سوليوود «الرياض»
في قائمة المخرجات العرب تحتل المخرجة السعودية هيفاء المنصور مركز الصدارة حاليا. عقب فيلمها الروائي الأول «وجدة» انطلقت “المنصور” إلى العالمية ودخلتها من أوسع أبوابها. حصد الفيلم العديد من الجوائز الدولية، وكان أول فيلم سعودى يتم ترشيحه للفوز بجائزة أفضل أوسكار أجنبي. البعض توقع أنه مع حالة الانفتاح التى تعيشها المملكة فى الآونة الأخيرة سيكون لـ”هيفاء” دور كبير في إنعاش حركة السينما السعودية وتطورها، لكن اجتذبتها أفلام وأعمال هوليوود وخاضت هناك أكثر من تجربة، وكانت من أوائل المخرجات العرب اللاتي استعانت بهن هوليوود للعمل بها وتصور هذه الأيام عملا تليفزيونيا جديدا لحساب منصة أمازون. هيفاء المنصور مخرجة متعددة الثقافات، فرغم كونها سعودية وانتمائها لعائلة تتميز بإبداعاتها، فوالدها الشاعر الكبير عبد الرحمن المنصور، إلا أنها درست بالجامعة الأميركية بالقاهرة، وتزوجت من أميركى، احترفت الإخراج السينمائي وحققت فيه خطوات ناجحة تحدثت عنها لـ”المصري اليوم”.
■ إلى متى ستظل قضايا المرأة هي المسيطرة على أفلامك؟
– قضايا المرأة بالنسبة لى ليست فقط عن حقوق المرأة وتمكينها فى مواجهة بعض التقاليد الشرقية التى تحد من تطورها، ولكن أيضا تمكينها من أدوار البطولة التى بشكل كبير حتى الآن محصورة على «البطل الرجل»، وحان الوقت لكى نرى المرأة فى أدوار البطولة المطلقة، سواء كانت شرطية أو طبيبة أو ربة عمل. لا بد من تواجد المرأة كبطلة فى أدوار الحياة المختلفة بعيدا فقط عن صراع «النسوية»، وترسيخ وجودها «كبطلة» فى الدراما سينعكس على المجتمع بلا شك.
■ من وجهة نظرك بعد الانفتاح الذي تعيشه المملكة حاليا، هل هناك حقوق لم تحصل عليها المرأة؟ وما هي؟
– الانفتاح الذي تعيشه المملكة حاليا غير مسبوق ويعطي المرأة مساحة حقيقية لتحقيق ذاتها، ولكن تظل المرأة الشرقية أحيانا مترددة في القبول والاستفادة من هذا الانفتاح خوفا من التقاليد أو (كلام الناس)، فلا تزال نظرتها إلى نفسها محكومة، ليست فقط بما هو متاح لها، ولكن بما هو مقبول اجتماعيا، مثلا وليس حصرا العمل في مكان مختلط أو السفر لوحدها بغرض الدراسة أو العمل.
■ الانفتاح الفني، وخاصة السينمائي، الذي تعيشه المملكة كيف ترينه بعين مخرجة سعودية؟
– أرى أنه فرصة حقيقية لتقديم أعمال راقية ومختلفة تصل إلى الجمهور، وخصوصا من خلال عدسة أنثوية ترى المجتمع بشكل مختلف أو بشكل لم يتم تقديمه من قبل.
■ البعض يرى أنك تغازلين الغرب في طرحك لقضايا المرأة السعودية في أفلامك؟
– لا أغازل أحدا، وأعمل من قناعة بأننا كمجتمع نتطلع إلى الأفضل دائما، ونظرتي إلى مستقبل مشرق يضمنا جميعا كنساء ورجال على حد السواء.
■ متى ستتجهين إلى تقديم ألوان سينمائية أخرى مثل الكوميديا أو غيرها؟
– قدمت أعمالا مختلفة تماما في هوليوود، مثل مسلسل (جود ليرد بيرد)، بطولة إيثان هوك، وهو مسلسل عن صراع الحرب الأهلية الأميركية من خلال قصة جون براون. المسلسل به كوميديا وبه دراما، ولكن أيضا له أهميته التاريخية، وأنا أرى أن الفكاهة والكوميديا مهمة جدا، وفي جميع أعمالي، سواء في هوليوود أو في السعودية، يهمني جدا أن تكون الكوميديا الراقية جزءا من أعمالي. وفيلم “المرشحة المثالية” به الكثير من الكوميديا الراقية والموسيقى والغناء، بالنسبة لي هذا الفيلم هو لحن سينمائي أصيل يتحدث عنا كمجتمع بدفء وكثير من الشجن.
■ فيلمك «المرشحة المثالية» لم يحقق الصدى الذي حققه فيلمك «وجدة» ما السبب؟
– نحن نعيش فى جو سينمائي مختلف تماما بسبب (العزل الاجتماعي) وتداعياته، خصوصا على السينما المستقلة. “فيلم المرشحة المثالية” لم تتوافر له نفس الفرص مثل “وجدة”، خصوصا في أوروبا. فنحن عندما كنا على وشك عرض الفيلم في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا اضطررنا إلى إلغاء جميع الفعاليات المتابعة للفيلم، وهذه التداعيات ليست محصورة على هذا الفيلم فقط، فالجو السينمائي الآن صامت. والمنصات الإلكترونية ساهمت بشكل كبير فى إنقاذ السينما خلال هذه الفترة.
■ ونحن على أعتاب عرض الفيلم على واحدة من المنصات الإلكترونية، هل تعتبرين المنصات هي الأمل في استمرار صناعة السينما؟
– بلا شك. المنصات الإلكترونية أصبحت ملاذا لكثير من صناع السينما، لكونها متاحة ولكونها آمنة فى مواجهة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي قد تحد من صناعة السينما التقليدية، خصوصا في ظل الوضع الحالي.
■ تتعاونين مع إحدى هذه المنصات فى عمل سينمائي جديد، فهل هناك شروط تفرضها عليكِ قبل اختيار العمل، أم أنك تتمتعين بالحرية التامة في الاختيار؟
– سواء مع هذه المنصات أو المنصات التقليدية حرية اختيار العمل بالنسبة لي شيء مهم وأساسي.
■ وأين موقع فيلم “المرشحة المثالية” بين أعمالك؟
– فيلم “المرشحة المثالية” من أهم أعمالي وأجملها على الإطلاق. فهو يحكي قصة حميمة وأسرية بشكل كبير، ولكنه أيضا يحكي قصة مجتمع متغير، مجتمع يقف على أعتاب الانفتاح وتأثيره بشكل كبير على المرأة ورؤيتها لنفسها.
■ أيهما يسعدك أكثر حصول فيلمك على جائزة مهمة من مهرجان أم تحقيقه إيرادات غير مسبوقة؟
– من الجائر أن نطلب من مخرج أو مخرجة هذا الاختيار الذى يدل على انفصال بين الجمهور والنقاد السينمائيين. ولكن بشكل عام رغم فوز أفلامي وعرضها فى أهم المهرجانات العالمية، يظل الجمهور هو همي الأول. أعتقد أن الجمهور هو الأهم في تقييم الأعمال، وأنا مؤمنة بأن الجمهور العربي والسعودي بشكل خاص قد تطورت ذائقته النقدية بشكل كبير.
■ جرأة المخرج من وجهة نظرك هل تأتي من تمرده على التابوهات الاجتماعية المتوارثة؟
– هناك تابوهات جميلة يجب أن نحتفي بها، مثل تكريم الوالدين واحترام الجار وغض البصر وغيرها، وهناك تابوهات لا بد من مواجهتها مثل زواج القاصرات ووضع المرأة الاجتماعي وجرائم الشرف.
لا أفضل ما يسمى بجرأة المخرج، ولكن هناك ما يسمى بحس المخرج ونظرته للقصة والدراما وموقفها من القضايا الاجتماعية.
■ ما سبب قلة عدد المخرجات في الوطن العربي؟
– الإخراج مهنة متعبة وصعبة، خصوصا بالنسبة للمرأة. بالنسبة لي تصويري دائما بعيد عن مكان إقامتي مع أولادي وزوجي، فأنا مضطرة لأن أكون بعيدة عنهم معظم أيام السنة. للتو قد انتهيت من تصوير مسلسل لأمازون يتم تصويره فى نيوزيلندا، ومكان إقامتى في لوس أنجلوس، وقبل ذلك كنت في فانكوفر في كندا، وقبل ذلك في فرجينيا في جنوب الولايات المتحدة. فالسفر المستمر والبعد عن العائلة قد يكونان من أهم العوامل التي تدفع المرأة للبعد عن الإخراج السينمائي. وأيضا المناخ العام قد يكون ذكوريا بشكل كبير، وهناك الكثير من الفرص التي تذهب لمخرجين ذكور.
■ اتجاه مخرجة مثل إيناس الدغيدي إلى تقديم البرامج وابتعادها عن بلاتوهات السينما، هل ترينه استسلاما لأوضاع سينمائية فاشلة؟
– لا أرى ضررا من أن تقوم مخرجة لها اسمها ووضعها وتاريخها السينمائي بتقديم برنامج تليفزيوني، مثل الكثير من نجوم السينما والطرب. إيناس نجمة سينمائية ولها كل الحق في استخدام نجوميتها مثلها مثل أي ممثل أو ممثلة أو مطرب أو مطربة يتجهون إلى الأعمال التليفزيونية. لا أحد يلوم نانسي عجرم على تقديم برامج تليفزيونية فلماذا نحكم على إيناس؟!.
■ اتجاه المخرج السينمائي إلى الدراما التليفزيونية، هل تعتبرينه نوعا من التجديد أم هدنة مع النفس؟
– التليفزيون الآن يمر بنقلة نوعية. فالكثير من الأعمال التليفزيونية أصبحت تضاهي السينما فى الضخامة والجمهور. ولكن تظل السينما لها رونقها الخاص وجمالها.
■ ولماذا كان اتجاهك للدراما من خلال عمل أجنبي؟
– اتجهت للدراما والأكشن والكوميديا من خلال عملي في هوليوود. هناك فرصة حقيقية للنساء لتحقيق أنفسهن الآن كمخرجات وبلا شك وجدت تشجيعا وجمهورا ونجاحا غير مسبوق في الغرب. ورغم قلة الفرص يظل الشرق عشقي الأول.
■ هل يمكن أن تخوضي التجربة من خلال مسلسل عربي؟
– بالطبع، الدراما العربية حققت نجاحات غير مسبوقة مؤخرا.
■ لماذا لا تفكرين في إخراج عمل للسينما المصرية؟
– لم تعرض علىّ أي أعمال مصرية إلى الآن. أحب مصر منذ أيام دراستي الجامعية التي كانت في الجامعة الأميركية بالقاهرة في التحرير، فعلاقتي بمصر علاقة حميمة جدا. واللي يشرب من مية النيل لازم يرجع لها.
■ ولو أتيحت أمامك هذه الفرصة من سيكون أبطال فيلمك هذا؟
– ليس لكوني مخرجة ولكن لكوني من الجمهور ولكوني من أنصار تمكين النجمات العربيات فسيكون اختياري شريهان، يسرا، منة شلبى، ومنى زكي. لهن كمشاهدة مكان فى قلبي.
■ حرصك على كتابة سيناريوهات بعض أعمالك هل جاء بسبب عدم ثقتك في السيناريست الرجل وقدرته على طرح القضية من منظور نسوي؟
– شغفي بالكتابة هو الدافع الأول، هناك الكثير من كتّاب السيناريو الذين أحترمهم وأتمنى العمل معهم، ولكني أرى الكتابة والإخراج يكمل بعضهما بعضا.