ديف لي
مع بقاء 25 دقيقة فقط حتى موعد العرض، الوضع غير مؤكد ما إذا كانت الشاشة الهائلة القابلة للنفخ في نهاية ساحة موقف السيارات سترتقي إلى مستوى المناسبة. عرض الليلة لفيلم “مونا” Moana من ديزني – فيلم عمره أربعة أعوام، لكن من يهتم – معلق في الميزان.
السيارات تدخل الساحة. “أنا أعيش الحلم، كما أرى”، كما تقول المرأة التي ترتدي كمامة على البوابة عندما سألتها عن حالها. عادة ما يكون هذا الموقع موطنا لمعرض مقاطعة سان ماتيو، الذي ألغي هذا العام بسبب فيروس كورونا. يقوم المنظمون بدلا من ذلك باستضافة عدد من ليالي عرض الأفلام في دور السينما الخارجية للاستفادة من المساحة الوفيرة، مع استمرارية الحصول على بعض الدخل، وتوفير ليلة آمنة ومتباعدة في مدينة لا تتكرر فيها هذه الأمور كثيرا.
بحلول الوقت الذي ولدت فيه في أواخر الثمانينيات، كانت الأغلبية العظمى من دور السينما الخارجية قد أغلقت. لكنني رأيتها في الأفلام. حيث تثير نوعا من الحنين غير الأولي، وأسمع الموسيقى التصويرية في رأسي لفرقة بيتش بويز.
بالنسبة للأطفال هنا – وهناك كثير منهم – هي حتى تجربة غريبة أكثر: فرصة تكون أنظارهم مثبتة على شاشة ليست في أيديهم. قالت كليترا نيوتون، إحدى المنظمات، عند الإعلان عن الخطة في الإذاعة المحلية: “بعض هؤلاء الأطفال سيندهشون. لأن هذه ستكون تجربتهم الأولى معها، وسيكون ذلك رائعا”.
هذا المشهد يتكرر في جميع أنحاء البلاد. قالت أيانا ستافورد موريس، مخرجة الأفلام التي، مع زوجها سيري موريس، أخلت موقع ملعب البيسبول المهدم في نيوارك، نيوجيرسي، لإعداد مسرح يتسع لـ385 سيارة افتتح الأسبوع الماضي: “هذا شيء لم يشهده مجتمعنا منذ فترة طويلة. كانت تجربة منسية، كما تعلم. نسي الأشخاص مدى روعتها”.
قبل كوفيد – 19، من شاشات الأفلام البالغ عددها 41172 في أمريكا، 559 فقط كانت في دور السينما الخارجية – بانخفاض من ذروة الخمسينيات، عندما كانت أكثر من أربعة آلاف شاشة خارجية. لكنها اليوم تظهر في كل مكان، مدفوعة من أزمة كوفيد – 19.
من الآن حتى تشرين الأول (أكتوبر)، تخطط شركة وول مارت لاستضافة أكثر من 300 عرض في 160 ساحة من ساحات مواقف السيارات التابعة لها في جميع أنحاء البلاد. وأنشأت “تاريبيكا إنتربرايزيز”، التي تستضيف مهرجان الأفلام السنوي، أربعة مواقع لاستضافة أكثر من 30 عرضا لأفلام كلاسيكية، مع عروض إضافية للعاملين الأساسيين والمستجيبين الأوائل.
مع عدم مواجهة خيار أفضل، هناك أشكال أخرى من الترفيه تنتقل إلى شكل دور السينما الخارجية أيضا، مع نتائج متباينة. مغني الموسيقى الريفية جارث بروكس، الذي اضطر إلى تأجيل جولته في 2020، سجل أداء لمرة واحدة تم عرضه لاحقا في نحو 300 مسرح في جميع أنحاء أميركا الشمالية. كان سعر التذكرة 100 دولار لكل سيارة. انتقاد في صحيفة “شارلوت أوبزيرفر” يقول: “إذا كان هذا هو ما سيبدو عليه مستقبل ’الذهاب إلى الحفلات‘، واصلوا طريقكم واستبعدوني”.
الأحد الماضي، قدم جيم جافيجان، الممثل الكوميدي الأميركي عرضا في ساحة موقف سيارات في نيوجيرسي يتسع لألف سيارة. قال لشبكة سي بي إس نيوز لاحقا، “هل كانت مثالية؟ هل كانت الضحكات صاخبة بالقدر نفسه؟ بالتأكيد لا. لكنه كان عرضا”.
دور السينما الخارجية كانت في قلب العصر الثقافي الأكثر جرأة في أميركا – عندما كانت سيارات الكاديلاك تطوف في الشارع الرئيس وكان الأطفال يأكلون في مطعم متواضع جديد رائع اسمه ماكدونالدز.
كان رجل الأعمال ريتشارد هولينجسهيد، من نيوجيرسي، أول من حصل على براءة اختراع لهذا المفهوم. في 1933، وضع جهاز عرض كوداك على غطاء سيارته ودعا المشاهدين إلى الحضور إلى مكان العرض بسياراتهم بدلا من الجلوس في مسارح ضيقة. دور السينما الخارجية كانت هائلة نسبيا: نسخة من مجلة “بوبيولر ساينس” في 1957 ذكرت بالتفصيل ساحة جوني أوول ويذر درايف ـ إن Johnny All Weather Drive-In التي بمساحة 28 فدانا في كوبياج، بالقرب من مدينة نيويورك، التي في ليلة مزدحمة قد تستضيف 2500 سيارة. قالت المجلة إن شعبيتها كانت تعود إلى “الانتقال الجماعي إلى الضواحي، ومزيد من السيارات، ونقص جليسات الأطفال”. بالنسبة لذينل ليسوا بحاجة إلى رعاية الأطفال، كانت دور السينما الخارجية توفر ليلة بتكلفة معقولة، ناهيك عن الراحة.
كثير من المواقع، خاصة في الجنوب المعزول، أصبحت نقطة الاشتعال لحركة الحقوق المدنية. بدأ رواد السينما السود، الذين غالبا ما يتم منعهم من دور السينما الداخلية، أو يجبرون على الدخول المهين عبر مدخل خلفي، بزيارة دور السينما الخارجية قبل أن تتمكن قوانين جيم كراو العنصرية من التكيف.
“يتدفق الزنوج إلى المسارح الخارجية”، كما أشارت مجلة “فاراييتي”، في 1949، “التي تعد أمرا فاخرا بشكل عام، مقارنة بعروض الدرجة الثانية المتاحة لهم”.
أحد الرجال الذين أطلقوا حملات ضد “عروض الدرجة الثانية” تلك كان جون لويس، عضو مجلس الشيوخ والرائد في مجال الحقوق المدنية. بالتالي، على نحو يليق به في ليلة وفاته الأسبوع الماضي، قامت دار سينما خارجية في بروكلين ببث فيلم وثائقي يحتفل بعمل حياته – “التوقيت صدفة حزينة”.
مع مرور الأعوام، فقدت دور السينما الخارجية موقعها. أولا، أدت أزمة الطاقة في السبعينيات إلى قيام الأمريكيين بتقليص حجم سياراتهم، ما جعل زيارات دور السينما الخارجية أقل راحة. بحلول الثمانينيات، كانت دور السينما الخارجية تتنافس على الاهتمام إلى جانب الاحتمالات الجديدة والمثيرة لتأجير الأفلام المنزلية على أشرطة VHS.
في محاولة “مستميتة” لإنقاذ الإيرادات المفقودة، تحولت دور السينما الخارجية إلى قيمة الصدمة، من خلال عرض أفلام الرعب المليئة بالقتل وغيرها من العروض الأقل ملاءمة للعائلة.
بعد مطلع الألفية، تعرض كثير من دور السينما الخارجية لضربة قاتلة عندما بدأت استوديوهات الأفلام الرئيسة في توزيع أفلامها بأشكال رقمية فقط – ما أجبر دور السينما على استثمار عشرات الآلاف من الدولارات لتحويل معداتها إذا أرادت عرض أحدث الأفلام. كثير منها لم تستطع تحمل التكاليف وانهارت.
في النهاية، الأرض التي توجد عليها دور السينما الخارجية أصبحت أكثر قيمة كشيء – حرفيا أي شيء – آخر. في موقع ساحة جوني أوول ويذر يوجد الآن متجر تارجيت، ومستودع أدوات منزلية، ومحطة شحن تابعة لشركة تسلا.
من المحتمل أن يستمر إحياء دور السينما الخارجية اليوم حتى انتهاء الوباء، حيث عديد من المواقع الجديدة ليست سوى بدعة مؤقتة. على بعد 20 ميلا جنوب سان فرانسيسكو، سان ماتيو هي واحدة من عدة بلدات صغيرة غير مميزة تشكل وادي السيليكون استضافت السينما الخارجية. بعد فترة ناجحة أثناء الإغلاق، فإن عودة ظهور الإصابات تعني أن البلدة تبدو مستعدة لتحذو حذو معظم الولاية في التراجع عن بعض الجهود لإعادة الفتح.
“بيعت كل التذاكر” كما يقول العامل في أرض المعارض، الذي يوجه السيارات إلى مساحات بديلة، يفصلها كقطع لعبة الداما للتأكد من أن كل سيارة لديها خط رؤية جيد إلى الشاشة – التي بعد كثير من التحرك بطريقة غير منضبطة، تنبعث فيها الحياة في النهاية وبانتصار.
شعار إبسون يومض لفترة وجيزة، تليه شاشة تطلب من الجماهير ضبط أجهزة الراديو على الموجة 92.1FM للاستماع إلى الفيلم. يبدأ عرض الفيلم، وإن كان مع همهمة منخفضة مشتتة لم تختف أبدا.
يغلب على ظني أننا لا نحصل تماما على تجربة دور السينما الخارجية في الخمسينيات. في 2020، التجول حول دور السينما الخارجية مثل جون ترافولتا البائس في فيلم “جريسي” Grease أمر غير وارد نهائيا. في قائمة القواعد المرسلة عبر البريد الإلكتروني قبل عرض الفيلم، يتم إخبار الزبائن أن الكمامات إلزامية عندما يكونون خارج سياراتهم. ومع ذلك، لا يمكنك التحرك من موقف السيارات المخصص لك ما لم يكن ذلك للذهاب إلى الحمام أو حالة طارئة. هناك عدد محدود من التنازلات المتاحة – لا يوجد فشار. ويجب ألا يجلس الزبائن على سقف السيارة.
لم يمض وقت طويل بعد بداية الفيلم حتى بدأت ضجة السيارة الحديثة تصبح مشكلة. بدأت أجهزة الكمبيوتر الموجودة على لوحة السيارات بالذعر من أن أصحابها تركوا مفاتيحهم وراءهم، أو تركوا الراديو مفتوحا عن طريق الخطأ. أصوات التنبيه والومضات وأصوات الزامور التي تلت ذلك هي ما يعادل صوت غلاف الكيس الورقي الذي يحتوي بداخله على الفشار، والهمس المستمر. تبقى المصابيح الأمامية مضاءة عن طريق الخطأ أثناء الفيلم، ثم تطفأ عن طريق الخطأ عندما يقود الناس السيارات إلى المنزل.
مع بداية الفيلم، قررت فتاتان صغيرتان، تبدوان وتتصرفان مثل الأخوات، الحصول على رؤية أفضل من خلال إخراج رأسيهما من فتحة السقف، فقط لتتراجعا لاحقا – نحن هنا في شمال كاليفورنيا، أخذ الضباب يسير فوق رؤوس الجبال، جالبا معه برد المساء.
ما تبقى هو شعور بالعزلة ليس مختلفا تماما عن البقاء عالقا في المنزل – على الرغم من لمسة من التفاؤل، على الأقل: شراء تذكرة لفيلم الليلة يمنحك دخولا مجانيا إلى معرض المقاطعة العام المقبل، عندما سيكون كل هذا بالتأكيد خلفنا.
الإقتصادية