سوليوود «متابعات»
قال المخرج اللبناني وسام سميرة إن عالم الإعلانات ساعد في تطوره كمخرج، فقطف منه خبرات كثيرة. ويضيف في حديثه لصحيفة ـ«الشرق الأوسط»: «تاريخي في مجال تصوير الإعلانات يعود إلى نحو 20 عاما. تخللها تصوير كليبات غنائية لفنانين أمثال راغب علامة وميريام فارس وصوفيا المريخ وغيرهم. فالإعلان هو بحد ذاته مادة إبداعية تستطيع الكشف عند صاحبها عن مواهب دفينة يمتلكها». ويرى وسام سميرة الذي هو من نفس دفعة نادين لبكي الجامعية، أن غالبية المخرجين تدرجوا في أعمالهم من خلال ممارستهم مهنة تصوير الإعلانات.
ويتابع في سياق حديثه لـصحيفة «الشرق الأوسط»: «في فترة معينة لعبت الأغاني المصورة دورا بارزا على الساحة الفنية، فشهدت عصرها الذهبي في بداية الألفية الثانية. وكان التنافس ملحوظا في أعمال فيديو كليب المغنين والمطربين. ولكن فيما بعد هبطت أسهم هذه الأعمال إلى حد فقدانها عن الشاشات، بموازاة انتهاء عصر المحطات الغنائية أيضا. وبذلك لم يعد الكليب الغنائي من أولويات الفنان. أما الإعلانات المصورة فهي كانت ولا تزال تشكل عصب الأعمال الفنية والتجارية ولا يمكن الاستغناء عنها في عملية الترويج لمنتج أو سلعة ما، بشكل واسع».
اليوم يملك وسام سميرة شركة إنتاج إعلانات (كلاندستينو فيلمز)، وهو يستعد لتصوير أول أعماله السينمائية «ذا برفيكت سترينجر» بنسخته العربية. فهل يجد نفسه تأخر عن القيام بهذه الخطوة؟ يرد في سياق حديثه: «لقد تلقيت عروضا كثيرة، على مدى العشر سنوات الأخيرة. لا اعتبر نفسي فوت الفرصة المناسبة لأنني كنت أبحث عن عمل يخرج عن المألوف. فلا يهمني أن أقدم أفلاما سينمائية كثيرة بالكاد تحصد إعجاب الناس. لذلك تريثت وانتظرت الوقت المناسب للانطلاق بمهمة جديدة. فمن الجيد أن نبقى متمسكين بأحلامنا وأن نتجدد في أدائنا، والا وقعنا في الملل».
وما لا يعرفه كثر عن وسام سميرة هو أنه تعاون مؤخراً مع المغني العالمي من أصل لبناني ميكا في حفله الافتراضي الذي خصصه لمساعدة الصليب الأحمر اللبناني إثر انفجار بيروت. فكيف حصل واختاره المغني الشهير لهذه المهمة؟ يرد: «إنني على معرفة بالمغني ميكا من خلال أصدقاء مشتركين. وقد تعرفت إليه والتقيته أكثر من مرة. وعندما رغب في تصوير قسم خاص ببيروت في حفله الافتراضي الأخير «أحب بيروت»، اختارني للقيام بهذه المهمة. فنقلت بكاميرتي مشاهد من بيروت المنكوبة وأخرى للفريق الغنائي «مشروع ليلى» وإلى ما هنالك من لقطات ترتبط ارتباطا مباشرا ببيروت. فكان تعاونا رائعا واستمتعت كثيرا بهذه التجربة». وعما إذا ميكا كان مبالغا في طلباته منه وصعبا في التعاون معه يقول وسام سميرة: «إنه من أهم وأبرز الفنانين العالميين الذين عملت معهم. فهو إضافة إلى نسبة ذكاء عالية يتمتع بها، فهو يملك حسا فنيا مرهفا يخوله حصد النجاح تلو الآخر. كما لديه القدرة على تخيل ورسم مشهد فني معين قبل تنفيذه، وهو ما أسهم في إنجاح هذه التجربة بيننا».
وعن مشروعه السينمائي الأول يقول: «إننا في صدد التحضير لتصويره في فبراير المقبل في بيروت. وسيكون النسخة العربية للفيلم العالمي «ذا بيرفكت سترينجر» الذي حصدت نسخته الإيطالية الأصلية عشرات الجوائز. وأنا متحمس جدا للقيام بهذه التجربة، سيما وأن موضوع الفيلم جريء ويقارب موضوعات شيقة لم يسبق أن تمت معالجتها في أفلام عربية أو لبنانية».
ويدور موضوع الفيلم عن شلة أصدقاء منذ الطفولة يجتمعون حول مائدة عشاء. وكونهم يعرفون بعضهم البعض عن قرب ولا يخفون أسرارا فيما بينهم، قرروا القيام بلعبة ترتكز على ترك أجهزتهم المحمولة على الطاولة، بحيث يمكن لأي واحد بينهم أن يطلع على رسائل واتصالات الآخر. على إثرها، يبدأون في اكتشاف فضائح لها علاقة بكل منهم. ويعلق وسام سميرة: «ليس هناك من أحد لا يملك أسراره الخاصة مهما ربطته علاقات وثيقة مع صديق ما. كما سيواكب الفيلم أحداثا نعيشها بعيدا عن السياسة. فيطل على الثورة اللبنانية وعلى جائحة «كورونا» ليحمل الحدثية في مجرياته».
يذكر أن فيلم «ذا بيرفكت سترينجر» بنسخته العربية هو من تأليف غبريال يمين وشاركه وسام سميرة في هذه المهمة. ويعلق: «الفيلم بشكل عام فسحة فنية يحتاجها المشاهد اليوم ليروح عن نفسه في خضم ضغوطات كثيرة مر بها في العام الفائت، ومن المنتظر أن يرى النور نهاية الصيف الحالي».
وعن كيفية تحضيره للفيلم يقول: «عملية تحضير أي عمل أقوم به يرتكز على دراسته من زوايا مختلفة. فإنا من الأشخاص الذين يستعدون ويدرسون عملهم جيدا قبل الإقدام على تنفيذه. وأحب أن أفسح المجال للحادث الفني الذي ينعكس إيجابا على العمل ككل. فالعفوية في هذا الموضوع تضفي نكهة خاصةً عليه. وفي «بيرفكت سترينجر» سأتعاون مع كوكبة من النجوم العرب واللبنانيين أمثال منى زكي ونادين لبكي وأياد نصار وعادل كرم وديامان بو عبود وغيرهم. هذا الأمر بحد ذاته يزودني بحماس كبير. فالأنظار ستتحول نحوهم بالمرتبة الأولى، ومن ناحيتي فسأبقى على أسلوبي المشبع بالشغف والإحساس وهما يواكباني دائما في أعمالي».
ويصف وسام سميرة نفسه بـ«المحظوظ» كونه يعمل مع 3 منتجين منفتحين لا حدود لأحلامهم وتطلعاتهم لعالم السينما. «لكل من جان لوكا شقرا وماريو حداد ومحمد حفظي خصوصيته في موضوع الإنتاج. جميعهم يعشقون السينما ويريدون الأفضل. ومع المنتجة المنفذة ميادة الحراكي تكتمل الصورة لنجتمع حول عمل نتوق من خلاله، للوصول إلى المستوى العالمي المطلوب. وجميع الذين ذكرتهم يتمتعون ببنية المغامرين الذين لا يخافون من اتخاذ موقع الهجوم في العمل، بحيث لا شيء يثنيهم عن تحقيق أحلامهم وأهدافهم. وأتمنى أن يكون هذا الفيلم بداية انطلاقة حقيقية لصناعة السينما العربية ويتيح لنا المجال لإنتاجات أخرى».
ويؤكد وسام سميرة أن فريق الفيلم بأكمله ينتظر بحماس البدء في عملية تصويره. ويوضح: «لقد أجلنا تاريخ تصويره مرتين بسبب اندلاع الثورة وبسبب الجائحة. اليوم صرنا على أتم استعداد للتنفيذ بعد عملية تحضير طويلة للكاسيت والأزياء والديكورات. فالنجوم السبعة متحمسون جدا لتنفيذ الفيلم في أقرب وقت، خصوصا أن بعضهم لديه ارتباطاته المهنية الأخرى». وعما ينتظر مشاهد الفيلم يقول: «هو فيلم ترفيهي بامتياز. وفي مطارح كثيرة نتلمس الشق الإنساني والبعد الكاريكاتيري لمواقف عديدة تتخلله. أعتقد أنه سيترك انطباعا وطاقة إيجابيين لدى مشاهده». ولكن ألا تخاف من مقارنته بالنسخة الأصلية؟ لا أبدا ولكني آخذها بعين الاعتبار، لأننا نرمي إلى صناعة فيلم على المستوى المطلوب ولذلك سنبذل جهدا كبيرا كي نقدم الأفضل.
وعن مستقبل السينما في ظل الجائحة يقول: «التجربة التي يعيشها مشاهد فيلم سينمائي في صالة لن تنتهي. لا شك أن هناك تراجعا في هذه الصناعة نشهده حاليا بسبب الوباء، وهي معضلة عالمية، وهوليوود تعاني أيضا. أنا شخصيا من عشاق السينما وما يشاهده هواة السينما عبر الشاشة الذهبية لا يشبه بتاتا ما يتابعونه عبر المنصات الإلكترونية. فللأولى رونقها ووقعها على العين عندما تدور في صالة سينمائية فتصلنا مختلفة. برأيي التجربة ستتوسع وتكبر بعيد «كورونا» وسنشهد نهضة سينمائية جديدة تسير جنبا إلى جنب مع نجاحات المنصات الإلكترونية. فهناك شركات إنتاج جديدة استحدثت منصات إلكترونية لها لتواكب المشاهد. كما أن بعض البلدان تعدنا بالتطور على الصعيد الفني عامة كما السعودية مثلا. فالسينما حالة بحد ذاتها، ومسرح ترفيهي كامل يحضننا مع جميع عناصره، بدءا من العرض مرورا بحبات الفوشار والشوكولاته».