سوليوود «متابعات»
أثار فيلم «الموصل» الذي بدأت منصة «نتفليكس» عرضه آواخر نوفمبر الماضي، جدلاً واسعاً في العالم العربي، خاصة في العراق.
وتحول الجدل إلى حرب انتقادات موجهة ضد الفيلم، في وقت احتفت به الصحافة الأميركية والأوروبية باعتباره «يُظهر المواطن العراقي المسلم كبطل مطلق في فيلم هوليوودي، يُحارب الإرهابيين من أجل هدف سامٍ».وفقا لما نشر موقع الشرق .
الفيلم الروائي التشويقي يصوّر مهمّة محدّدة لكنها غامضة، لفريق من المقاتلين في قوات التدخل السريع العراقية (المعروفة اختصاراً باسم سوات) في محافظة نينوى العراقية التي اشتهرت بمواجهة عناصر تنظيم داعش» وانتصارها عليهم.
أحداث الفيلم
تدور أحداث العمل في أجواء الحروب والمعارك، التي يتولى قيادتها 3 رجال أساسيين في الفريق، وهم: الرائد جاسم قائد المجموعة (الممثل العراقي سهيل دباج)، ووليد (الممثل الأردني إسحاق إلياس) أحد أعضاء المجموعة الذي تتعلق المهمة به، ثم كاوة صلاح الفيلي (الممثل التونسي أدم بيسا) الشرطي الكردي الشاب الذي يلتحق بالمجموعة.https://cdn.iframe.ly/ELZQUEk
الفيلم من إنتاج الأخوين أنتوني وجوزيف روسو، المعروفين بإنتاجهما لأفلام المغامرة والتشويق التي تحقق أعلى الإيرادت عادة، مثل سلسلة أفلام «كابتن أميركا» و«المنتقمون»، كما أنه أول فيلم ناطق باللغة العربية، يُنتج في هوليوود.
وتولى إخراج الفيلم ماثيو مايكل كارناهان، في تجربته الأولى بعد سنوات من تميّزه في كتابة السيناريوهات لأفلام تناولت قضايا الشرق الأوسط.
ويسرد الفيلم الأحداث التي شهدتها الموصل، من معارك ضارية ومجازر جراء احتلال «داعش» لها وسيطرتهم عليها قبل تحريرها بالكامل من قبل القوات العراقية قبل أكثر من عامين.
ويعتمد الفيلم على الأحداث الواقعية كخيط للحكاية وكديكور يساهم في إنجاح مشاهد الحركة والمغامرة والتشويق، فالسيناريو مبنيّ على تحقيق كتبه الصحافي لوك موغلسون في مجلة «نيويوركر» في 2017، رافق فيه فرقة من قوات التدخل السريع في محافظة نينوى العراقية، كما أعلن الأخوين روسو.
افتقاد روح الواقع العراقي
وواجه الفيلم انتقادات أبرزها افتقاده لروح الواقع العراقي والحياة الاجتماعية فيه والخلفية السياسية لما يحدث في المنطقة.
ودافع المخرج العراقي محمد الدراجي، الذي تولى الإنتاج التنفيذي في فيلم وأشرف على تدريب الممثلين وساعد في كتابة السيناريو، في حديثه لموقع «الشرق» عن الفيلم: «كل الحكاية تدور في 4 ساعات فقط، في 5 شوارع، لوصول فريق (سوات) إلى هدفهم، فالفيلم يتحدث عن هذه الحالة وهذه اللحظات تحديداً التي عاشتها المجموعة».
وأضاف: «في اللحظات الأخيرة يريد الفريق العسكري بلوغ هدفه، وهو الوصول إلى عائلة البطل وليد لإنقاذها قبل وصول داعش إليها لأخذ زوجته وابنته والفرار بهما، وهناك عوائل هؤلاء الجنود العراقيين إما مقتولين أو مخطوفين من قبل داعش، والأحداث تصوّر هذه اللحظات الأخيرة لإنقاذهم».
بطولات عراقية
ولفت «الدراجي» إلى أن «كل هذه التعليقات تعبّر عن عدم وعي في مشاهدة الأفلام السينمائية عندنا في العراق وفي المنطقة، وأنا أتفهم رأي بعض الجماهير عن تحرير الموصل وغيرها، لكنهم يحتاجون مشاهدة ذلك لأنهم عاشوا رعب الحرب وتبعاتها حقيقةً».
وأضاف: «هذه ليست مهمة الفيلم، فهو ليس فيلماً وثائقياً بل خيالي بامتياز، كما أنه لا ينتمي إلى سينما المؤلف ليعملي على الخلفيات السياسية والأنثروبولوجية».
وتابع: «لا يمكن لأي فيلم أن يعالج كل شيء، خاصة في الأمور المتعلقة بداعش، وإلّا سيصبح الفيلم بروباغنذا ودعاية، مشدداً على أن الفيلم تحوّل من فكرة مقال إلى قصة سينمائية بسيطة تلحظ بطولات الإنسان العراقي وإنسانيته، وحاله كمدافع شرس عن حقه هو حال أي إنسان أميركي يدافع عن عائلته أو حال أي إفريقي أو صيني أو أي بلد».
حملة سياسية
واعتبر «الدراجي» أن ما يدور في العراق حول الفيلم ليس جدلاً، بل حملات سياسية منظمة ضد العمل من قبل جهات تعتقد أن هناك انتقادات لهم وعدم إظهارهم بالصورة الجيدة مثل جماعة الذين صوّرناهم يبيعون الأسلحة مقابل المخدرات، كما أظهرنا ارتباطهم مباشرة بإيران.
ورأى المخرج العراقي، أن جزءاً من الحملة جاء من قٍبل بعض القائمين على مؤسسات إنتاجية عراقية عامة أو خاصة، فشلت في تقديم إنتاجات سينمائية أو أن توثّق بطولات المقاتل العراقي وفشلت في تحقيق أي عمل يتناول الأحداث المؤلمة في المنطقة، وعندما ظهر الفيلم بهذه القوة، رأت الدفاع عن نفسها بهذه الطريقة.
«نتفليكس» بريئة
أما عن استغلال «نتفليكس» لاسم الموصل ومعاركها الأخطر في العقد الأخير، لتجذب مزيداً من الجمهور كما تردد، نفى «الدراجي» أن تكون شبكة البث التدفقي الشهيرة شاركت في الإنتاج أصلاً، مؤكداً أن “«الفيلم كان من المفترض أن يُعرض في صالات السينما بعدما عرض للمرة الأولى في مهرجان البندقية ثم في مهرجان تورونتو، لكن الظروف التي فرضتها وباء كورونا حالت دون ذلك فاضطررنا إلى عرضه على (نتفليكس».
وحول أداء الممثلين وبينهم لبناني وتونسي وأردني، قال «الدراجي»: هناك خيار ووجهة نظر للمخرج خاصة من الناحية الحرفية في التمثيل، ثم أن اللهجة العراقية كانت بالنسبة لفيلم موجّه للسوق الأميركية والأوروبية، ليست الأساس، ورغم ذلك جاءت مقنعة وجيدة خاصة أن الفريق تدرب لمدة 6 أسابيع متواصلة مع عدد كبير من المتخصصين.
أسباب اختيار مراكش
وعن سبب تصوير الفيلم في مراكش، قال «الدراجي»: الفيلم صُوّر في نهاية عام 2017 وبداية 2018، وكانت الحكومة أعلنت تحرير الموصل في 10 ديسمبر، والفيلم كان يُكتب في مرحلة خطرة جداً من الناحية الأمنية.
وتابع: في البداية، أرادوا التصوير في الأردن لتقارب المناخ والجو الاجتماعي ثم توجّهوا إلى مراكش، لأن الموصل ليست أرضاً خصبة لصنع فيلم سينمائي بإمكانات وفريق تصوير ضخم يتعدى 500 شخص وآليات ضخمة، وهو نفس الفريق الذي صنع الفيلم الشهير (أفاتار) وغيره.
وانتقد «الدراجي» عدم احترام الملكية الفكرية في العراق، مشيراً إلى أن هناك 4 ملايين عراقي شاهدوا الفيلم بشكل غير شرعي.