سوليوود «الرياض»
صدر للمخرج الكبير وودي آلن كتاب مذكرات بعنوان “أقوال عابرة” عند دار ستوك بباريس، بعد رفض عدد من دور النشر في أميركا وسواها نشرها بسبب اتهام زوجته السابقة ميا فارو بالتحرش بابنتها البالغة أربع سنوات (منذ 25 عاماً).
ومع بروز حركة “مي تو” النسائية التي هاجمت المخرج وطالبت الممثلين والمخرجين بعدم التعامل معه وبمطالبة دور النشر بعدم نشر كتابه.
أجرت مجلة “لو بوان” الفرنسية حواراً معه، نقلنا مقاطع منه إلى العربية.
- كيف تمضي وقت العزل؟
• بين جدرانٍ أربعةـ وهذا لا يشكل فارقاً أساسياً في حياتي، أنهض صباحاً وأعمل على سيناريو فيلم أو سكريبت مسرحية. الفارق الحقيقي، أن بالنسبة إليّ وإلى زوجتي، ، بدل الخروج في نهاية الأسبوع ، نبقى في البيت، ونكتفي بمشاهدة التلفزيون.
- أيمكن أن يوحي ذلك فيلماً؟
• كلا! هو نقيض الموضوع الموحى، وحتى أنه مخيب، لا أكف عن التساؤل ما يكون مصير نتائج ذلك حول الحياة الاجتماعية، المسارح، والسينما… أترى لن تفتح من جديد أبداً؟
- مذكراتك عنوانها حول لا شيء، ما معنى “لا شيء”؟
• حياتي، حياتي بلا أهمية، لم يحدث فيها أي شيء مدهش، عشتُ حياة رجل عرض بزنس لا شيء من حياة آينشتاين، دوستويفسكي، طبعاً عندي كثير الكثير من القصص لأرويها وأرويها، وإذا شاهد أحد أفلامي فستهمّه بشكلٍ خاص لكن لا أظنني فعلتُ أشياء غيرت مجرى التاريخ، أصلاً، الكتاب جاء بسهولة. لم يكن فيلماً تجب كتابته. لم أكن في حاجة لأخترع، كان لديّ كل المواد في متناولي، ليس الموضوع كفرض يجب القيام به، لطالما رأيتُ في حياتي من زاوية كوميدية.
- ماذا كان رد فعلك لرفض “دور النشر” إصدار كتابك؟
• أول دار نشر؟ لم تعني لي كثيراً.. كنتُ أعرفُ أن الناس تريد قراءة هذا الكتاب وأنه إذا كان هؤلاء الناشرون لم يُسمح لهم بنشره. فآخرون سيقومون بالمهمة.
- كيف تفسر أن العالم السينمائي، بمعظمه، يصدق رواية ميا فارو (زوجته السابقة) وليس روايتك؟
• إنه السؤال الأهم، ولا أكفّ عن طرحه على نفسي، كل الوقائع كان يجب أن تضع الناس في جانبي، لكن الجو والشعور العام جعلا الأمور تسير بذلك الاتجاه، وأن الناس سيدرسون الموقف المنحى غير المنطقي للأمور المطروحة، كيف أفسر ذلك، هناك دوافع سيكولوجية في القصة، منحى مسرحي، رغبة في المشهدي والروائي، ثم من الصعب أن تكذّب الناس، كأنما الوقائع، تهمّ قليلاً، إذاً، عال، لم أكن أتمنى أن يدور كل الكتاب حول ذلك.
- مع هذا فإنك تورد اسم الممثلة والمسرحية، لبيليان هيلمان، ضحية المكارثية بسبب علاقتها بالكاتب داشيلي هاميت…
• نعم المكارثية، العصر الذي كان يمكن إدانة الجار جاره بشكوى غير مستندة إلى شيء وهناك بعض العناصر، في قضيتي، تشبه ذلك.
- تشرح أيضاً، أن رفض العمل مع وودي آلن كان آخر شيء على الموضة؟أتمت تأثير جماعة فارو؟ حركة “مي تو”؟
• في حركة (مي تو) متعصبات ومتعصبون كما في الحركات الأخرى. ولكن ليست هي المسألة، المسألة تدبير حركة مشروعة تتبتى شكاوى مزيفة تستغل وضع النساء المضطهدات. على امتداد خمسين عاماً اشتغلت مع عدد من الممثلات ولم أكن إطلاقاً موضع شكوى من أي سلوك غير لائق. والقضية برزت في فترة تصدق فيها كلمة النساء أكثر من رأي الرجال.
- هل تعرف أن ميا فارو قرأت كتابك؟
• كلا! لا أعرف، صدر الكتاب، ولم أتابعه.
- معنى ذلك ألا تستمر هذه القضية في إلقاء ظلال على مهنتك وعلى قيمتك كمخرج؟
• لا أعرف في الغيب، ولا أدري حقاً أي فارق في أن يتذكرني الناس كمخرج أو كمتحرشٍ بالأطفال. أؤكد لك، لا يهمني شيء من كل ذلك، ما إن تموت، ترحل إلى الأبد، يمكن أن يفكر الناس ما يشاؤون عن أخلاقي، يمكنهم أن يقولوا أنني قاتل متسلسل، ساطٍ على بنوك، أو الاحتفال بي كشيكسبير كل عام، أو كل يوم من السنة، ولن يكون لكل هذا أي قيمة. سيطفأ الضوء بالنسبة إليّ كجميع الناس.
- هل تفكر غالباً بالموت؟
• قد يحصل ذلك عاجلاً أو آجلاً، ولكن من العبث التفكير فيه، لا أريد أن أكون مهووساً بذلك، ويكفي أن أقضي الوقت مع عائلتي وعملي على التلفزيون
- تقول تروفو، رونيه، أنطونيوني، دوسيكا، كازان… كل الأشخاص الذين أثروا فيّ عندما كنتُ أصغر سناً سقطوا في الهاوية، التي تبدو مفتوحة أمامنا كما كتبت… ما هذه الهاوية؟
• هاوية ثقافية! عندما كنتُ شاباً هؤلاء الرواة الكبار في سينما مليئة بالمعنى، كانت الأفلام أحداثاً كبيرة، يتم تناولها أو نقدها، ثم شيئاً فشيئاً، فدور السينما في الولايات المتحدة التي كانت تعرض هذه الأفلام أغلقت لمصلحة أفلام متوسطة، أنتجت فقط بدافع الربح المالي، ولا يهمهم المعنى لسينما كشكل فني اليوم. ثقافة الاستهلاك تنتشر اليوم في كل مكان، بالنسبة إلى المؤسسات الانتاجية فإنها تريد أن تمول السينما، ولكن على ألا تعرض في الصالات، نعم! أنا قلق، وأخشى أنه مع فيروس كورونا، والناس الذين يلازمون المنازل أمام الشاشات محاطين بآخر الأخبار التكنولوجية. هذه الهاوية الثقافية، وأخشى أن عظام السينما كتروفو، وأنطونيوني الذين أثروا في السينما الأميركية، مثل سكورسيزي، وكوبولا… يختفون في هذه الهاوية، قال سارتر “الجحيم هي الآخرون” وأظن أن الجحيم هي “ذوق الآخرين”.
- قلت في كتابك: أسفي الكبير؟ ببساطة أنه أعطيت ملايين لأضع أقلاماً مراقبة كلية على حين تظن أنني لم أحقق فيلماً عظيماً واحداً، أهو النوافغ المزيف؟ أعترف بذلك؟
• لا! إنا الحقيقة يكفيني أن أشاهد أفلاماً لتروفو، غودار وبرغمان كوروسادا أو فيليني، وأشاهد أفلامي بعضها جيد، ولكن لا تقاس بأفلام هؤلاء، كثير من أفلامي للترفيه، ربما، وأكيد أنه ليست أفكاري هي التي ستضع الثورة.