سوليوود «الرياض»
قال الفنان المصري الكبير يوسف شعبان، إن إهمال المؤلفين الجدد للممثلين الكبار والتركيز على أدوار الشباب خلال السنوات الماضية أصاب زملاءه من كبار الفنانين بـ«حسرة»، وأكد في حواره مع صحيفة «الشرق الأوسط» أنه قدّم أدواراً متباينة في الخير والشر، من أجل إرساء القيم الإنسانية الجميلة، وأشار إلى أن الإنتاج الفني العربي المشترك سيكون طوق نجاة لتقديم أعمال عربية مميزة.
وكشف أنه ينتظر تصوير مسلسل «سيف الله» خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، الذي يشارك فيه بستة مشاهد فقط، لكنه متحمس للوقوف أمام الكاميرا مجدداً، بحسب تعبيره، ويشير إلى أنه لم يهتم في أي وقت بمساحة الدور، معبّراً عن تطلعه للعمل مجدداً مع الفنانة سميرة أحمد، عبر مسلسل «بالحب هنعدي»، الذي تعاقد عليه قبل ثلاث سنوات.
وأكد قبل أيام قليلة من احتفاله بعيد ميلاده الـ89 – من مواليد 16 يوليو (تموز) عام 1931 – أنه يرفض اعتزال الفنان طالما أنه قادر على العطاء، ولفت إلى أن دوره في «رأفت الهجان» يعد من أقرب الأعمال إلى قلبه…
وإلى نص الحوار:
> ما أحدث أعمالك الفنية التي سوف تبدئين في تصويرها خلال الفترة المقبلة؟
– أنتظر البدء في تصوير مسلسل «سيف الله المسلول» في شهر أكتوبر المقبل عن حياة خالد بن الوليد، وأجسد فيه شخصية الوليد بن المغيرة، والد خالد بن الوليد، والدور عبارة عن ستة مشاهد فقط، لكنني متحمس جداً للوقوف أمام الكاميرا من خلال عمل مهم كهذا، وقد حدثني المؤلف إسلام حافظ، وقال لي إنهم يجرون مناقشات مع علماء الأزهر الشريف للحصول على موافقته، وأنا شخصياً أرى ضرورة تقديم سِيَر هذه الشخصيات الإسلامية الكبيرة، بما تحمله من مُثُل عليا للإنسانية لكي تعرف الأجيال الجديدة عظمة الإسلام ورجال الدعوة، وهو مأخوذ عن كتاب «عبقرية خالد» للأديب المصري الراحل عباس محمود العقاد.
> وماذا عن مسلسل «بالحب هنعدي» الذي يجمعك مجدداً بالفنانة سميرة أحمد؟
– هذا العمل تعاقدتُ عليه منذ ثلاث سنوات، وأنا متمسّك به جداً رغم تأجيله أكثر من مرة، فأنا أثق فيما تقدمه سميرة أحمد التي سبق لي العمل معها في أعمال سينمائية وتلفزيونية ناجحة على غرار فيلم «أم العروسة»، ومسلسلي «امرأة من زمن الحب»، و«أميرة في عابدين»، فأنا وهي ننتمي معاً لجيل فني يدرك أهمية الفن، وضرورة أن يحمل العمل الدرامي قيمة ورسالة للمشاهد.
> تراجعتَ عن اعتزالك الفن وقررت استكمال مشوارك، لماذا؟
– أنا غير مؤمن بأن هناك عمراً معيناً يجب على الفنان فيه أن ينسحب، ويعلن اعتزاله ما دامت لديه القدرة على العطاء، لأنه في كل مرحلة عمرية سيجد الأدوار التي تناسبه، وكلما كبر ازدادت خبراته، ويجب الاستفادة منها، هذا هو المفترض، فالدراما التي تعبر عن المجتمع لا تقوم على الشباب فقط، بل هناك الأب والجد والأستاذ وغيرهم؛ من حق الشباب أن يثبتوا قدراتهم مثلما فعلنا، وأن يتصدروا البطولة، لكن المشكلة أن الكُتّاب الجدد يعتمدون على أدوار الشباب فقط ويهملون أدوار الكبار، وهذا هو سبب الخلل الذي دفع بممثلين كبار إلى الانزواء، ويطاردهم إحساس بالحسرة؛ فهم يملكون القدرة والشغف لكنهم لا يجدون مَن يهتم بكتابة أدوار مناسبة لهم، قبل ذلك كان هناك كُتّاب يقدمون دراما تعكس المجتمع بحق، ويمنحون لكل مرحلة عمرية بالعمل حقها، مثل أسامة أنور عكاشة، ومحمد جلال عبد القوي، وصفاء عامر، وغيرهم.
> قدمتَ أدواراً للشر وأخرى للخير هل تعمدت الجمع بين القالبين؟
– نعم، كنتُ حريصاً على تجسيد شخصيات متباينة تعبر عن النفس الإنسانية بكل تقلباتها، بين الخير والشر، فقدمت أدوار الخير لكي يقتدي بها الجمهور، أما أدوار الشر فقد قدمتها لعظة الناس، ليروا نهاية أصحابها، كما قدمت شخصيات من الصعيد والريف، ففي «الوتد»، كنت أؤدي شخصية الفلاح «درويش»، وفي الوقت ذاته قدّمتُ شخصية الصعيدي «وهبي السوالمي» في «الضوء الشارد»، وكنا نراعي الجمهور في كل ما نقدمه، لأننا ندرك مدى تأثير الفن، الآن توجد مسلسلات يحمل الممثل فيها الأسلحة البيضاء فيقلّده الشباب، ولا بد أن يكون الفنان حريصاً على كل ما يقدمه لأنه قدوة ويؤثر في الجيل الصاعد.
> وما أقرب الأدوار إلى قلبك؟
– أعتزّ جداً بشخصية «محسن ممتاز» التي جسدتُها في مسلسل «رأفت الهجان»، وأعتبرها من أهم الأعمال التي قدمتها، فأنا التقيتُ قبل التصوير بصاحبها الحقيقي، مؤسس جهاز المخابرات المصرية، ونلتُ تكريماً عن هذا العمل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي منحني «وسام الفنون والآداب» على ما قدمته لخدمة وطني والأمة العربية، وفقاً لما جاء في حيثيات تكريمي، وفي مصر أهدتني وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم تقديراً مماثلاً لما حصل عليه أبطال حرب أكتوبر 73، في احتفالات ذكرى النصر.
> شاركتَ الفنانة شادية في أكثر من فيلم سينمائي… ما أبرز ما كان يميزها على المستوى الفني؟
– شاركتُها في أفلام «ميرامار»، و«زقاق المدق» و«نصف ساعة زواج»، و«معبودة الجماهير»، وهي كانت ممثلة استثنائية ولديها حضور لافت، في مختلف الأدوار، وكانت ملتزمة للغاية، فهي أول من يحضر إلى التصوير، وتشيع أجواءً مبهجة بحضورها واهتمامها بالجميع، فيما كانت سعاد حسني ذات طاقة فنية وموهبة جبارة.
> وما أبرز ذكرياتك مع المسرح؟
– قدمت أدواراً جيدة في مسرحيات «شيء في صدري»: «أرض النفاق» و«الطريق المسدود»، كما لعبت بطولة مسرحية «مطار الحب» أمام الفنانة ميرفت أمين، وعبد المنعم مدبولي، أنا أحببتُ المسرح بحكم دراستي بمعهد الفنون المسرحية، وكنتُ عضواً بالمسرح القومي، حيث قدمنا كوميديا راقية بلا إسفاف، لكن مشكلتي في المسرح الكوميدي أنني لا أستطيع منع نفسي من الضحك أمام الجمهور؛ ففي مسرحية «مطار الحب» كان الراحل عبد المنعم مدبولي يضحكني كثيراً.
> ما سبب ترددك على الكويت كثيراً خلال السنوات الماضية؟
– عدتُ منها للقاهرة قبل أيام قليلة بعد استئناف حركة الطيران عقب تعليق الرحلات الجوية لنحو ثلاثة أشهر، بسبب وباء «كورونا»، عشت فيها فترات متقطعة منذ أن اقترنت بزوجتي الكويتية منذ 29 عاماً تقريباً، ثم أنجبنا ولداً وبنتاً… مراد كان يدرس بها قبل سفره إلى الولايات المتحدة، بينما تستكمل ابنتي زينب دراستها بالكويت، زوجتي تقيم معي بالقاهرة ونتردد كثيراً على الكويت، وحياتنا مستقرة، والحمد لله، وأرى أن المرأة العربية عموماً هي أفضل زوجة وأم لأنها تبذل مجهوداً كبيراً في رعاية أسرتها وزوجها، وقد وجدت في زوجتي تفهماً دائماً لطبيعة عملي بجانب تشجيعها ومساندتها لي.
> وهل سبقَتْ لك المشاركة في أي عمل درامي كويتي؟
– لم أشارك في أعمال درامية كويتية، لكنني شاركت في بطولة المسلسل الأردني «وضحا وابن عجلان» الذي لاقى نجاحاً كبيراً في الخليج، ونظراً لأن أحداثه كانت تدور باللهجة البدوية؛ فقد طلبت من وزير الإعلام الأردني وقتئذ تأجيل التصوير حتى أتدرب جيداً على طريقة الأداء بها، ووفقني الله في هذا العمل، وأنا أرى عموماً أن الإنتاج العربي المشترك هو طوق النجاة لتقديم أعمال درامية كبيرة، لأن الفن والثقافة يسبقان أي شيء آخر، وهما أهم وسيلة للالتفاف العربي؛ فالقوة الناعمة لا تقل قوة عن الجيوش، ولا بد من دعمهما لأن الفن الجيد يستطيع أن يخلق مجتمعاً جيداً وعلاقات إنسانية رحبة، وقد حققت مصر ريادتها الفنية بنجومها الكبار، أمثال أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ.