سوليوود «الرياض»
رحلة حسن حسني في عالم السينما والمسرح والتليفزيون تجاوزت الـ 55 عامًا بدأت بدور “أنطونيو” في إحدى حفلات المسرح، حصد فيها كأس التفوق بالمدرسة الخديوية، وانتهت بدور “عم تحسين” في مسلسل “سلطانة المعز” للنجمة غادة عبد الرازق والذي تم عرضه في شهر رمضان الماضي.
رحلة طويلة لا يمكن نسيانها، مؤثرة، مليئة بالعطاء والفن والكوميديا خاضها الفنان الكبير حسن حسني بكل اجتهاد وحب، لم يكل فيها ساعة عن عمله، وعشقه الأول والأخير للفن، صنع فيها البهجة وأضحك الكثير والكثير من أبناء مصر والوطن العربي.
حتى تأتي نهايتها بأزمة قلبية مفاجئة تحرمنا منه، أدت إلى دخوله مستشفى دار الفؤاد مساء أمس، لتشهد تلك المستشفى على رحيل “عم بخ” السينما المصرية عن عُمر ناهز 89 عامًا.
فمن منا لم يضحكه حسن حسني في يوم من الأيام؟ إنه فنان دخل بأفلامه وأعماله كل بيت من بيوتنا، حيث كان “الجوكر“ الذي يؤدي دائمًا دوره كأنها المرة الأولى له، فكنا نرى كم هو حقيقي! وكم هو يشبهنا جميعًا ببساطته وخفة ظله التي لا مثيل لها!
من منا لا يترك التلفاز حينما يرى فيلمًا أو مسرحية أو مسلسلًا له؟ حسن حسني استطاع من خلال مشواره الطويل في عالم الفن أن يخلق بيننا وبينه علاقة وطيدة مبنية على حبنا للكوميديا التي نراها من خلال تمثيله، تلك العلاقة هي التي ساعدته أن يحفر في قلوبنا حبًا فنيًا وشخصيًا له، وفي ذاكرتنا جُمله الشهيرة، وإيفيهاته المضحكة التي تملأ كل عمل فني قد ظهر فيه.
حياته ومشواره الفني
ولد حسن حسني في 19 يونيو عام 1931 في حي القلعة بالقاهرة، مصر، توفيت والدته وهو في سن السادسة، وكان والده يعمل مقاولًا للمباني. وبعد وفاة والدته انتقل مع أسرته لحي الحلمية الجديدة ودرس في مدرسة الرضوانية وحصل على الشهادة التوجيهية عام 1956 وكانت بدايته الفنية من هنا حيث شارك في العديد من المسرحيات المدرسية، وتشبع بحب المسرح والتمثيل كثيرًا فقرر أن يكرس حياته كلها في ذلك النحو.
ومن المسرح المدرسي إلى المسرح العسكري، ثم إلى المسرح القومي، فلقد شارك حسن حسني في بداياته في العديد من المسرحيات مع أكثر من مخرج أشهرهم كان المخرج “سمير العصفوري” في مسرحية “كلام فارغ”، ومع أكثر من فرقة أشهرهم فرقة “تحية كاريوكا” والتي قد عمل معها قرابة 9 سنوات قدم فيهم مسرحيات كثيرة.
بدأت رحلته مع السينما في دور صغير بفيلم “الباب المفتوح” للمخرج هنري بركات عام 1963 في ظهور بسيط استطاع بعده أن يظهر بشكل أكبر في أفلام السبعينات حيث شارك في أفلام شهيرة منها: أميرة حبي أنا، والكرنك. كما كان له دور مميز في مسلسل “كيف تخسر مليون جنيه” للنجم عادل إمام عام 1978.
بداية التألق
وفي الثمانينات كبرت شهرته كما كان يكبر سنه، وأخذ ظهوره يتكرر في أفلام كثيرة ومهمة مثل: سواق الأتوبيس والبدرون والبريء لعاطف الطيب، الظالم والمظلوم لحسام الدين مصطفى، زوجة رجل مهم لمحمد خان، والمغتصبون لسعيد مرزوق. كما شارك في مسرحيات كوميدية تعتبر من أهم عوامل انطلاقه في عالم الكوميديا منها مسرحية “سكر زيادة” مع الفنانة معالي زايد عام 1985.
فظهور بعد الآخر، وفيلم وراء فيلم، حتى أصبح اسمه معروفًا نوعًا ما في الوسط الفني، إلى أن جاءت التسعينات لتشهد على البداية القوية لممثل شامل يستطيع أن يتقن أي دور مهما كان حجمه، وصعوبته، ففي التسعينات قدم حسن حسني أعمالًا فنية لا يمكن إغفالها بدأت بـ دور”يوسف الأزرع” في مسلسل رأفت الهجان ثم توالت الأعمال بعده، فرأيناه في فيلم الهروب ودماء على الأسفلت لعاطف الطيب، المواطن مصري لصلاح أبو سيف، سارق الفرح لداوود عبد السيد، وبخيت وعديلة لنادر جلال، وانتهت بعبود على الحدود لشريف عرفة.
كما قدم حسن حسني في التسعينات مسرحيات شهيرة مثل تحفته الكوميدية “حزمني يا” ومسرحية “عفروتو” في أواخر التسعينات. كما قد حصل خلال ذلك العِقد على جوائز عديدة منها جائزة أفضل ممثل لعام 1993 والتي قد تغلب فيها على فاروق الفيشاوي ومحمود حميدة.
الذروة الفنية
ومع بداية عام 2000 أصبح لحسن حسني مكانة هامة في الوسط الفني، وأصبح وجوده في أفلام الكوميديا وغيرها أمرًا مفروغًا منه، فلا يمكن حصر أعماله منذ بداية تلك الألفية وإلى الآن، لأنه خلال العقدين الماضيين أصبح “الجوكر” كما ذكرت. فهذان العقدان كما شهدا ظهوره وبريقه في عالم الكوميديا ارتبطا أيضًا بظهور أشهر نجومها في الوسط الفني في هذه الأيام مثل: محمد هنيدي، ومحمد سعد، وأحمد حلمي، وهاني رمزي، فكلنا نعلم أهم أعماله في تلك الفترة لأنها هي التي قد أحكم فيها روابط العاطفة والحب التي تجمعنا به، ولأن بسبب تلك الفترة سيظل دائمًا وأبدًا “حسن حسني” في ذاكرتنا مهما مر العمر.
في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لعام 2018 حصل فناننا الكبير على جائزة “فاتن حمامة التقديرية” بتقديم من المخرج الكبير داوود عبد السيد، الذي كان قد أثنى عليه وعلى فنه وعطائه الكبير للسينما، وبعد أن حصل على الجائزة قال: “أنا فرحان إنهم لحقوا يكرموني وأنا لسه عايش، عشان أفرح بالجائزة وأنا وسطيكم”. فأضحك الجميع –كعادته- ببساطة شديدة، وتلقائية فطرية خُلقِت معه. واليوم يتركنا الفنان الكبير “حسن حسني” بعد رحلة من العمر قضاها في صنع البهجة لكل من حوله، وقدم خلالها أعمالًا فنية قد تجاوزت الـ 450 عملًا، يفارقنا بروحه فقط، لأن أعماله ستجعله دائمًا وأبدًا معنا.
فحسن حسني هو الغائب الحاضر بأعماله الكوميدية وغيرها التي لا يمكن نسيانها، أو الاستغناء عنها.