سوليوود «الرياض»
إذا ما كانت الدورة السبعون لمهرجان برلين الدولي التي أقيمت في الشهر الثاني من هذه السنة آخر ما شهده العالم من مهرجانات سينمائية كبيرة، فإن الدورة الـ77 من مهرجان فينيسيا الدولي المقرر إقامتها ما بين 2 و12 سبتمبر (أيلول) المقبل، هي أول المهرجانات الكبيرة التي ستعود إلى ناصية الأحداث الفعلية.
بعد برلين وحتى الآن طغى الوباء المستشري حول العالم على الحياة السينمائية على أكثر من صعيد ومنع إقامة المهرجانات والمحافل السينمائية على النحو الذي تعودناه عليه. غاب كارلوفي فاري وغاب ثيسالونيكي وغاب لوكارنو وهونغ كونغ ومونتريال وأنيسي وبوسان وتريبيكا وغاب كذلك أهمها وهو مهرجان «كان» (وهذا من بين عشرات المهرجانات الرئيسية الأخرى.
كما بات معروفاً، فإن عدداً من المهرجانات الغائبة عن الحضور الفعلي استبدلت غيابها ذاك من خلال الوجود على الشاشات المنزلية لمن رغب في الاشتراك. بذلك برهنت على عكس ما كانت تريد البرهنة عليه وهو: لا شيء يمكن أن يكون بديلاً لمهرجان فعلي يحضره السينمائيون والجمهور وأفراد لجان تحكيم. مهرجان يعرض أفلامه في القاعات الكبيرة المزوّدة بأفضل صوت وصورة ويوزّع جوائز ويقيم الحفلات.
برلين كان الإطلالة الأخيرة لمهرجان كبير وفينيسيا المقبل هو الإطلالة الأولى لمهرجان من الوزن والحجم ذاته. بينهما توارى مهرجان «كان» بعدما كان جمع عدداً من الأفلام المثيرة للاهتمام ثم تركها تبحث عن عروضها في صالات السينما وبعض مهرجانات المستقبل (سيعرض تورونتو عدداً منها).
– تجول بعيد
ووفقا لصحيفة الشرق الأوسط، إعلان إدارة مهرجان فينيسيا عن قوائم الأفلام المشاركة في دورة هذا المهرجان الأهم لا يجيء تأكيداً لنجاحه فقط، بل كذلك يأتي تأكيداً لما سبق قوله من أنه لا يوجد مهرجان من دون عناصره الفعلية من أفلام معروضة على شاشات كبيرة لجمهور محتشد. والأهم ربما حقيقة أن المهرجان الإيطالي واجه بقوّة وعناد كل هذه المتغيرات الطارئة بسبب فيروس «كورونا» وجمع من أركان الدنيا أهم ما لديها من أعمال جديدة سواء اشتركت في المسابقة أو خارجها أو في مسابقة قسم «آفاق» التي تعكس، تحديداً، اهتمام المهرجان بالسينمات الآتية من منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تحت إدارة الممثلة كيت بلانشيت، ستعاين لجنة التحكيم 18 فيلماً من تلك المتسابقة لنيل جائزة الأسد الذهبي أو ما يتفرّع عنها. ولا ينفي مدير المهرجان ألبرتو باربيرا احتمال إضافة فيلمين آخرين مع اقتراب موعد إقامة المهرجان أو حتى ثلاثة.
الافتتاح سيكون بفيلم «روابط» لدانييل لوشيتي مستعرضاً حكاية عبر عقود حول محنة عائلية بطلتها ألبا رورووشر وسيلفي أورلاندو.
من بين أبرز العروض المرتقبة «نومادلاند» لتشاو زاو. المخرجة التي بنت مكانة لها عبر فيلميها الأخيرين «حكايات علمني إياها أخوتي» (2015) و«ذا رايدر» (2017) وهي تعود بما يبدو أقوى أعمالها. إنتاج أميركي (أسوة بفيلميها السابقين) تقوده الممثلة فرنسيس مكدورمند في دور امرأة تقرر، بعد إفلاس الشركة التي تعمل فيها، إلى اكتشاف أميركا برّاً. تجمع احتياجاتها لمشروع طويل الأمد وتنطلق في الدروب والطرق البعيدة في مشوار ينقلها بين الولايات.
زاو واحدة من بين مخرجين إناث يتقدمن في سباق هذه الدورة. نجد بموازاتها المخرجة البوسنية ياسميلا زبانيتش بفيلم عنوانه Quo Vadis، Aida. زبانيتش هي صاحبة ثلاثة من أفضل ما خرج من السينما البوسنية وهي «أرض أحلامي» (2006) و«على الطريق» (2010) و«لمن لن يقدر على سرد حكايات» (2013).
من بين المخرجات الأخريات المشتركات الإيطالية سوزانا نيكياريللي «مس ماركس» الذي يدور حول الابنة الأصغر لكارل ماركس وتؤديها على الشاشة رومولا غاراي. المخرجة الإيطالية إيما دانتي «الأخوات ماكالوزو» والأميركية مونا فاستفولد «العالم الآتي».
جدير بالذكر أن «الأخوات ماكالوزو» مقتبس عن مسرحية قامت دانتي بإخراجها قبل ثماني سنوات.
ليس هناك من مخرجة مميّزة أو معروفة جيداً في المسابقة باستثناء زبانيتش التي سبق لها وعرضت في هذا المهرجان وفي برلين. لكن القسم الرجالي من المخرجين فيه عدد أكبر من المعروفين: الياباني كيوشي كوروساوا «زوجة جاسوس» حول تاجر ياباني ينتقل لمنشوريا في الوقت الذي تدور الشبهات حوله وحول زوجته كجاسوسين.
بين المعروض كذلك فيلم للروسي المخضرم أندريه كونتشالوڤسكي عنوانه «الرفاق الأعزاء»، وآخر للإيراني ماجد مجيدي بعنوان «أطفال الشمس» وفيلم للإسرائيلي أموس غيتاي «ليلى في حيفا» والإيطالي جيانكارلو روزي «نوتورنو».
هذا لجانب بضعة أسماء لمخرجين أقل شهرة من بينها الأذربيجاني هلال بيدروف «بين الموت» والمكسيكي مايكل فرنكو «نوفو أوردن» والكندي كورنل ماندركزو «قطع من امرأة».
– تونسي وفلسطيني
خارج المسابقة نجد انتشاراً لأفلام إيطالية. على صعيد الأفلام الروائية فيلم «لاشيامي أنداري» لستيافنو مورديني و«أسانديرا» لسلفاتوري ميرو و«لاتشي» لدانيال لوشيتي.
في المقابل التسجيلي نجد فيلماً إيطالياً من إخراج الأميركي آبل فيرارا هو «سبورتينغ لايف» وفيلم «سلفاتوري – صانع أحذية أحلامي» للوكا غواداغنينو كما «بالو كونتي، الحياة معي» لجورجيو فرديللي، من بين أخرى.
وكما كان مهرجان فينيسيا قدّم في الدورة الماضية استعادة لفيلم من إخراج أورسن وَلز هو «الجانب الآخر من الريح» يعيد الكرّة هذا العام بنفض الغبار عن فيلم آخر له هو «هوبر- ولز». تم تصويره سنة 1970 وينص على حوار بين المخرجين – الممثلين أورسن وَلز ودنيس هوبر.
مسابقة «آفاق» تحتوي على تسعة عشر فيلماً يفتتحها الفيلم اليوناني «تفاح» لكريستوس نيكو. تحتوي كذلك على أفلام من دول مختلفة بينها تونس، حيث تعرض المخرجة كوثر بن هنية فيلمها الجديد «الرجل الذي باع جلده» (إنتاج مع فرنسا وألمانيا). ومن فلسطين (بالاشتراك مع فرنسا وألمانيا أيضاً) «غزة، حبي» لطارزان وعرب ناصر، ويعرض الصيني وانغ جينغ فيلمه الجديد «الآتي أفضل» ومن كازاخستان يوفر عادل خان يرزانوف فيلمه «القطة الصفراء».
هذه الأفلام، وباقي تلك المنضوية تحت قسم «آفاق»، تنص على عرض أعمال لمخرجين جدد ومن مناطق بعضها بعيد عن النبض السينمائي العالمي.
وفي حين يحافظ مهرجان فينيسيا على عادة افتتاح دورته بفيلم أميركي «نوماندلاند»، كما تقدّم إلا أن باقي الاشتراكات الأميركية الأخرى من خارج المضمار الرئيسي لهوليوود.
المرجح أن المهرجان حاول معرفة ما إذا كان يستطيع الحصول على فيلم كريستوفر نولان «تَنت» للافتتاح. لكن وورنر التي أنتجت لم تكن في حالة تستطيع معها التفكير في عرض الفيلم مهرجاناتياً قبل أن تؤمّن له الرقعة المناسبة لعروضه التجارية بعدما اضطرب برنامجها المحدد للفيلم أكثر من مرّة.