سوليوود «الرياض»
صدر حديثا كتاب قيم بعنوان “السينما والأوبئة” للدكتور بوشعيب المسعودي، في طبعته الأولى، وذلك عن مطبعة ياموس، متضمنا ل 417 صفحة من الحجم الكبير.
وجاء في مدخل الكتاب، انه في السنوات الأخيرة انتشرت العديد من الأوبئة في العالم، وأن معظم الفيروسات تطورت بسبب سلوكيات أنواع الأطعمة التي يتناولها سكان العالم، وخاصة اهم المناطق التي خرجت منها تلك الامراض كالصين ووسط افريقيا وغيرها.
وبحسب موقع بوابة إفريقيا الإخبارية قسم الكاتب مؤلفه الجديد الى ثلاثة فصول، خصص الأول منه للأوبئة الأكثر انتشارا في العالم، حيث سلط فيه الضوء على بعض الأمراض التي تسبب الأوبئة كالطاعون والجدري والانفلونزا، وايبولا، وسارس وشلل الأطفال والملاريا والحمى الصفراء والكوليرا والتهاب الكبد والسرطان بأنواعه، والإيذز.
كما تطرق الكاتب في نفس الفصل الى الأوبئة التي عرفها المغرب كالطاعون، وبكليب والريح الأصفر او الكوليرا، فضلا عن حمى التفويد وعام الجوع، وايبولا وانفلونزا الخنازير، فضلا عن حديثه عن الأوبئة في الكتابات والدراسات التاريخية حول المغرب.
وفي الفصل الثاني الخاص بالسينما والأوبئة، وضع الدكتور المسعودي مقدمة مهمة، أكد فيها أنه من الطاعون الى الفيروس التاجي الموجود في الأفلام، عبر الكوليرا أو فيروس إيبولا، انتشرت الأوبئة والجائحات وعدوى الفيروسات الى السينما مع انتاجات داخل بيئة تاريخية ومعاصرة.
وأكدت تلك المقدمة ان الأفلام التي تتناول الأمراض والأوبئة تحتاج الى منتجين جادين لديهم الوعي والثقافة والايمان بالمسؤولية والاجتماعية، ومخرجين متميزين أصحاب رؤية فنية ناضجة ومعرفة بالطب وبالتقدم العلمي، مع كتابة سيناريوهات يمكنها ان تتحدث عن الحاضر وتمزجه مع الماضي، وتتداخل مع المستقبل.
وأشارت إلى أن أفلام الأوبئة صارت تصور بطريقة مثلى تنبعث منها رائحة الواقعية والحقيقية وتمتزج بحبكة عالية تجعل المتفرج يتابعها بشغف، مبرزة أن جائحة كوفيد 19 أعادت احياء الاهتمام العام بسينما الأوبئة وأثارت فضولا بشان النماذج الوبائية المستخدمة في الصحة العامة.
وبعد أن تحدث الدكتور عن مرض كورونا المستجد، انتقل الى الحديث عن الأوبئة في السينما، حيث أبرز أن السينما الوبائية غائبة في عالمنا العربي، وأن المخرجين ابتعدوا عن الموضوع، فيما السينما المصرية لم تقدم الأفلام التي تفحص الأمراض والأوبئة بشكل مباشر.
وأعطى نماذج من تلك الاعمال، ومنها “صراع الابطال”، للمخرج توفيق صالح سنة 1962، و”اليوم السادس”، ليوسف شاهين سنة 1986، الذي يتحدث عن الكوليرا، و”النخل” الذي يعالج موضوع البلهارسيات، و”الحب في طابا” الذي يتطرق الى موضوع السيدا، فضلا عن فيلم “عاصفة على الريف” لأحمد بدر خان، و”النوم في العسل” لشريف عرفة، لكن تلك السينما ابتعدت وتجاهلت الظواهر المخيفة وآخرها انفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير.
وسلط الدكتور المسعودي بالمناسبة الضوء على الأمراض المعدية في السينما والإرهاب البيولوجي في العديد من الأعمال السينمائية، والاستجابات الاجتماعية للأوبئة التي تمثلها السينما، ثم السينما كوثيقة تاريخية من خلال تجربة مرض السيدا، والأفلام الروائية وتنبؤاتها بالأوبئة، مقدما لائحة لأهم الأفلام العالمية التي تكلمت عن الأوبئة مع تحليلها، من أبرزها الحمى السوداء للمخرج ايلي ورث، و”اندار” للمخرج الأميركي فولفجانج بيتريس، و”الشعور بالكمال” للمخرج الألماني دافيد ماكنزي، و”يوم القيامة” للمخرج نيل مارشال من جنوب افريقيا، و”عدوى” للمخرج الإيطالي لويجي كوزي، وغيرها من الأفلام العالمية التي تطرقت الى الموضوع.
وباعتبار الدكتور المسعودي من المهتمين والمتخصصين في الفيلم الوثائقي فقد خص بابا مهما تطرق فيه الى الحقيقة والواقع من خلال السينما الوثائقية، حيث أكد أن الفيلم الوثائقي هو أن يتزامن العالم الذي فيه السينمائي مع العالم السينماتوغرافي، وأن السينما والفيلم الوثائقي العلمي وسيلة للبحث الثمين والمهمة والتي تستغل في ميادين عدة منها الطب والبيولوجيا وغيرها.
وفي هذا الباب أورد العديد من التجارب السينمائية الوثائقية التي اهتمت بالأوبئة مع تفكيكها بطريقة فنية مقنعة، منها فيلم “المستعمرة” للمخرج أبو بكر شوقي، و”الأوبئة التهديد غير المرئي”، و”كيف تنجو من الطاعون” للمخرج الأميركي ديفيد فرانس و”النار في الدم”، و”مقاتل ايبولا بطل بألف وجه” لمخرجه جويل كلارك، فضلا عن فيلم “الفيروس التاجي من 93 مصاب الى 0 ما الذي فعلته هذه المدينة الصينية لاحتواء الفيروس؟ للمخرج الياباني ريو تاكيوتشي.
وخص الكاتب الفصل الثالث لوباء كورونا، ووسائل التواصل الاجتماعي، التي برهنت على أهميتها وضرورتها، ليختتم الكتاب القيم بخاتمة عنونها ب”كورنا الخاتمة”، قال فيها أن السينما ليست حقيقة ومن المرجح ان تستمر عناصر الخوف التي تؤدي الى الذعر والفوضى في التصوير الدرامي للمرض لأغراض الترفيه فقط”، مؤكدا أن الأفلام المتعلقة بأوبئة الأمراض المعدية تدعي أنها تقدم العلم في العمل ولكنها تقدم النقيض، ذلك نوعا من السحر والخدعة والتشويق.
يشار إلى أن الدكتور بوشعيب المسعودي هو طبيب متخصص في العظام والروماتيزم، ومخرج أفلام وثائقية حازت على عدة جوائز دولية أبرزها، “أسير الألم”، و”امغار” وهو فيلم طويل، صدرت له العديد من الكتب، من أبرزها الثقافة الطبية في السينما، والوثائقي أصل السينما، وشذرات من حياتي، و”تيه ومتاهة في عالم الطب”، و”لهفة وهتاف شذراتهم”، وهي مجموعات قصصية، كما ساهم في العديد من المؤلفات الأدبية والفكرية والسينمائية.