سوليوود «متابعات»
شهدت منصات البث الرقمي تطوراً سريعاً سنة 2020، ارتفعت فيه حدة المنافسة وتزايدت فيه الإنتاجات الضخمة على أبرز هذه المنصات مثل «نتفليكس» و«ديزني بلس»، وأمازون و«أبل بلس».
ففي سنة وبائية، دفع انتشار فيروس كورونا وما رافقه من إجراءات الحجر والعزل العام، الناس إلى التزام بيوتهم، حيث لجأ كثيرون إلى شاشات التلفزيونات الذكية بعيداً عن صالات السينما، لتغير صناعة السينما أيضاً وجهتها وطريقة عرضها. فكثير من الأفلام والمسلسلات التي تم تأجيل إصدارها أكثر من مرة بسبب كورونا، عرضت للمرة الأولى على منصات البث الرقمية واستقبلها الجمهور بحفاوة.
وعُرضت خلال شهر ديسمبر الجاري فقط أكثر من عشرة أفلام رئيسية وضخمة. وهي عناوين كانت لتعرض في دور السينما أولاً في السنوات الماضية، لكنها اليوم تظهر للمرة الأولى في البيوت وفي غرف الجلوس.
لكن 2020 أظهرت أيضاً أن العرض الأول للأفلام الروائية على منصات البث الرقمي، ليس مرتبطاً تماماً بوباء كورونا وما نتج عنه من اضطرابات في قطاع السينما، بل هو نتيجة حتمية لتطور هذا القطاع، بحسب رأي الممثل الأميركي توم هانكس. إذ يتعاظم دور المنصات الرقمية التي تستقبل ملايين المشاهدين يتزايدون يومياً عبر العالم، على حساب صالات العرض وقنوات التلفزيون التقليدية.
تحول صناعة الترفيه
ووفقا للشرق بلومبيرج شهدت سنة 2020 تحولاً لافتاً في صناعة الترفيه نحو البث الرقمي، باعتباره منصة أساسية لتوزيع الأفلام وعرضها. فبعدما كانت «نتفليكس» تقدم نحو 60 فيلماً سنوياً منذ 2018 اتسع نطاق البث على المنصة الرائدة والأكثر انتشاراً (195 مليون مشترك في العالم) لتقدم فيلماً جديداً ورئيسياً كل أسبوع من إنتاجها فقط، كما فعلت أخيراً مع أفلام ضخمة مثل «Mank» و«The Midnight Sky» و«The Prom»، إذ تخطط المنصة لإصدار العديد من الإنتاجات الخاصة والضخمة في 2021، لتوسيع مكتبتها السينمائية والدرامية. وهو الأمر الذي حذت فيه حذوها منصات أخرى، إذ لم يعد البث الرقمي ساحة تحتكرها «نتفليكس» منذ أن ظهرت «أبل بلس» و«ديزني بلس» في 2019، و«HBO» و«NBC» و«HULU» في 2020.
النشاط الذي تشهده المنصات الرقمية، استدعى منافسة على «اصطياد» كبار المخرجين ومنحهم مساحات من الحرية بميزانيات ضخمة، وهو ما بدأته نتفليكس منذ بدايتها، محاولة قطع الطريق على الاستوديوهات الكبيرة التي بدأت تتجه إلى الإنتاج في مساحات آمنة غير مكلفة وتدر الأموال، واستطاعت «نتفليكس» بذلك جذب أسماء كبيرة، مثل الأخوين كوين وألفونسو كوارون ونواه بومباك وستيفن سودربيرغ والأخوين روسو، وصولاً إلى الكبير مارتن سكورسيزي، ليخوضوا مغامرات تجريبية غير مسبوقة.
وتعمل المنصة على توسيع قاعدتها وإغناء أرشيفها، في منافسة مع «ديزني بلس» التي يتوقع المراقبون أن تكتسح جميع المنصات، إذ تمتلك 80 سنة من الأرشيف الضخم، فضلاً عن أعمال «فوكس» و«مارفيل» المنضويتين تحت جناح الشركة كذلك.
هوليوود على خطى «الرقمي»
تتجه استوديوهات هوليوود التي كانت تحارب نموذج «نتفليكس”، اليوم للسير على نهج المنصة الرقمية، سواء من حيث فتح منصات كما فعلت «وورنر ميديا»، أو من حيث اللجوء من جديد إلى الإنتاجات الضخمة والأسماء الكبيرة كما تفعل ديزني. فقد حان الوقت للالتفات إلى الأعمال الخاصة التي يمكن أن تضمن التميّز والأرباح، وما خطوة «وورنر ميديا» في بث 17 فيلماً (وهي قائمة أفلامها الكاملة في 2021) عبر منصتها «HBO MAX» في الوقت نفسه لعرضها في صالات السينما، كما أعلنت في بيان في أوائل ديسمبر الجاري، إلا تأكيد للتنافس بحثاً عن مشتركين أكثر وربح أكبر.
وذكر موقع «ZD net» أن «ديزني بلس» ستحذو حذو «وورنر» أيضاً في جميع إصداراتها خلال 2021، وأنها تفكر أيضاً في الاندماج مع «HULU» لتعزيز الوصول الإجمالي للمشتركين. في خطوة تعد بمثابة ثورة في عالم صناعة السينما ودور العرض والبث الرقمي، خلقت جدلاً في الولايات المتحدة كما كتبت صحف عدة منها «نيويورك تايمز».
واعتبر مراقبون أن «وورنر» تعجلت الأمر، وكان عليها انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع بعد حملات التطعيم ضد كورونا، لنرى ما إذا كانت حال صالات السينما ستتحسن أم لا. لكن محللين اقتصاديين يعتبرون أن دور العرض في الولايات المتحدة «لن تتخلص من تبعات كورونا ولن تستعيد حيويتها المعتادة قبل خريف 2021».
ومن بين أفلام «HBO MAX» الـ17، إنتاجات ضخمة ومنتظرة من قبل الجمهور مثل «Dune» من إخراج دنيس فيلنوف، الذي تبلغ كلفته حوالي 165 مليون دولار، إضافة إلى «The Matrix 4» و«In the Heights» للين مانويل ميرندا، و«Cry Macho» لكلينت إيستوود، و«Godzilla Vs. Kong»، و«Suicide Squad».
100 عنوان لديزني سنوياً
وذكرت وكالة رويترز أن ديزني اختارت أخيراً تعبئة ومضاعفة خدمات البث إلى الحد الأقصى، بدل الإعلان عن تغييرات جذرية في استراتيجيتها لإصدار الأفلام. وأفادت بأن الشركة المتقدمة في مجال البث الرقمي بشكل كبير، تخطط لإصدار 10 مسلسلات تلفزيونية جديدة من امتيازات «مارفيل» و«ستار وورز»، بما في ذلك مجموعتان فرعيتان من «ذي مندلوريان» (The Mandalorian) على خدمة «ديزني بلس»، خلال السنوات القليلة المقبلة. مع العلم أن سلسلة هذه المسلسلات تعتبر تاريخياً من أعلى الإنتاجات تكلفة.
وبحسب رويترز، ستقدم «ديزني» 15 عرضاً حياً آخر من عروضها للرسوم المتحركة وبيكسر (Pixar)، و15 عرضاً على خدمة «ديزني بلس». وقال مسؤولون تنفيذيون في الشركة إنه على المشتركين توقع عرض 100 عنوان أو أكثر على «ديزني بلس» سنوياً.
وللمساهمة في تأمين موارد مالية تبلغ 16 مليار دولار تخطط ديزني لإنفاقها على محتوى جديد في السنة المالية 2024، سترفع «ديزني بلس» سعر الاشتراك دولاراً واحداً في الولايات المتحدة، ليصبح 7.99 دولارات شهرياً و2 يورو في أوروبا ليصبح 8.99 يورو (10.92 دولاراً).
ومن أبرز إنتاجات «ديزني» في 2021 أجزاء جديدة من «عروس البحر الصغيرة»، و«مينينوز»، «بيتر بان»، و«كرويلا» و«هيرقليس»، و«بينوكيو»، و«شنوو وايت» و«تينكيربيل» و«توم أند جيري»، إضافة إلى «رايا والتنين الأخير»، و«بلاك ويدو» و«لوقا» وغيرها.
«أبل» تفوز بسكورسيزي
بعد شد وجذب بين «نتفليكس» و«أبل» التي يروج أنهما قد تندمجان لاحقاً، إذ تريد “أبل” الاستحواذ على المنصة الأكثر شعبية في العالم، فازت «أبل بلس» بإنتاج فيلم «Killers of the Flower Moon» للمخرج مارتن سكورسيزي.
وتبلغ تكلفة إنتاج الفيلم الذي سيبدأ تصويره في فبراير 2021 في أوكلاهوما، 200 مليون دولار، ويجمع النجمين روبرت دي نيرو وليوناردو دي كابريو، وستتولى توزيعه شركة «باراماونت». وتدور أحداث الفيلم الذي من المتوقع صدوره في 2022، حول مقتل الكثير من أفراد جماعة الأوساج «Osage» في عشرينيات القرن الماضي، بعدما اكتشفوا النفط في أراضيهم.
«إشعار أحمر» لنتفليكس
بعدما رفضت شركة «يونيفرسال بيكتشير» تحمل أعباء الميزانية المقترحة لفيلم «إشعار أحمر» (Red Notice)، تولت «نتفليكس» المهمة في 2019، ليصدر الفيلم من بطولة غال غالوت وريان رينولدز ودوين جونسون في 2021. وقد تراوحت ميزانيته بين 125 و150 مليون دولار، وهو من أضخم إنتاجات نتفليكس في العام الجديد. كما أن هناك نسخة جديدة في 2021 من «The Extraction» الذي حصد نسبة مشاهدة عالية جداً في نسخته الأولى، وكلف إنتاجه 65 مليون دولار.
واليوم تعود المنصة إلى إنتاج جزء أو نسخة جديدة مع الأخوين روسو اللذين ستعمل معهما على فيلم ضخم أيضاً من حيث الإنتاج في 2021 وهو «The Gray Man». وسيكون هذا الفيلم المثير من بطولة رايان جوسيلينغ وكريس إيفنز وآن دي أرماس. كما أن هناك فيلم «بينوكيو» للمخرج غيلارمو ديل تورو.
أما الفيلم الأضخم لدى «نتفليكس» فهو «Don’t look up» من إخراج آدام ماكاي. وتكمن ضخامته في طاقم الممثلين الكبير بدءا بليوناردو دي كابريو وجنيفر لورانس، مروراً بتيموثي شالاميت وكيت بلانشيت وميريل ستريب وجوهاه هيل. وهو فيلم كوميدي يتتبع عالمين فلكيين يصطدمان بجدار من الطوب عندما يحاولان تحذيرنا جميعاً من نيزك عملاق يندفع نحو الأرض.