالكامل. لكن، في كل مرةٍ ينظر إلى نفسه في المرآة، يرى شخصًا لا يعرفه على الإطلاق مما يجعله يقع في أزمة وجودية، ويبدأ ذلك القناع الاصطناعي بالتأثير على حياته وشخصيته حتى يغيرها بالكامل، ولا يجد «أوكوياما» الشخص الذي كان عليه في أحد الأيام. وجوهنا هي من أهم الميزات التي نعبر بها عن شخصيتنا، هذه الوجوه قد تكبر وتهرم، إلا أن شخصيتنا التي نعكسها من خلال وجوهنا تبقى نفسها. اكتشاف معنى الشخصية هو ما أراد المخرج «هيروشي تيشكا هارا» إيصاله إلينا، فهل يمكنك تخيل نفسك دون وجهك الذي تعرفه؟
Hour of the Wolf
اختار «يوهان بورغ»، وهو رسام، أن يعيش حياة هادئة ومنعزلة مع زوجته على إحدى الجزر النائية، التي لا يسكنها سوى عائلة البارون أصحاب الجزيرة. وفي ذلك المكان الغامض تبدأ بعض الشخصيات والتخيلات بالظهور والاختفاء أمام «يوهان»، ولا يعلم هل هي مجرد شخصيات من الماضي، أم أنها وهمية وليست حقيقية. الفيلم من إخراج «إرنست إنغمار بيرغمان» السويدي الذي كانت جميع أعماله حتى الآن من التحف الفنية والروائع في عالم السينما. «ساعة الذئب» الذي كان «بيرغمان» يعني بها ساعات الليل المظلمة التي قد تثير عقولنا وتأخذها لِمنحى التفكيرات الغامضة التي ليس لها تفسير منطقي.
Love Is Colder Than Death
تدور قصة الفيلم حول «فرانز»، وهو شاب قواد يعيش حياته في مدينة ميونيخ بألمانيا، في مطاردات مستمرة من قبل رجال القانون ورجال عصابة رفض «فرانز» الانضمام إليها، إضافةً إلى علاقته بفتاة الليل «جوانا»، وعندما يرى أن المجتمع لا يهتم بوجوده، يبدأ محاولته بالنجاة من تلك البيئة العدائية، ويكتشف بأنه محاصر داخل حلقة من الأشخاص الذين يكبتون مشاعرهم ورغباتهم من أجل السيطرة، حيث قام المخرج «راينر فيرنر فاسبيندر» بتقديم حياة شخص يريد أن يتحرر من مجتمعه، ويسعى لإيجاد الحب المتبادل، لكن هل هذا ممكن، في بيئة مشبعة بالكره ولا تعرف ما هو الحب؟!
Memories of Underdevelopment
يشعر «سيرجيو» الرجل المثقف العقلاني، بأنه محاصر في مكان يرتعد بين التخلف والثورة خلال الفترة الانتقالية من التاريخ. بعدما هربت عائلته إلى الولايات المتحدة بقي في هافانا، وقرر مراقبة محاولات هذه المدينة في منح شعبها فرصة حقيقية للعيش. الثورة في كل مكان، لكن الماضي يؤثر على كل شيء وعلى الجميع، ويدرك «سيرجيو» بأنه لا يمكن أن يحدث تغييرًا فعالاً اجتماعيًا على الفور. ربما يكون هدف الفيلم في المقام الأول إلقاء الضوء على الصراع بين فولغينسيو باتيستا وفيدل كاسترو، لكنه حقيقةً حول الشعب الكوبي وما يريده، لنصل إلى فكرة مهمة، وهي أن التغيير لا يتعلق بالسياسة وحسب، التغيير الرئيسي أكثر عمقًا من ذلك.
My Dinner with Andre
يبدأ الفيلم بشخصية «واليس» الذي يخبرنا أنه مضطر أن يلتقي بصديقٍ قديمٍ له يُدعى «أندريه»، ثم يبدأ «واليس» بتصوير «أندريه» على أنه شخص غريب الأطوار، فيلتقي الرجلان في مطعم فاخر، لكن المكان الفخم لا يجذب اهتمام أي منهما منذ البداية، نرى أحاديثهم حول التجارب والأفكار والمنظورات غير العادية نحو الحياة تزداد عمقًا، مما يثير الكثير من التساؤلات حول هبة الوجود، ويقول «أندريه» إنه بحث عن معنى الحياة في رحلاته، وعلاقته مع الأشخاص من حوله، واستكشافات الطبيعة البدائية، بينما يرى «واليس» أن جمال الحياة يكمن في بساطتها، في بهجة القهوة الصباحية، في ليلة مريحة مع المقرب، وفي الدوافع المفاجئة التي تجعلنا نكتشف الفن من حولنا. أيًا كان الجانب الذي تقف به، سيكون هذا الفيلم كغذاءٍ عقلي فكري للمشاهد، ما يجعله مميزًا بأن الحوارات الوجودية التي دارت خلال الفيلم بين الممثل «أندريه غريغوري» والممثل «واليس شون» لم تكن مجرد تمثيل، لكنها حدثت بينهم في الواقع.
The Mother and the Whore
تدور قصة الفيلم حول «إلكساندر»، و«ماري»، و«فيرونكا»، وهم ثلاث شخصيات محبوبة، لطيفة ومخيبة للآمال في بعض الأحيان، لكن خلال الفيلم الطويل جدًا وغير الممل أبدًا، نجد أن تلك الشخصيات تمثل بشكلٍ ما البناء الفكري للنفس البشرية؛ الأحاديث والجدالات والخلافات التي تدور بينهم لا تجعلهم يشعرون بالكره تجاه بعضهم بعضًا مهما كان الأمر، إنما تقربهم وتجعل علاقتهم أقوى. خلال تطور أحداث الفيلم نرى أن المخرج «جون يوستاش» ابتكر تلك الشخصيات كي تكمل بعضها بعضًا، وبأن وجودهم معًا سوف يخلق التوازن الاجتماعي.