سوليوود «الرياض»
في زمن الكورونا وضرورة العزلة، لم يغلق المهرجان السينمائى الدولى «رؤى من إفريقيا» بمونريال أبوابه، ولم يقفل هذا المهرجان الأبرز والأكبر في أمريكا بوابته المفتوحة لاستقبال عشرات الأفلام من قارة إفريقيا… ومن قاعات العرض إلى المنصة الرقمية، أصرّ المهرجان على مواصلة دورته 36 لسنة 2020.
ولم تغب السينما التونسية عن المشاركة في مختلف مسابقات المهرجان ليأتيها رجع صدى بالفوز والتتويج عبر شبكة الإنترنت أمام الأزمة الصحية العالمية!
في المهرجان السينمائى الدولى «رؤى من أفريقيا» بمونريال، تمثل الحضور التونسي في عرض ثلاثة أفلام في قسم المسابقات وهي: الفلم الروائي الطويل «الأريكة في تونس» لمنال العبيدي والفلم الوثائقي الطويل «لا.نعم» لمحمود الجمني والفلم الروائي القصير «في بلاد العم سالم» للمخرج سليم بلهيبة.
«لا.نعم» وثائقي يحاكم العنصرية تجاه البشرة السمراء
كثيرا ما يسخّر المخرج محمود الجمني عدسة كاميرا أفلامه لخدمة القضايا العادلة والدفاع عن الأقليّات والفئات المستلبة الحقوق وهو الذي يؤمن بأن السينما سلاح قتال من أجل واقع أفضل للبشرية.
وبعد أفلامه «حنظل» و «ووردة عشق الحياة» جاء فلمك الأخير «لا.نعم» سنة 2019 ليتمم ثلاثية سينمائية اختار لها عنوانا كبيرا هو ا«لألم والمقاومة». وفي المهرجان السينمائي الدولي «رؤى من أفريقيا» بمونريال وجد فلم «لا.نعم» طريقه إلى قلوب الجمهور وعثر على التأييد والإجماع بأن يكون صاحب جائزة الجمهور التي أحدثها المهرجان جائزة الجمهور خلال دورة هذا العام بسبب تبعات انتشار وباء كورونا وما فرضه على العالم من حجر وغلق للحدود.
وفي «لا.نعم» يرفع المخرج محمود الجمني شعار المحاكمة الكبرى للعنصرية عبر مقاربات متنوعة ومختلفة ومن خلال خطاب مقنع ومؤثر.
ويتحدث هذا الفلم الوثائقي الطويل عن حكاية شابة سمراء البشرة صاحبة شهادة جامعية تعود إلى موطنها بقابس لتضع خبرتها ومعارفها على ذمة وطنها… غير أن اتصالاتها وتعاملها مع فئات مختلفة من المجتمع جعلتها تصطدم بمواقف عنصرية ومظاهر ميز عنصري تتعارض مع المبادئ الدينية والخيارات السياسية في بلاد ألغت الرّق منذ سنة 1846، وصولا إلى المصادقة على القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على جميع أنواع التمييز العنصري في أكتوبر 2018.
وإلى جانب شهادات حيّة لشخصيات ذات مستوى اجتماعي وثقافي مختلف، فإن فلم «لا.نعم» عالج موضوع العنصرية من زوايا متعدّدة تاريخية وجغرافية واقتصادية وثقافية ونفسية، مع الاستئناس بآراء الباحثين والمختصين في علم الاجتماع وعلم النفس ومقترحات المجتمع المدني والسلطة التشريعية
ويرّج فلم «لا. نعم» الثوابت والسواكن بأن تونس بلد قطع مع العبودية والميز العنصري منذ عقود ليثبت أن الأقليات لا تزال تعاني من التمييز والضيم وهضم الحقوق.
«أريكة في تونس» عن الطب النفسي وتحوّلات المجتمع
بعد أن راكم التتويجات والنجاحات على غرار جائزة الجمهور في مهرجان البندقية، نال فلم «الأريكة في تونس» أو «البلوز العربي» جائزة الجمهور كأفضل فلم روائي في مهرجان «رؤى من إفريقيا» بمونريال.
وفلم «الأريكة في تونس» من إنتاج فرنسي لشركة «كازاك»، وتلعب دور البطولة فيه المغنية والممثلة الإيرانية غولشيفتيه فراهاني التي تعيش بدورها في فرنسا منذ 2009 وتحمل الجنسية الفرنسية بعد أن طردتها إيران بسبب ظهورها سافرة الوجه في فلم «أكاذيب دولة» إلى جانب ثلة من الممثلين التونسيين على غرار مجد مستور وجمال سياسي ورملة العياري وهشام اليعقوبي.
وقد اختارت المخرجة منال العبيدي تصوير مشاهد هذا الفيلم الروائي الطويل الأول في مسيرتها في تونس لتروي حكاية فتاة تقرر العودة إلى وطنها تونس بعد أن درست علم النفس السريري في فرنسا لتفتح عيادة في حيّ شعبي، وفي هذه العيادة كان الاكتشاف لنماذج مختلفة من أفراد المجتمع التونسي، وتغير سلوكيات الأفراد إثر التحوّل السياسي الذي عرفته تونس.