صالح البيضاني
حالة من الصدمة في الأوساط الفنية والشعبية، خلفها الرحيل المفاجئ للمخرج السوري حاتم علي، في الوقت الذي كان لا يزال في قمة عطائه، إذ استطاع أن يترك بصمة استثنائية في تاريخ الدراما العربية على وجه الخصوص، من خلال سلسلة من الأعمال التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، ابتدأها برائعته الدرامية «الزير سالم» التي أعاد فيها رسم ملامح شخصية امتزجت في المخيلة الشعبية العربية بالأساطير، وكانت الإضافة على هذا العمل ضرباً من المغامرة الإبداعية منقطعة النظير التي ميزت أبداعه بعد ذلك.
رحل حاتم علي، بصورة درامية شبيهة إلى حد كبير ببعض أعماله، وبصورة تعيد للأذهان الرحيل المفاجئ للمخرج السوري مصطفى العقاد، الذي ترك هو الآخر أثراً هائلاً في عقول المشاهدين العرب، من خلال أعمال خالدة لا تزال تنافس حتى اليوم، وتحظى بمتابعة جماهيرية فريدة، كما هي الحال مع فيلمي الرسالة وعمر المختار.
وبيّن علي والعقاد ثمة متشابهات عديدة، ليس فقط في الجنسية ولا الرحيل المفاجئ، بل في القدرة الفائقة على إرضاء ذائقة المشاهد العربي المتعطش للأعمال ذات القيمة الفنية والموضوعية العالية التي تحترم خياله، وتشبع نهمه السينمائي والدرامي.
وقد تنوعت مواهب حاتم علي، بشكل قلما يتكرر في الساحة الفنية العربية المليئة بكثير من الغثاء، وربما أسهم ذلك التنوع الكبير في قدراته على ملء فراغ هائل في الدراما التاريخية على وجه التحديد، التي أعاد إليها مكانتها الجماهيرية اللائقة، ككاتب قصة ومسرح وسيناريو، ومخرج ومنتج وممثل، وهي أمور برع فيها جميعاً.
ويحفل تاريخ حاتم علي بالإنجازات، فقد شارك في عشرات الأعمال التلفزيونية كممثل، وأخرج وأنتج عدداً من الأفلام، لكنه كما يبدو وجد ضالته آخر المطاف في الأعمال الدرامية، حيث أخرج أكثر من 25 مسلسلاً تلفزيونياً، من بينها روائعه التاريخية التي كرست اسمه كأحد عمالقة الإخراج العربي، ومن بين تلك الأعمال، مسلسل الزير سالم (2000) ، وصلاح الدين الأيوبي (2001)، غير أن أعماله الأندلسية كانت الأكثر حضوراً وشعبية في الشارع العربي، لكن تلك السلسلة الدرامية التي بدأها بمسلسل صقر قريش (2002) وربيع قرطبة (2003) وملوك الطوائف (2005)، لم تكتمل، قبل أن يعود بمسلسلات تاريخية أخرى مثل، الملك فاروق (2007) ومسلسل عمر (2012).
صحيفة الرؤية