سوليوود «الرياض»
تصوّر المخرجة الفرنسية التونسية كوثر بن هنية التلاقي العنيف بين عالَمَي اللاجئين والفن المعاصر، في فيلمها الجديد الذي عرض الجمعة في افتتاح مهرجان مونبيلييه الدولي لسينما البحر المتوسط “سينيميد” في جنوب فرنسا.
ومن المقرر أن تنطلق عروض فيلم بن هنية “الرجل الذي باع ظهره” في دور السينما في 16 كانون الأول/ديسمبر المقبل.
وتبتعد بن هنية في قصة هذا الفيلم عن تونس لتتناول هذين الموضوعين اللذين يهمّانها ويثيران شغفها.
وتروي بن هنية في الفيلم قصة سام علي الذي لم يولد “في الجهة المناسبة من العالم”، إذ هو شاب سوري اضطر بعد تعرضه للتوقيف اعتباطياً إلى الهرب من بلده سوريا الغارق في الحرب، وأن يترك هناك الفتاة التي يحبها ليلجأ إلى لبنان.
ولكي يتمكن سام (يؤدي دوره الممثل يحيى مهايني)من السفر إلى بلجيكا ليعيش مع حبيبته فيها، يعقد صفقة مع فنان واسع الشهرة، تقضي بأن يقبل بوشم ظهره وأن يعرضه كلوحة أمام الجمهور ثم يباع في مزاد، مما يفقده روحه وحريته.
واستوحت بن هنية في فيلمها من أعمال الفنان البلجيكي المعاصر ويم ديلفوي الذي رسم وشماً على ظهر رجل وعرض العمل للبيع. وقالت إن “البضائع يمكن أن تنتقل بحرية في العالم ولكن ليس الأفراد”، حتى عندما يتعرضون لأبشع أشكال الاضطهاد.
وتنتمي بن هنية إلى جيل السينمائيين التونسيين الشباب الذين نقلوا إلى الشاشة الكبيرة قضايا مجتمعية وسياسية كانت محظورة لزمن طويل في ظل نظام زين العابدين بن علي.
‘السينما تتيح لي مواصلة التعلّم’
وأكدت بن هنية أنها “متحمسة جداً لما يحصل في تونس” منذ الثورة الشعبية عام 2011. وأضافت “في ظل الديكتاتورية، لم أكن لأستطيع إطلاقاً إخراج الأفلام التي أخرجها اليوم، والتي تحظى بدعم تونس”، وفقا لما نشره موقع ميدل إيست.
ولاحظت أن “تونس لا تزال في ورشة، وطبعاً ثمة فوضى، فالبورجوازية تنزعج عندما يعبر عامّة الشعب عن أنفسهم، لكنّ هذه التحوّلات هي المراحل الأكثر أهمية في التاريخ”.
وبن هنية المولودة في 27 أعسطس 1977 في سيدي بوزيد بوسط تونس، حيث لم تكن توجد دور سينما، هي من أبناء “جيل أشرطة الفيديو المنزلية (في اتش إس)”، وكبرت “مع أفلام بوليوود الهندية”، على ما قالت.
عندما وصلت إلى تونس العاصمة لمتابعة الدراسة في مجال التجارة، قررت كوثر دراسة السينما بفضل الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة.
وفي باريس التي استقرت فيها، تابعت بن هنية ورشة كتابة لمدة سنة في المدرسة الوطنية العليا لمهن الصورة الصوت (فيميس) ونالت درجة الماستر البحثية.
وتتذكر “كان حلمي أن أبقى طالبة كل حياتي، لكنّ السينما تتيح لي مواصلة التعلّم”.
وتتعامل المخرجة وكاتبة السيناريو الأربعينية مع كل فيلم جديد “وكأنه قصة حب”. وفي العام 2010، أخرجت عدداً من الأفلام القصيرة، فاختارت النوع الوثائقي في “الأئمة يذهبون إلى المدرسة”، ثم أخرجت “شلاّط تونس” في العام 2014 وبعد سنتين “زينب لا تحب الثلج” عن الانتقال من الطفولة إلى المراهقة، وقد صورته بين تونس ومقاطعة كيبيك الكندية.
وفي العام 2017 بلغت مرحلة مهمة ومصيرية في مسيرتها السينمائية عندما حصد فيلمها “على كف عفريت” إعجاب الجمهور وتصفيقه الحاد لدى عرضه ضمن قسم “نظرة ما” في مهرجان كان، ويتناول قصة فتاة تدعى مريم اغتصبها رجال شرطة، وتكافح على مدى ليلة لتقديم شكوى في حقهم.