مرة ثانية تتردد شركة باراماونت في الاقبال على إنتاج المشروع السينمائي الجديد للمخرج الكبير مارتن سكورسيزي، فالميزانية المطلوبة لإنتاج فيلمه القادم “قتلة زهرة القمر” ستتجاوز 200 مليون دولار، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال.
الفيلم الجديد سيعود فيه سكورسيزي ليتعاون مع النجم ليوناردو ديكابريو، وكان آخر تعاون بينهما في فيلم “ذئب وول ستريت” (2014). ولا شك أن اشتراك الاثنين معا قد ينعكس في ترشيح الفيلم لعدد من جوائز الأوسكار كما حدث من قبل، وتحقيق ايرادات كبيرة في شباك التذاكر. إلا أن ضخامة الميزانيةالمطلوبة جعلت باراماونت تتردد في توقيع الاتفاق تماما كما حدث من قبل مع فيلم سكورسيزي السابق “الأيرلندي” عندما تقاعست باراماونت عن تمويله، فكان أن التقطت شبكة نتفليكس الخيط، وأنتجت الفيلم بالكامل بميزانية بلغت 165 مليون دولار. فهل تفعلها نتفليكس مرة أخرى؟
ضخامة الميزانية ليست العامل الوحيد بل والظروف الحالية أيضا التي تحيط بمصير التردد على دور العرض مع حالة الاغلاق والشلل التي تشهدها حاليا بعد تفشي وباء كوفيد- 19 ولم يعد أحد يعرف متى سيعود الجمهور الى السينما.
حاليا تدرس باراماونت التخلي عن الفيلم لشركة أخرى، أو على الأقل إدخال شركة أخرى طرفا في تحمل التكلفة. ومن بين الأطراف التي تم الاتصال بها كومكاست ومترو غولدوينماير وأبل بل ونتفليكس التي سبق لها انتاج فيلم سكورسيزي السابق.
ورغم الميزانية الضخمة التي أنفقتها نتفليكس على “الأيرلندي” بالإضافة الى ما أنفقته من عشرات الملايين على الحملة التسويقية للفيلم، إلا أنها خرجت صفر اليدين من موسم جوائز الأوسكار بعد ان تفوق الفيلم الكوري “طفيلي” على فيلم سكورسيزي، فنال جائزة أفضل فيلم وأفضل مخرج!
لذلك من الطبيعي أن تتردد باراماونت أو أي شركة أخرى في التحمس لفيلم “قتلة زهرة القمر”. فليس هناك شيء مؤكد مهما كان حجم الانفاق في هوليوود. ويرى البعض أن ما حدث كان نتيجة النظرة الى نتفليكس على أنها كانت تحاول شراء جائزة أوسكار وهو ما قد يكون قد تسبب في نفور بعض الأصوات في الأكاديمية الأميركية لعلوم السينما والتليفزيون الذين يقترعون على الجوائز.
يتوقع بعض العاملين في حقل الصناعة السينمائية أن مشروع الفيلم الجديد سيرسو في النهاية عند مرفأ شركة “أبل” التي لن يضيرها مالياً لو خيب الفيلم الآمال من الناحية التجارية.
ولكن نتفليكس قد تتقدم أيضا بعرض جيد لتمويل الفيلم الجديد. فالاغراء قائم في تلك الشراكة التي تضمن النجاح بين سكورسيزي ودي كابريو، كما أن نتفليكس لابد وأن تكون قد تعلمت من أخطائها، فليس بالضرورة أن يكون الفيلم الجديد من نحو ثلاث ساعات، رغم أنه حقق للشبكة أيضا حضورا قويا في منافسة الأوسكار، وهو حضور كانت تتوق إليه بغض النظر عن الجوائز.
من جهة أخرى تعرف شبكة نتفليكس التي تمتلك 17 مليار دولار كميزانية انتاج حاليا، حدودها، فهي لن تغامر إلا بحسابات محددة، على أن تكون على استعداد للتراجع في حالة دخول منافس جاهز بتمويل أكبر الى الحلبة.
قد يكون هذا المنافس هو شبكة أبل للبث الرقمي التي لم تحقق حتى الآن ما كانت تصبو إليه، وتفوقت شبكة ديزني الجديدة عليها ونجحت في جذب 50 مليون مشترك خلال خمسة أشهر فقط. فهي حاليا في أمس الحاجة إلى تحقيق نجاح كبير عن طريق عمل متميز يمنح المشتركين الثقة في هذه الشبكة التي تسعى للتنافس بقوة مع نتفليكس، خاصة وأن لديها نحو 200 مليار دولار تمكنها من المغامرة بانتاج الفيلم الجديد دون أن تخشى شيئا.
لكن شبكة نتفليكس تمتلك ميزة تتمثل في قدرتها على تحقيق ما يرغب فيه سكورسيزي أي عرض فيلمه في عدد من دور العرض السينمائي في العالم قبل بثه رقميا عبر منصتها الدولية المغلقة على المشتركين، وهو ما فعلته في 6 من أفلامها قبيل موسم الجوائز العام الماضي، من بينها فيلم “الأيرلندي نفسه”، رغم أن العروض العامة في دور السينما لا تتجاوز 30 يوما. لكنه سيكون كافيا لارضاء طموح سكورسيزي الذي يريد الجمع بين الشاشة الكبيرة والعروض الرقمية.
من ناحية أخرى، قد تجد شركة أبل أن منح سكورسيزي أطول منصة ممكنة للعرض هي الميزة التنافسية التي ستحتاجها للحصول على الفيلم مقابل عدم عرضه في دور السينما قبيل العرض الرقمي. لكن المسألة على أي حال، أصبحت تقتضي المغامرة.