سوليوود «خاص»
لم يمثل الانتقال والتدرج من القوات المسلحة إلى مكاتب مستشفى الشميسي بمدينة الرياض، وعزف الكمان ضمن فرقة موسيقية شاركت في تقديم عدد من الأغنيات مع مطربين وفنانين سعوديين، عائقًا أمام توهج ذلك الفتى الأسمر القادم من أحياء مكة المكرمة إلى مصاف النجومية الفنية على المستوى السينمائي والدرامي، بعد أن انتقل إلى مدينة الرياض ليكمل فيها تعليمه، ويبدأ منها مسيرته المهنية والفنية.
ذلك هو الفنان السعودي الكبير سعد خضر، الذي أطل على الحياة في الثالث من يوليو من عام 1946، بمدينة مكة المكرمة، وشهد مسلسل «بدون فلتر» الذي عرض في عام 2018. آخر ظهور له بعد سنوات اعتاد فيها المشاهدون على إطلالته على الشاشة التي طالما تميزت بالهدوء والأداء الرفيع في تقمص الشخصيات التي يجسدها وتظل عالقة في أذهان المتابعين لتلك الأعمال، كالشخصية الشهيرة في مسلسل «أبو حقب» التي أصبحت ملازمة له على الرغم من مضي عقود من الزمن على عرض المسلسل عبر التلفزيون السعودي.
«بدون فلتر» ظهور أخير وكأنه بمثابة دعوة وجهها سعد خضر إلى النقاد من أجل التعمق في حياته ومسيرته الفنية، بدون أي قيود وهو من عرف عنه المقولة «إن من له الحق في إبداء الرأي في أعمالي الدرامية هم النقاد، وإنني كفنان ما زلت في المهنة، لدي العديد من الأعمال القابلة للنقد ووجهات النظر المختلفة». وبالرغم من كل الأعمال التي قدمها “خضر» ممثلاً ومنتجًا، دأب على القول «إن هذه الجهود التي نقدمها نشكر عليها، ولكنها معرضة للخطأ والصواب، ولكل مجتهد نصيب».
تلك الأعمال لم تتسم بالشهرة فقط، بل كان أحدها هو الأول من نوعه في السعودية، إذ كان الفنان سعد خضر أول من قدم فيلمًا سينمائيًا سعوديًا من تأليفه وإنتاجه، وهو الفيلم الروائي الطويل الذي تجاوزت مدته الساعتين والنصف «موعد مع المجهول» في عام 1980، ولا بالمحلية كذلك، إذ شارك في عدد من الأفلام العربية عبر بوابة السينما المصرية واللبنانية ومنها أفلام «صراع الأيام» 1984 الذي كان من تأليفه، ومن بطولة فاروق الفيشاوي، وجميل راتب، وبوسي، و«رحلة المشاغبين» 1988 من بطولة دلال عبدالعزيز، وسمير غانم، والفيلم اللبناني «الغافلون» 1990 من بطولة ميشيل ثابت، وميشيل أبو سليمان، وبدر حداد، وفيلم «الزوجة المفقودة» 1992 من بطولة أحمد الزين، والمطربة هدى.
لم يتوقف الحضور الكبير لسعد خضر على الشاشة الذهبية التي قدم من خلالها ما يصل إلى 8 أفلام سينمائية فحسب، بل تجاوز ذلك إلى تقديم ما يصل إلى 41 مسلسلاً دراميًا خلال مسيرته الفنية التي امتدت أكثر من نصف قرن منذ سبعينيات القرن الماضي، افتتحها ككومبارس في مسلسل يحمل اسم «صلاح الدين» لينطلق بعدها في سلسلة من المشاركات الدرامية الناجحة كان أبرزها، المسلسل التاريخي «أبو الطيب المتنبي» في دور كافور الإخشيدي 2002، و«هوامير الصحراء» 2009، و«امرأة لا تشبه القمر» 2005، و«أيام لا تنسى» 1974.
وكما يقول «لأن لكل مجتهد نصيب» نال سعد خضر العديد من الإشادات والتكريم الفني من قبل عدد من الجهات الفنية والثقافية خلال مشواره الفني الطويل، كان آخرها تكريمه من صالون الرياض الفني بمناسبة مرور ست سنوات على تأسيسه، بالمدينة الإعلامية بالرياض، في لفتة تقدير وعرفان لمسيرة فنية كانت جسر عبور نحو النجومية لأجيال متلاحقة كان «خضر» بمثابة القدوة لها.