سوليوود «الرياض»
عقب تصريحات الممثل المصري يوسف الشريف حول اشتراطه في العقد عدم تقديم مشاهد ساخنة، نشر الفنان صبري فواز على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك صورة الفنان الراحل حسين صدقي كرد دون كلمات على الشريف، فصدقي هو أول من دعا إلى اتجاه الفن النظيف ولم تخل أفلامه من وعظ حول القيم الدينية، وأسس شركة (أفلام مصر الحديثة) لإنتاج أفلام تحمل الصبغة الدينية، ورغم ذلك أوصى أبناءه عند اعتزاله بحرق كافة أفلامه عدا فيلم خالد بن الوليد، وكان أهم مشروع قانون قدمه بعد فوزه بمقعد البرلمان في الستينات هو قانون تجريم الخمور.
ونشرت صحيفة الرؤية أن التشابه بين النجمين ليس فقط في رؤيتهما للمشاهد الساخنة، وإنما أيضاً في التنازل عن هذه الشروط في البدايات، فالفنان يوسف الشريف قدم عدداً من الأفلام التي تضمنت مشاهد جريئة مثل «سبع ورقات كوتشينة» و«آأخر الدنيا»، فيما اشترط صدقي الحصول على فتوى دينية بجواز قبلة سينمائية في نهار رمضان في فيلمه «المصري أفندي»، ورغم هذا التشابه إلا أن صدقي يختلف عن الشريف في أنه كان حالة فريدة ووحيدة في توقيته، فالسينما المصرية لم تعلن رفض مشاهد القبلات أو المشاهد الجريئة التي تقتضيها الدراما، بينما يأتي يوسف الشريف بعد سيطرة كاملة لاتجاه السينما النظيفة على الساحة الفنية، وسط محاولات ضئيلة لتقديم الفن بالصورة الواقعية.
وكانت حالة من الجدل أثيرت في رمضان الماضي، بعد ظهور الفنانة سهر الصايغ في مسلسل «النهاية» في مشهد يقتضي أن تنقذ البطل وهو «يوسف الشريف» بعد إطلاق النار عليه، إلا أن المشهد تم تنفيذه بطريقة لا تتضمن أي تلامس بينها وبين البطل، ليخرج تصريح منسوب للصايغ على مواقع التواصل الاجتماعي بأن المشهد تم بهذه الطريقة لاشتراط الشريف عدم التلامس بينه وبين أي ممثلة.
حالة الجدل زادت بعد تصريح الشريف في أحد البرامج التلفزيونية قال فيها إنه يشترط عدم تقديم مشاهد ساخنة في أي عمل يشارك فيه، ويكتب هذا الشرط في العقد، وهي التصريحات التي تسببت في انقسام الوسط الفني، ففي الوقت الذي دعم نجوم شباب مثل هنا الزاهد، ومحمد أنور وكريم فهمي بالإضافة إلى ناهد السباعي التي شاركت في مسلسل «النهاية» والشاعر أمير طعيمة موقف الشريف، هاجم عدد من النقاد والمخرجين تصريحاته وكان أول المهاجمين المخرج مجدي أحمد علي الذي قال عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: العمل الفني له أسس أهمها أنه تمثيل مش واقع وإنما حالة للتأثير في مشاهد.
وأضاف أن حديث الشريف أصبح مثل حديث الشيوخ الذين قالوا إن الزواج في السينما زواج حقيقي. ووجه حديثه للشريف قائلاً: أنت ممثل خاضع لشروط العمل الفني ليس من حقك فرض شروط من خارجه إذا كان من حقك أصلاً أن تتدخل في عمل من صلب مهنة المؤلف والمخرج مبدعي العمل الأصليين. ما علاقة كل هذا بحرية الرأي؟
وتساءل: وهل على مخرج يحترم نفسه أن يستبدل مشهداً لأب يحتضن ابنته الغائبة. لأن الأب (الممثل) قرر أن ابنته (الممثلة) ليست ابنته في الحقيقة أو أن هذا هو رأيه في الفن، ما هذا الهراء؟ فيما كانت المخرجة كاملة أبو ذكري آخر من هاجم الشريف عبر حسابها على موقع فيسبوك فاعتبرت تصريحات الشريف الحالية ودعوته المشاهدين لعدم الانشغال بمسلسله عن العبادة بأنها نوع من الدعاية المبتذلة التي يتم فيها استغلال أطهر شيء في الوجود لأغراض النجومية وزيادة عدد المشاهدات، على حسب تعبيرها.
من جانبها قالت الناقدة الفنية فايزة هنداوي إن الشريف يمثل اتجاهاً سائداً في الوسط الفني المصري منذ التسعينات، وهو الاتجاه الذي بدأ مع فيلم «إسماعيلية رايح جاي» الذي فتح الباب للسينما النظيفة التي لا تضم أي مشاهد جريئة، ودعم هذا الاتجاه سيطرة الاتجاه الكوميدي على السينما مع المضحكين الجدد كأشرف عبد الباقي وعلاء ولي الدين وأحمد حلمي ومحمد هنيدي.
وأضافت فايزة أن صعود التيار الديني وسيطرته على الساحة الاجتماعية دعم سيطرة هذا النوع من الأفلام خاصة مع التعقيدات التي كانت تقابل الأفلام المختلفة مثل الدعاوي القضائية من صغار المحامين كما جرى مع فيلم «يا دنيا يا غرامي» لرأفت الميهي، بالإضافة إلى أن سوق التوزيع الأكبر للسينما المصرية كانت دول الخليج المحافظة التي ترفض المشاهد الجريئة، وهو ما جعل المنتجين يلجئون لهذا النوع من السينما لتسهيل عملية التوزيع.
وأشارت فايزة إلى أن كل الأسباب السابقة دفعت الكثير من الفنانين يمارسون رقابة ذاتية على أنفسهم خوفاً من ردة فعل المجتمع على أفلامهم، مشيرة إلى أن إحدى الممثلات بررت لمخرج عدم تقديم قبلة في عمل بأنها لا تريد الشارع أن يقول إنها منحلة، وذلك بعد أن كان السينما هو ملجأ الأعمال الجريئة بدلاً من التلفزيون الذي تسيطر عليه الأعمال العائلية.
ما قالته هنداوي يتفق مع تصريحات لعدد من الفنانين حول عمل بناتهم في الفن وأبرزهم الفنان عادل إمام الذي قدم العديد من المشاهد الجريئة في أفلامه إلا أنه رفض أن تعمل ابنته بالفن، وهو التصريح الذي أدلى به الفنان ماجد المصري أيضاً.
فيما اشترط 4 فنانين عدم تقديم أي أدوار تتضمن التلامس أو الاحتضان بسبب التزامهم الديني ومنهم الفنان حسن يوسف الذي عاد للفن بعد اعتزال طويل، واشترط في مسلسلاته عدم وجود أي مشاهد تتضمن لمس زميلاته في العمل، وهو ما اشترطته الفنانات سهير البابلي وحنان ترك وحلا شيحة أثناء تمثيلهن بالحجاب.
من جانبه قال الناقد الفني رامي رضوان أن مصطلح السينما النظيفة حين ظهر كان مضاداً لمصطلح سينما المقاولات الرديئة والتي تستهدف الربح المادي فقط، ولكن مع موجة المضحكين الجدد تحول المصطلح ليصف الأفلام التي لا تتضمن أي مشاهد جريئة أو حتى قبلات بين أبطال العمل، أو ما عرف باسم «السينما العائلية» حيث كان شعار التوزيع في ذلك الوقت (سينما لا تخجل منها الاسرة.(
وحول تأثير هذه الموجة من السينما على الساحة الفنية، قال رضوان إن أهم التأثيرات هي أن العمل الفني مجتزأ، فكيف أجسد علاقة زوجين دون أن يكون هناك تلامس بين الاثنين؟ مستشهداً بمشهد مقتل الروبوت زين في مسلسل النهاية الذي جاء مجتزأ ورديئاً، كما أنها جعلت العديد من الفنانين يمارسون الرقابة الذاتية على أنفسهم حتى مع ظهور اتجاه لتقديم أفلام جريئة كـ «الريس عمر حرب»، و«عصافير النيل» و«خلطة فوزية» و«بحب السيما» أو «بالألوان الطبيعية» وهو الاتجاه الذي نشط بعد عام 2005 لفترة وجيزة.