سوليوود «متابعات»
قال المخرج اللبناني أسد فولادكار، إنه لا يرغب في تقديم قصص مأساوية عن الأحداث التي شهدتها بلاده بدايةً من الحرب الأهلية التي عاش تفاصيلها حتى انفجار «مرفأ بيروت» الذي يرى أنه «أعاد لبنان إلى نقطة الصفر»، وأوضح أسد في حديثه لصحيفة «الشرق الأوسط» أنه يقدم أعماله بين لبنان ومصر والسعودية وأن الأعمال الكوميدية تستهويه بشكل كبير خصوصاً بعد نجاح ست كوم «رجل وست ستات» الذي قدم منه عشرة مواسم على مدار 12 عاماً والذي لعب بطولته الفنان أشرف عبد الباقي.
ودرس فولادكار الإخراج السينمائي والتلفزيوني في الولايات المتحدة الأميركية، وحاز فيلم تخرُّجه «يا رب ارحم» على العديد من الجوائز ووصل إلى التصفيات النهائية في مسابقة «أوسكار أفضل فيلم طلابي»، وقدم أول أفلامه «لما حكيت مريم»، الذي حاز قبولاً كبيراً ونال جوائز عديدة، وكذلك فيلم «بالحلال»، الذي أنتجه بمشاركة ألمانية، وقدم في السعودية عدداً من الأعمال الدرامية البارزة، ويستعد حالياً لتصوير فيلم «بنات العائلة» بها، وهو يدرس السينما بالجامعة اللبنانية في بيروت.
شارك المخرج اللبناني في العديد من لجان التحكيم في المهرجانات السينمائية، كان آخرها لجنة تحكيم الأفلام القصيرة بمهرجان الإسكندرية السينمائي الذي أعاده لذكريات وصفها بأنها رائعة عندما جاء إلى الإسكندرية لأول مرة منذ 17 عاماً مع أول أفلامه «لما حكيت مريم».
واقترن اسم المخرج فولادكار بالحلقات الكوميدية «رجل وست ستات» التي أخرجها في عشرة أجزاء ناجحة، ويؤكد إمكانية تقديم أجزاء جديدة منها، وكما يقول: «كان فيلمي الأول (لما حكيت مريم) سبباً في ترشحي لإخراج هذه الحلقات، فقد قال لي المنتج اللبناني صادق الصباح: عندي حاجة كوميدي في مصر. فقلت له: هذا حلمي. واقترحت عليه تقديمها في ست كوم (كوميديا الموقف)، ولم يكن هذا النوع معروفاً في منطقتنا العربية، لكن كانت لي تجربة في أستراليا حيث عملت كمساعد مخرج في حلقات مماثلة، ونجحت التجربة المصرية جداً، وعندما أصوّر حلقاتها لا أشعر بأنني أصور مسلسلاً تلفزيونياً، بل أشعر بأنني أجتمع مع عائلتي، فنحن نعمل منذ 12 عاماً ليس فقط الممثلون بل التقنيون أيضاً لم نغيّرهم، فأصبحنا مثل عائلة قد يغيب بعض أفرادها لكنهم يعودون للقاء، لذلك أرى أنه يمكن تقديم أجزاء أخرى منه، فالعمل يعتمد على المشكلات العائلية، وهي لا تنتهي، وهناك مستجدات حدثت في العائلة، فالبطل (أشرف) صار لديه صبية لها مشكلاتها (منة عرفة) لذا لا أستغرب تقديم أجزاء جديدة منه».
وقدم فولادكار فيلمين لبنانيين هما «لما حكيت مريم» و«بالحلال» اللذين كتبهما بنفسه عن قضايا اجتماعية، إذ آثر أن يبتعد عن السياسة مبرراً ذلك بقوله: «عشت الحرب الأهلية في لبنان وتأذيت منها كثيراً، وكنت في بيروت لحظة انفجار المرفأ وبيتي تأثر مثل كثير من اللبنانيين وفقدت أيضاً صديقاً خلاله، وقد جاء هذا الانفجار ليعيدنا إلى نقطة الصفر، لقد دفعت ثمناً يكفيني من حياتي، ومات حولي كثيرون حتى صار منظر الجثث شيئاً مألوفاً بالنسبة إليّ، لكنني أحلم بالحياة من دون حرب وأريد أن أعيش حالة أخرى، أريد أن أعيش الفرح والابتسامة لذا أصوّر أفلاماً كوميدية لأنني أتمتع بروح الكوميديا، لكنني في الوقت ذاته أحب التراجيديا أيضاً، والآن أجهّز لتصوير فيلم مصري بعنوان (السرايا الحمراء) وهو بعيد عن الكوميديا».
وعلى الرغم من نجاح السينما اللبنانية في تقديم أفلام حققت وجوداً عالمياً، فإن فولادكار يرى أن الأزمة إنتاجية بالدرجة الأولى، ويوضح قائلاً: «لدينا مواهب كبيرة، ففي العامين الماضيين شارك فيلمان لبنانيان بجائزة الأوسكار، هما (القضية 23) لزياد دويري، و(كفر ناحوم) لنادين لبكي، لكن لا توجد لدينا صناعة، وكلٌّ منّا يبحث بطريقته عن طرق لتمويل أفلامه، أحياناً نصل وأحياناً لا، وقد استعنت بتمويل ألماني لفيلم (بالحلال) بمشاركة إنتاجية لبنانية، وحصل الفيلم على الجائزة الكبرى في اليابان وكانت هذا مفاجأة لي».
يصف فولادكار تعامله مع جهات الإنتاج قائلاً: إنه «أصعب أمر، فنحن نقضي حياتنا بحثاً عن التمويل أكثر مما نشتغل على الفيلم، إذ نعمل 4 أشهر على الفيلم و4 سنوات من أجل التمويل، وفي أوروبا هناك مؤسسات للتمويل ونظام محدد، فهم يرحبون بمشاركة دول أخرى لتقديم ثقافات مختلفة، وفي لبنان لا توجد مؤسسات سينمائية».
وأخرج فولادكار فيلم «قرمط بيتمرمط» الذي يقول عنه: «سعدت بالعمل مع الفنان أحمد آدم فهو إنسان بكل معنى الكلمة، لكن الفيلم لم يحقق نجاحاً بالشكل الذي يستحقه ولا أعرف السبب، لكنه ظُلم في عرضه، غير أنه مع عرض الفيلم تلفزيونياً وجدتُ ردود فعل إيجابية من الأصدقاء والجمهور العادي، ويسعدني العمل في السينما المصرية التي كبرنا عليها وعلى نجومها، وكبار مخرجيها مثل صلاح أبو سيف ويوسف شاهين فهما من أساتذتي الكبار، وحين كنت في أميركا قدمت دراسة عن السينما المصرية، وكنت أدعو الطلاب لمشاهدة بعض الأفلام من بينها (السقا مات) لصلاح أبو سيف الذي ترجمتُه إلى الإنجليزية وعرضتُه على الطلاب في الجامعة وكانوا منبهرين به. فعلاقتي بالسينما المصرية علاقة قديمة، وحينما كنت أعدّ لتصوير فيلمي الأول (لما حكيت مريم) زارنا في الجامعة في بيروت الفنان محمود حميدة وتعارفنا وتحمس للفيلم وساندني كثيراً».
يتنقل فولادكار في عمله كمخرج بين السينما والتلفزيون، مؤكداً أن «التلفزيون لأكل العيش، والسينما هي التي أحبها، لكن لا يمكن أن أعيش منها».
وفي المملكة العربية السعودية أخرج فولادكار ثلاثة مسلسلات، كما يستعد لتصوير فيلم سينمائي جديد بها، وهو يرى أن «المرحلة المقبلة هي مرحلة السينما السعودية، بسبب التطور الكبير الذي تشهده البلاد والمواهب التي ظهرت، وجمهورها المتحمس لمشاهدة الأعمال الجديدة… لقد عشت في المملكة خلال تصوير المسلسلات الثلاثة التي أخرجتها وهي (منا وفينا)، و(مستر كاش)، و(مليار ريال)، وكلها أعمال كوميدية، وشهدت التطور الكبير الذي حدث بها في المجالين الثقافي والفني، وقريباً سأبدأ تصوير فيلم «بنات العائلة» الذي كتبته بنفسي، وكتبت كاتبة سعودية الحوار باللهجة المحلية».