سوليوود «الرياض»
لأسباب عدة أصبحت «ثيمة»، أي فكرة، الأبطال اللصوص رائجة وناجحة في صناعة الدراما السينمائية والتلفزيونية خلال السنوات الأخيرة. وفيلم «اللص الشريف» Honest Thief، إخراج مارك ويليامز وبطولة ليام نيسون، ليس استثناء من هذه الظاهرة اللافتة، لكنه يمد الخيط لآخره فيما يتعلق بطيبة وشرف اللص في مقابل فساد وشر الشرطة، وبالتحديد جهاز المباحث الفيدرالية، اف بي آي، الذي يعتبره الكثيرون أقوى جهاز شرطة، والأكثر نزاهة في الولايات المتحدة الأميركية.
أحد أسباب نجاح أفلام ومسلسلات اللص الشريف، واللص الظريف، واللص الصغير هو أنها تثير مشاعر الفقراء والمقهورين ضد اللصوص الكبار، والـ«سيستم» الذي يصنع ويحمي هؤلاء الكبار، خاصة لو كان هذا اللص الصغير من أصحاب القلوب الرحيمة المتعاطفة مع هؤلاء المقهورين، وحبذا لو كان يسرق أيضاً من أجلهم كما كان يفعل رائدهم «روبن هوود»!
أحد العناصر الأخرى لهذه النوعية من الأعمال هي المهارة التي يتسم بها هؤلاء اللصوص الأذكياء، أصحاب الموهبة والكفاءة التي يفتقدها البشر العاديون، والتي يستطيعون بها اختراق أعتى النظم الأمنية وخداع أذكى رجال الأمن، بجانب مهارات الهرب والتخفي والقتال وغيرها، وفقا لصحيفة الرؤية.
يلعب فيلم «اللص الشريف» على هذه الفكرة والعناصر النمطية: فالبطل توم (نيسون) هو أكبر لص بنوك في بوسطن، استطاع أن يسرق أكبر البنوك على مدار عقود طويلة، دون أن تستطيع الشرطة توقيفه أو حتى معرفة هويته.
لكن بطل الفيلم، الذي انتهج طريق الإجرام بعد وفاة أمه نتيجة عدم قدرة والده على توفير كلفة علاجها، ثم وفاة أبيه نتيجة الديون المتراكمة وتسبب البنوك في إفلاسه، هو صاحب قلب طيب، وعاطفي، بل شديد العاطفية.
يبدأ الفيلم بمشهد لتوم وهو ينفذ إحدى عملياته التي يقوم فيها بتفجير الخزائن، وفي المشهد الثاني يقع في الحب من أول نظرة مع الطبيبة النفسية الجميلة آني (كيت ويلش).
من المدهش أن ليام نيسون عمره الآن 68 عاماً، وهو ممثل عرف طريقه إلى الأكشن متأخراً، عندما قام ببطولة ثلاثية أفلام Taken أو «الرهينة» 2008- 2014، وها هو يجري ويتسلق الأسوار ويقفز من أعلى البنايات ويقاتل بالمسدسات والأسلحة الخفيفة والأيدي العارية وحتى القتال بالسيارات! وهو يقترب من السبعين، لكن الأكثر إدهاشاً من ذلك كله أن فيلم «اللص الشريف» يصور وقوعه في حب الطبيبة النفسية كما لو كان مراهقاً خجولاً يكتب الشعر مثل امرئ القيس. إنه يتصل بالمباحث الفيدرالية ليخبرهم بنيته في التوبة وتسليم الملايين التي سرقها عبر السنين في مقابل تلقي عقوبة بسيطة لا تزيد على عامين، وعندما يسأله رجل المباحث ساخراً: لماذا يفعل ذلك بالرغم من أنهم لا يعرفون هويته ولا يستطيعون الإمساك به يجيبه توم: «لقد التقيت امرأة»، على أساس أنه لم يلتقِ امرأة يحبها طوال العقود الخمس الماضية التي امتهن فيها السرقة، والتي أصبح خلالها مليونيراً يمكنه أن يغوي نصف نساء العالم على الأقل!
في مشهد آخر متأخر من الفيلم يشرح توم لعميل المباحث دوافع توبته لحبيبته التي لم تكن تعرف أنه لص «لقد كنت أسرق من أجل الحب، والآن وجدت الحب معك»!
يفترض الفيلم أن المشاهد يمكن أن يصدق هذه السذاجة في الأفكار، وهذا الاستخفاف في الكتابة، وفي المقابل يفترض أن المشاهد سيصدق أن عميلين مخضرمين من عملاء المباحث الفيدرالية يقرران أن يقوما بسرقة اللص وقتله قبل أن يقوم بتسليم المال ونفسه، وعندما يفشلان يقومان بقتل رئيسهما ثم يحاولان قتل حبيبة اللص، ويرتكبان كل هذه الجرائم في وضح النهار وسط الناس وتحت عدسات كاميرات المراقبة الموضوعة في كل مكان.
يعتمد «اللص الشريف» على رواج هذا النوع من الأفلام، لكن صناعه يعانون الكسل الإبداعي، وهو يعتمد على شعبية نيسون ونجاح أعماله السابقة، وعلى مشاهد الأكشن والمطاردات، وربما يلبي الفيلم بعض توقعات جمهور نيسون والأكشن، لكن هذا أقصى ما يطمح إليه.