يوسف الحربي
إن كان هناك تسمية مناسبة ودقيقة لمهرجان أفلام السعودية في الفترة الحالية فلا يمكن إلا وصفها بمرحلة النضج والتطوير التي كلّلت خطواته التي بدأ فيها وانطلق وتفعّل ليكون مناسبة بل فرصة على كثير من الأصعدة التي نهضت بالفنون التصويرية والسينما السعودية بكل تفاصيلها وحيثياتها المتكاملة معه من حيث النص والأداء والإخراج والإنتاج.
وهو الأمر الذي يقف خلفه إيمان كامل بالإنسان السعودي في البحث والسعي والتطوير والتعلّم والنضج والتكوين والإنجاز والتميّز والاستفادة من التقنيات الحديثة والتكنولوجيا الرقمية.
ورغم الوضع الاستثنائي لنسخة هذا العام من المهرجان على خلفية الجائحة العالمية، إلا أن ذلك لم يفت من عزم القائمين على المهرجان بل على العكس رأينا أنهم جعلوا منها فرصة مهمة لاختبار الكثير من الرؤى على المستوى التطبيقي ومستوى العرض، من خلال التنظيم والتواصل والامتداد والمتابعة التي كانت سهلة ومتاحة خاصة وأن الأعمال اتسمت بالكثير من النضج والتفهّم والتواصل.
وبمشاركة من 54 فيلما توزعت على ثلاث مسابقات ومسابقة رابعة للسيناريو غير المنفذ انطلق التحدي والاختبار بالإصرار على المتابعة والحرص على ضمان الحراك الثقافي وتشجيع المواهب وفرض مساحات للمنافسة والاطلاع.
فهذه المرحلة هي مرحلة وعي بالمبدع السعودي والإيمان بما يقدّم وتوفير الفرص له ليتقدّم ويعبّر ويستوعب حجم التغيير على المستوى التقني والمستوى التعبيري والفني وكذلك ليستوعب الظروف ويتعايش معها بتفرّد يساعده على الخلق والابتكار.
فلا يمكن أن نكون بمفصل عن الظرف الذي عزلت العالم ولكن لنا القدرة على فرض النشاط وتشريك المثقف والفنان وأصحاب المواهب والمتابعين والمهتمين بالسينما السعودية، لأن إتاحة الفرص للعرض والتسابق والمنافسة هي تمهيد طريق لخلق رؤى الصناعة المشفوعة بالإبداع الذي يعزّز الثقة للتجريب وتقبّل فكرة الصورة وحركتها وتوظيف كل ما يهم الفنون والثقافة خدمة للهوية السعودية وجمالياتها القادرة على تثبيت بصمة السينما السعودية على المستوى المحلي والخليجي والدولي وتأكيد تطوّرها المرحلي المتناغم مع كل المتغيّرات المعنوية والفكرية والتقنية واحتواء مواهب أبنائها وتطويرها بما يليق والأفكار المنطلقة بالتحدي وهي روح المنافسة التي يفرضها.
المهرجان بتنظيمه الدائم من جمعية الثقافة والفنون في الدمام حرص على خوض كل التحديات لأجل جعله مهرجانا يحتفي بالمواهب والمبدعين وصقلها ووزع فيها حماس المنافسة والتألق، ونثمن وجود الشريك الدائم مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء»، وهذا العام دخول هيئة الأفلام بالدعم، وهذا يقف وراءه عرّاب السينما السعودية الشاعر أحمد الملا، وهو من سعى وبحث بحب وشغف لهذا الفن، ولا ننكر جهود القائمين على اللجان الفنية ممن يعملون بصمت خلف كواليسه منذ سنوات «أحمد الشايب، محمد العلي، عقيل العلي، حسين العمران، محمد العاشور، فاطمة يوسف، زينب الشيخ، ندى الحميدان»، وغيرهم من فريق الجمعية والمهرجان.
صحيفة اليوم