سوليوود – «متابعات»
مومياوات قاتلة، ومنزل مسكون بالأشباح، ومؤثرات خاصة وموسيقى تصويرية حزينة, عناصر عدة تُعوّل عليها شبكة «نتفليكس» العملاقة في مجال البث التدفقي لإنجاح أول إنتاجاتها المصرية الأصلية، مسلسل «ما وراء الطبيعة».
فقد طرحت «نتفليكس» في الأسبوع الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، مسلسل الغموض والإثارة المصري المستوحى من سلسلة روايات الخيال الأكثر مبيعاً في مصر «ما وراء الطبيعة» للكاتب المصري الراحل أحمد خالد توفيق، بتسع لغات بينها العربية، للجمهور في نحو 190 دولة.
وقال رئيس المحتوى العربي والأفريقي الأصلي في «نتفليكس» أحمد شرقاوي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «بوجود جمهور بهذا الحجم، كان منطقياً أن نشارك في المشروع».
وأضاف: «نحن متحمسون لأن يرى المعجبون شخصياتهم المفضلة -الوحوش والأشباح- تنبض بالحياة».
ويمثل المسلسل المصري الأول على «نتفليكس» تحولاً في صناعة الترفيه في مصر خصوصاً والعالم العربي عموماً.
ولطالما كانت مصر مركزاً ثقافياً وفنياً رئيسياً في المنطقة، مع عشرات الأفلام والمسلسلات من أنواع فنية مختلفة سنوياً.
غير أن الإنتاج السينمائي في البلاد فقد بريقه في السنوات الأخيرة وفق النقاد، بعد العصر الذهبي بين أربعينات وستينات القرن الماضي.
لذلك يأمل كثر في أن يضخ نمو خدمات البث التدفقي حياة جديدة في الصناعة وتوسيع جمهور الإنتاجات المصرية حول العالم.
ويقول مروان كريدي، خبير الإعلام العربي: «لقد بدأنا نرى بعض صانعي الأفلام يتخطون جهات التمويل الحكومية والخاصة، ويتجهون مباشرةً إلى نتفليكس»، مشيراً إلى أن هذا «النموذج يكتسب قوة في العالم العربي».
وتدور أحداث المسلسل المصري الجديد، المكون من ست حلقات، في ستينات القرن الماضي حول مغامرات خارقة للطبيعة لاختصاصي أمراض الدم رفعت إسماعيل، الذي يؤدي دوره الممثل المصري الشاب أحمد أمين.
وخلال المسلسل يحاول إسماعيل جنباً إلى جنب مع زميلته الاسكوتلندية ماغي ماكيلوب، التي تؤدي دورها الممثلة اللبنانية البريطانية رزان جمّال، أن يحلّا ألغازاً غامضة سواء على أطراف القاهرة أو من عمق الصحراء الليبية.
وقال المخرج المصري الشاب عمرو سلامة، وهو صاحب مشاركات كثيرة في مهرجانات سينمائية دولية: «أردنا إنشاء محتوى عالي الجودة دون فقدان الروح المصرية للعمل».
وأضاف سلامة، مخرج فيلم «الشيخ جاكسون»: «لم نُرد أن يبدو عملنا كمسلسل أميركي مدبلج بالعربية. حتى مع المؤثرات الخاصة والأساطير والحكايات المخيفة، أردناه أن يكون مصرياً أصيلاً» , وفقاً لما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، تباينت ردود الأفعال المصرية على المسلسل، حيث سخر كثيرون من استخدام المؤثرات الخاصة، بينما أشاد آخرون بالأداء التمثيلي للممثل الرئيسي أحمد أمين.
ويظهر أمين خلال أحداث المسلسل واضعاً نظارات طبية ومتحدثاً بصوت خافت كما يدخّن السجائر باستمرار، والمفارقة أن هذا الممثل اشتهر في مصر من خلال برنامج كوميدي كان يبثه على الإنترنت قبل أن ينتَج ويُعرض على التلفزيون بعد نجاحه.
وقال أمين لوكالة الصحافة الفرنسية إن «دور البطولة في مسلسل ما وراء الطبيعة يترافق مع تحدي نقل الدراما المصرية إلى المسرح الدولي».
وأوضح أنه «اختبار لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا المنافسة وجذب الجماهير خارج العالم العربي».
ويشبّه كريدي تجربة اقتحام «نتفليكس» الأسواق العربية بنجاح شبكة «إتش بي أو» التلفزيونية في الولايات المتحدة في جذب المشاهدين لبرامج بارزة مثل «ذي سوبرانوز» و«ذي واير».
وقال كريدي: «لقد أزالت أجهزة البث عبر الإنترنت الحدود لمفهوم الدراما التلفزيونية المصرية».
وأشار كريدي إلى أن خدمات البث التدفقي أوجدت طبقة وسطى من مستهلكي الإنتاجات الترفيهية تتميز بذوق رفيع.
وأضاف أن «التغيير الكبير… هو نسف إيقاع الاستهلاك التلفزيوني وتفتيت وحدة المشاهدة من الأسرة إلى الفرد».
وقال: «الآن يشاهد الجميع ما يريدون، في أي وقت يريدون… على مجموعة من الأجهزة».
ولعل الإشادة التي حظي بها ممثلون وكتاب عرب أميركيون في هوليوود لدى النقاد أخيراً كانت عاملاً مساهماً في إبراز أعمال عربية أصلية على هذه الشبكات.
وقد فاز الممثل المصري الأميركي رامي مالك بجائزة «أوسكار أفضل ممثل» العام الماضي عن تجسيده دور المغني فريدي ميركوري في فيلم «بوهيميان رابسودي».
كما فاز مسلسل «رامي» الكوميدي من إنتاج شبكة «هولو» وبطولة الممثل المصري الأميركي رامي يوسف بجائزة «غولدن غلوب» بداية العام الجاري.
ولا يزال عدد المشتركين في «نتفليكس» في المنطقة دون خمسة ملايين شخص، لكن الشبكة تأمل في مضاعفة الرقم بحلول عام 2025 مع مجموعة كبيرة من عروض المحتوى العربي، بما في ذلك عرض موسيقي للمغني المصري عمرو دياب في وقت لاحق هذا العام.
من جهتها تأمل الممثلة رزان جمّال أن يتمكن «ما وراء الطبيعة» من تقديم صورة جديدة عن الشخصيات العربية للمشاهدين العالميين خلافاً للصور النمطية السائدة.
وقالت: «آمل أن يسلط الضوء على المواهب الموجودة لدينا هنا وأن تكون لدينا فرصة أكبر لسد الفجوة بين الشرق والغرب».