سوليوود «الرياض»
عمل كيم ليبريري، وهو فنان مؤثرات بصرية حائز على جوائز ومقره شمال كاليفورنيا، على أفلام من بينها “الذكاء الاصطناعي” Artificial Intelligence و”حرب كوكب القردة” War of the Planet of the Apes.
على مدار تسع سنوات، ظل ليبريري يستخدم تكنولوجيا معروفة بشكل أفضل في عالم ألعاب الكمبيوتر، ولا سيما لعبة Fortnite ذات الشعبية الفائقة.
توفر منصة “انريل إنجين” Engine Unreal، المملوكة لشركة “إيبيك غيمز” Epic Games، اللبنات الأساسية والأدوات التي يحتاجها مطورو ألعاب الكمبيوتر، ولكنها أصبحت بمثابة تكنولوجيا جذابة على نحو متزايد لمنتجي الأفلام والأعمال التلفزيونية.
ومن المقرر طرح الإصدار الأحدث من هذه التكنولوجيا، Unreal Engine 5، العام المقبل، وفقا لموق بي بي سي.
ويُمكّن الإصدار الجديد فناني المؤثرات البصرية، مثل ليبريري، من تحويل الرسومات والصور مباشرة إلى مشهد، دون الحاجة إلى الكثير من الاستعدادات.
ويقول ليبريري “في صناعة الأفلام التقليدية، يمكن للمخرج والمصور السينمائي تصوير مشهد في موقع التصوير، وفي مرحلة لاحقة يسلما مهمة تصميم المؤثرات الخاصة لفريق من فناني ومصممي الواقع الافتراضي، الذين يعززون المشاهد المصورة في الموقع بالمؤثرات البصرية في مرحلة إنتاج منفصلة”.
ومن خلال Unreal Engine يمكن أن يتم التعاون بين المخرج والمصور السينمائي ومصمم الإنتاج وفرق الواقع الافتراضي في وقت واحد كعملية تفاعلية بين المجموعة.
يقول ليبريري إن “محرك Unreal Engine 5 يُبشر بتحرير العملية الفنية بشكل أكبر من خلال تسهيل خلق عوالم افتراضية للفيلم والتلفزيون، وتشغيلها في منصة الألعاب في الوقت نفسه”.
أنتوني هانت، هو الرئيس التنفيذي لمجموعة Cinesite، وهي مجموعة ترفيه رقمية متعددة الجنسيات، تشمل أعمالها في مجال المؤثرات البصرية أفلاما ضخمة، مثل: “المنتقمون: نهاية اللعبة” Avengers: Endgame و”ويوم الاستقلال: العودة” Independence Day: Resurgence و”الرجل الحديدي 3″ Iron Man 3.
واستخدمت شركة هانت مؤخرا منصة Engine Unreal في عرض حي مباشر، صُمم لصالح متنزه ترفيهي للألعاب. وتضمن العرض مشاهد مطاردة، واشتباك عنيف بالأيدي، وقفزات قد تؤدي إلى الموت.
وقال هانت “يحدث كل شيء أمامك مباشرة بعروض حية، وديكور تفاعلي، وشاشة LED ضخمة، وهو ما يجعل من المستحيل تحديد أين ينتهي العرض الحي وأين تبدأ الشاشة”.
وتستعين صناعة السينما بعمليات مشابهة لتلك المستخدمة في إنتاج الألعاب، مثل رسم خرائط للمشاهد ثلاثية الأبعاد من خلال التصوير الفوتوغرافي، وروي قصص عبر الرسوم، وتقنيات الرسوم المتحركة.
لكن تحديات إنتاج الأفلام والأعمال التلفزيونية، في ظل قيود الإغلاق العام لمواجهة وباء كورونا، من المرجح أن تؤدي إلى تسريع استخدام تكنولوجيا الألعاب.
فمنصات الألعاب، على سبيل المثال، تتيح كفاءة عالية في إنتاج المشاهد التي تضم حشودا كبيرة.
يقول هانت “يجب توفير الطعام والملابس لحشود ممثلي الأدوار الثانوية في موقع تصوير الفيلم. ولكن يمكننا الآن إنتاج مشاهد الحشود الضخمة باستخدام تكنولوجيا الكمبيوتر، ولدينا فقط الممثلون الرئيسيون في المقدمة”.
ومن الأمثلة على ذلك، مشهد حشد ضخم يحضر حفلا موسيقيا في فيلم “روكيتمان” Rocketman، وهو فيلم عن سنوات بزوغ نجم المغني الشهير إلتون جون.
في أحد مشاهد الفيلم، يُحيي إلتون جون، الذي يجسد شخصيته الممثل تارون إغيرتون، حفلا في ملعب دودجر أمام جمهور ضخم. ولكن المشهد صوره إغيرتون في استوديوهات شيبرتون، وكان الجمهور عبارة عن تصميم ثلاثي الأبعاد تم إعداده على نحو خاص ليكون جزئا من مشهد أكبر.
ويمكن الجمع بين المناظر التي يتم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر وجدران LED، وهي شاشات عملاقة تتكون من شاشات منفردة أصغر.
ويقول ليبريري “أصبحت جدران LED أكثر شيوعا في إنتاج الأفلام وأعمال التلفزيون لأنها تسمح للمخرجين بالتقاط المؤثرات البصرية بالكاميرا، والتعامل مع التكوينات الرقمية في الوقت الفعلي للمشهد”.
“ستكون لوحات LED، مثل تلك التي شاهدناها في مسلسل The Mandalorian، وهو من إنتاج شركة ديزني (وينتمي لفئة الخيال العلمي وجزء من عائلة أفلام Star Wars) ذات فائدة كبيرة للإنتاج بمجرد بدء رفع القيود، حيث يمكن لصانعي الأفلام تقليل السفر من خلال إنشاء خلفيات رقمية تحاكي المواقع الحقيقية في أي مكان”.
يقول هانت “عندما ترفع قيود الإغلاق عن التصوير، سيكون لدى المخرجين خطة واضحة عن كيفية تصوير فيلمهم أو مسلسلهم التلفزيوني لأنهم سيكونون قد قاموا بذلك في الكمبيوتر بالفعل”.
ماذا سيعني كل هذا للممثلين والطاقم وموظفي الدعم الذين يعملون في الصناعة؟
يقول دانييل غرين، مدير برنامج إدارة صناعة الترفيه بجامعة كارنيغي ميلون “هناك احتمال أن تتغير احتياجات طاقم الإنتاج إلى حد ما. قد تتغير بعض الأدوار مع الاستخدام المستمر للمؤثرات البصرية والمشاهد المنفذة بالكومبيوتر CGI، وربما تُخلق أدوار أخرى”.
ويقول غرين إنه عندما يعود الإنتاج إلى طبيعته، ستحتاج الصناعة إلى التوحد وإجراء تغييرات للتأكد من أن سلامة الطاقم والعاملين في الفيلم لها الأهمية القصوى.
ولن يتخذ المسؤولون التنفيذيون والمنتجون في الاستوديو قراراتهم بناءً على الرؤية الفنية وتكاليف الإنتاج فقط.
ويقول غرين “سيدخلون الآن في تشاور وثيق مع مسؤولي الصحة العامة للتأكد من أن الأطقم والممثلين والموظفين يمكن أن يكون لديهم بيئة عمل آمنة ومأمونة”.
ويشير غرين أيضا إلى أن المؤثرات البصرية المنتجة بالكومبيوتر CGI تخلق عوالم واقعية ممتعة، لكن رواية القصص الجيدة لا تزال هي الأمر الرئيسي.
ويقول غرين إن “استخدام CGI والمؤثرات البصرية، كما هو الحال في النسخة الجديدة من فيلم “الأسد الملك” The Lion King، يمكن أن يضيف بعدا جديدا لما نراه على الشاشة، ولكن في نهاية المطاف لا يزال الجمهور يرغب في الاستمتاع بقصة تأسره”.
ويرى ترافيس كلويد، كبير مسؤولي التكنولوجيا في CMG Worldwide، وهي شركة تمثل 1700 من المشاهير والرياضيين والموسيقيين والعلامات التجارية والشخصيات التاريخية، استخداما آخر لمنصات الألعاب.
ووفقًا لكلويد ، فإن فرصة تجارية عظيمة تكمن في “إحياء” الشخصيات التاريخية والشخصيات الشهيرة في الماضي، مثل جيمس دين أو روزا باركس، عبر توائم رقمية.
ويقول كلويد “سيكون لهؤلاء المشاهير صدى دائم مع الجماهير، وستفسح المنصات الجديدة وسط الوباء فرصا جديدة لاستخدامها في عدد كبير من وسائل الإعلام”.
إن صناعة الأفلام بالطبع عمل تجاري، لذا فإن الأمل سيكون في أن توفر التكنولوجيا الجديدة الوقت والمال.
يقول ليبريري “ستقل المهام التي يجب إنجازها في موقع التصوير وفي مرحلة ما بعد الإنتاج، وستقل الحاجة للسفر والتصوير في الموقع الذي يتطلب تكاليف عالية”.
ويتابع ليبريري “بمجرد أن يختبر الناس طريقة العمل الجديدة هذه، سيجدون أنها أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة”.
“يمكننا أن نقول بثقة إن الإنتاج الافتراضي جاءت لتبقى”.