سوليوود «الرياض»
يعد المسلسل المصري “البرنس” امتدادا لسلسلة من الأعمال الدرامية المعنية بمشاكل تفضيل أحد الأبناء على الآخرين في مشاعر الحب والتقدير، وخلافات المواريث بين الأشقاء، مع مساحات أوسع من العنف اللفظي والجسدي غير موجودة في العالم الحقيقي، يتم تفصيلها فقط على مقاس الفنان محمد رمضان.
ووفقا لجريدة العرب اللندنية لا يخرج الفنان محمد رمضان في مسلسل “البرنس” كثيرًا عن مساحة ثابتة يتحرك فيها في أعماله الفنية، من خلال دور شاب يتسم بصفات ابن البلد الكاملة من الشجاعة والتضحية وعدم التفريط في الحقوق، ويتعرض لظلم وقسوة من شبكة المحيطين به ثم يتحول إلى شرير ينتقم من الجميع.
تبدو القصة بسيطة من الوهلة الأولى، حيث حامد الذي يقوم بدوره الفنان عبدالعزيز مخيون، والمتزوج من ثلاث سيدات ماتت إحداهن أثناء ولادة رضوان البرنس الذي يقوم به الفنان محمد رمضان، ما يجعل والده يفضله عن باقي أبنائه الستة لكونه يتيم الأم، ولأنه الوحيد الذي يساعده في ورشة دهان السيارات ولا يخالف تعليماته قرر كتابة كل أملاكه له وحرمان الآخرين من الميراث.
تدخلات مستمرة
يلعب المسلسل الذي يعتبر مشروعًا خاصا بالمخرج محمد سامي كتابة وإخراجًا، على قصة دارجة في التراث الدرامي تجمع بين الاستلهام من سيرة النبي يوسف وصراعات الأشقاء حول الحب، مع دمجها بمشكلات المواريث التي تدفع بالبعض للتخلي عن رابطة الدم، وسبق تقديم ذلك الخليط في أعمال عدة، أهمها “ولي العهد” لحمادة هلال، و”الليل وآخره” ليحيى الفخراني، و”الرحايا” لنور الشريف.
يمنح العمل أشقاء رضوان مجموعة من النقائص البشرية الشبيهة بالخطايا السبع المميتة أو الذنوب الكاردينالية التي استخدمت لتوعية وتوجيه أتباعها منذ بداية المسيحية لوصم كل الأفعال غير الأخلاقية، لتعاني شخصياتهم من الغرور والجشع والشهوة والحسد والشراهة والغضب والكسل والتواكل.
يعشق أشقاء رضوان كل أنواع الشرور، ففتحي (الفنان أحمد زاهر) هو تجسيد شيطاني للغرور والغضب، وعبدالمحسن (الفنان إدوارد) يجسد المعاني الحرفية للكسل والخنوع لإهانات زوجته الراقصة، وياسر (الفنان محمد علاء) يقيم علاقة جنسية بزوجة أخيه يمثل حرفيًا الشهوة، ونظرات عبير (الفنانة رحاب الجمل) تحمل كما رهيبا من الحسد، وعادل (الفنان أحمد داش) يعبر عن الشراهة بإدمانه للمخدرات وإقامته علاقة كاملة مع فتاة دون زواج.
يتضمن المسلسل تباينا نسبيا في مساحة الدور المعتاد الذي يلعبه محمد رمضان الذي تم تحجيمه على غير المعتاد، لصالح حزمة كبيرة من الممثلين تمت الاستعانة بهم. ولا يضم العمل اختلافًا في الأداء أو ملامح الدور، ففي “البرنس” يجسد مدير ورشة لدهان السيارات يتآمر أشقاؤه ضده ويقتلون ابنه وزوجته ويدبرون له قضية سرقة ليشبه كثيرًا دور “حربي كرامة” بائع السكاكر الذي يتعرض للنصب في شراء وحدة سكنية في “زلزال“.
تظهر تدخلات رمضان في كتابة السيناريو وتنميطه كثيرًا، ففي آخر ثلاثة أعمال درامية قدمها كان الرابط الأساسي بينها، وفاة الأب قبل الحلقة الرابعة ليصبح الشاب مطالبًا إما بالأنفاق على أسرته وإما تحمل تبعات الوفاة بصراعات مفروضة عليه لكنه يخوضها في النهاية، وينتصر مع شعارات براقة تخاطب جمهور الشباب الشعبي: “حقك لا تتنازل عنه ولو كان تحقيقه يتطلب موتك أو الإيذاء”.
يشير اسم المسلسل ذاته بوجود بصمة للفنان الذي يثير غضب زملائه بتوصيف نفسه بعبارة “نمبر وان”، مع تكراره التضخيم المتكرر في منتجه الفني، لينضم “البرنس” أو “الأمير” إلى سلسلة أعمال “قلب الأسد، والأسطورة، والسلطان، والملك، نمبر وان، نسر الصعيد، وزلزال”، مخالفًا نصائح النقاد بالابتعاد عن تلك الدائرة الغرورية التي دفعته قبل سنوات إلى ربط عرض عمل مسرحي له (شكرا رمضان)، وإزالة اسم “الزعيم” من مسرح طالما اعتلى خشبته عادل إمام بحي الهرم في الجيزة القريبة من القاهرة.
جاء إمساك محمد سامي بتلابيب العمل من السيناريو والحوار والقصة على حساب الإخراج، ففي حلقة واحدة وقع في ثلاثة أخطاء ساذجة، بوضع جهاز رسم القلب لـ”رضوان” في المستشفى على ذراعه بدلاً من صدره، ووضع أنبوب في فمه أثناء إجرائه عملية جراحية بدلاً من جهاز تنفس اصطناعي، وزاد الطين بلة بمشهد وقوعه من سرير العمليات، لينهض بنفسه بمساعدة الممرضات رغم خضوعه لعملية شديدة الخطيرة.
رائحة البلطجة
تخلى رمضان في “البرنس” عن مساحة البلطجة المعتادة في أعماله، لكن رائحتها ظلت باقية، فبعد ساعات من هروب رضوان من المستشفى دون استكمال علاجه في أعقاب تعرضه لحادثة سيارة سبب كسرًا في ذراعه والعشرات من القطب في بطنه، يهاجم منزل فدوى (الفنانة روجينا) تاجرة المخدرات وزوجة أخيه السرية، ويشتبك مع أربعة من أتباعها المسلحين، ويطيح بهم أرضًا بيد واحدة فقط.
يحافظ الفنان المثير للجدل دائمًا على خط الرومانسية غير المكتملة في أعماله، ففي “البرنس” كانت تجمعه قصة حب لعلا (الفنانة نور) لم تكتمل وتزوجت بآخر، وفي “زلزال” العام الماضي جسّد دور “حربي كرامة” الذي يحب فتاة من طبقة أعلى فيرفض والدها طلب زواجه، وفي “الأسطورة” تكررت اللازمة ذاتها مع تغيير بعض التفاصيل البسيطة، يحمل رمضان لقبًا جماهيريًا يصفه بـ”أسطورة قصص الحب الفاشلة”.
يرى النقاد أن فكرة المسلسل أصيلة في الدراما المصرية، لكنها عانت الشطط في رسم السلوك الانتقامي لشخصياته التي لا تتماشي كثيرًا مع الواقع، بتقديم شخصيات ملائكية غير موجودة في الحقيقة مثل رضوان وحبيبته الأولى علا، وشر دفين مستمر على طول الخط في شقيقه فتحي الذي ارتكب خلال أول 15 دقيقة من الحلقة الأولى موبقات ورذائل الدنيا كلها.
تقول الناقدة ماجدة خيرالله، لـ”العرب”، إن الدراما تحاول استثمار نجاح ثيمة معينة، وتعيد استنساخها باستمرار، ففكرة صراعات الأشقاء على الميراث قريبة من الواقع وتعاني منها الملايين من الأسر، وتم تقديمها في العشرات من الأعمال التي اتسمت غالبيتها بالنجاح، ويكفي أن عام 2010 شهد وحده تقديم خمسة أعمال دفعة واحدة عن قضية الميراث وخلافاتها.
يعتمد العمل على عنصر الحلول السهلة غير المنطقية أحيانًا في معالجة تعقيداته، فاكتشاف رضوان زواج شقيقه فتحي السري جاء أثناء نزوله من سلم عمارة لا يقطنها ويرى صورة شقيقه معلقة على الحائط من باب شبه موصد في مبالغة شديدة.
وتكرر الأمر ذاته في محاولات قتله بالمستشفى فمع غلق شقيقه فتحي صمام التنفس الصناعي وقع رضوان من السرير فجأة دون مبرر ليتم إنقاذه، وحتى في حل إشكالية وجود علاقتين عاطفيتين لرضوان كان الحل السهل بالتخلص من واحدة منهما بالموت، وطلاق الأخرى من زوجها لفتح مبرر لعلاقة مستقبلية بينهما.
يكمن نجاح كاتب الدراما المحنك في رسم أحداث غير المتوقعة والحفاظ على خط التشويق طوال العمل، لكن في “البرنس” وصلت التعقيدات في الحلقات الأولى إلى ذروتها، ما جعل العمل يأخذ منحى عرضيًا وتوقعا للأحداث مع إعداد فيديو تشويقي كشف أكثر من اللازم عن قصة المسلسل وتفاصيله.
تضيف ماجدة خيرالله، أن رمضان ينتقي أسماء شخصياته في أعماله الدرامية التي يعتبرها تجسيدًا لذاته أكثر من الاهتمام بجودة الأعمال وبقائها، فألقاب الفنانين منحها لهم الكتاب والنقاد بعد جهد طويل، ومحاولة الممثل فرضها يسحب من شعبيته ويعرضه لأزمات مستقبلية، فأي فنان حينما يخفق يمكنه العودة من جديد عبر عمل فني آخر، لكن رمضان لو تعرض للفشل فلن تقوم له قائمة مجددًا.
يواجه العمل حاليًا مشكلة قانونية بسبب الصورة الذهنية التي يريد رمضان رسمها لذاته، بعدما رفع صاحب المطاعم الشهير ناصر البرنس دعوى قضائية ضد العمل يتهم صناعه بتقديم جزء من قصة حياته دون استئذانه، فسبق له العمل بمجال دهان السيارات 10 سنوات ومطعمه يحمل نفس اسم ورشة رضوان في العمل “البرنس”، ونجله يحمل نفس الاسم ذاته لنجل بطل المسلسل “سيف”، ما أضرّ بسمعته ومواجهته استفسارات حول أكله حقوق أشقائه.