سهى الوعل
انتقادات كبيرة طالت الأعمال السعودية هذا العام رغم أن الوقت ما زال مبكرًا جدًا على إعطاء آراء بشأنها، وهو أمر يحدث كل عام، لكن هذه المرة وبسبب شح المسلسلات السعودية من ناحية العدد بخلاف الأعوام الماضية، التي لم تكن تقدم عددًا كبيرًا، لكنها في المقابل كانت تقدم ضعف هذا الرقم على الأقل، فالمشاهدون ممتعضون بسبب الانطلاقة الضعيفة لتلك الأعمال وغير المبشرة بحلقات مقبلة أفضل.
حيث يضع كثير من المخرجين مشاهد الإبهار والجذب في الحلقات الأولى لجذب المشاهدين وإقناعهم، هذا يحدث في معظم الأعمال المصرية والسورية، لذلك تأتي هذه الأعمال دائمًا في المقدمة، وهي ثقافة يعتمدونها منذ سنوات طويلة لتخلق حالة من الحيرة لدى المشاهدين، الذين يكون حديثهم عادةً عن أي عمل سيختارون، بدلًا من أن يكون عن أي انطلاقة هي الأسوأ، وهو أمر تفتقده الأعمال المحلية عادةً في انطلاقتها، التي نادرًا ما تكون جاذبة؛ حيث يظل أصحاب تلك الأعمال يطالبون بالانتظار والترقب حتى يمر أسبوعان على أقل تقدير.
هناك أمر آخر يتسبب في زيادة الاحتقان تجاه الأعمال السعودية، وهو المجاملات التي تطغى على الصحافة الفنية المحلية والمعروفة للجميع؛ لأنه وبمجرد أن تنطلق الانتقادات الجماهيرية ناحية عمل ما يبدأ أصدقاء بطل هذا العمل من الصحافيين والإعلاميين في انتقاد الجمهور وتلميع هذا البطل، بل ادعاء أن ما يحدث ليس إلا حملات ممنهجة بغرض الإساءة للفنان نفسه وليس للارتقاء باختياراته، يرافق حالة الصدام هذه بين الصحفي والمتابع صمت تام من قبل الفنان المؤمن بوجهة نظر صديقه الصحافي، برغم أنه لو كتب جملة واحدة فيها تحية تقدير للمتابعين وآرائهم لاختلف الأمر.
عوامل فنية مهمة تُغضب الجمهور مع انطلاقة المسلسلات المحلية أيضًا، على سبيل المثال معظم هذه الأعمال حتى الخاصة بنجوم الصف الأول تفتقد الحوارات «المحبوكة»، كل شيء مباشر وارتجالي، وكأن السيناريو عبارة عن رؤوس أقلام يُترك فيها السرد للفنان كما يوحى له لاحقًا أمام الكاميرا، يقف خلف تلك الحوارات أسماء لا تملك أرشيفًا روائيًا دراميًا حقيقيًا، أسماء قادمة من عواميد الصحف، أو من خلفيات مجهولة.
أمر آخر يُفقد هذه الأعمال ثقة الجمهور منذ البداية، وهو أن جميع هذه الأعمال تٌكتب من أجل الفريق الذي سيوجد في العمل، بدلًا من أن تُكتب ليُخلق لها أبطالًا.. بمعنى أن طبيعة المجموعة هي التي تتحكم في قلم الكاتب، وليس العكس، كما يحدث في أعمال ناصر القصبي ومجموعته، وهكذا!
شهية المتلقي المفتوحة لانتقاد الأعمال المحلية منذ أول يوم عرض سببها غياب عنصر المفاجأة، غياب الفكرة غير المسبوقة، غياب «الكاركتر» الجديد الذي سيلعبه بطل العمل للمرة الأولى، غياب النجم الصاعد الذي سيقدمه العمل فيُفاجأ به الجمهور، غياب السيناريو غير المتوقع، وغياب الرؤية والإبداع.
جريدة الرياض