سوليوود «خاص»
البقاء على قيد الحياة والصراع من أجل ذلك فطرة جُبل عليها الإنسان منذ يوم ولادته إلى آخر نفس من تلك الحياة.
تتعدد الوسائل وتختلف الظروف بين فرد وآخر، فبينما يقضي البعض حياتهم في ظروف طبيعية، يكون آخرون في صراع دائم للبقاء في بيئة الغلبة فيها للأقوى ولمن هو أعلى في المرتبة والمكانة، كما هو الحال في الفيلم الإسباني “The Platform”.
تدور أحداث الفيلم من داخل مكانٍ افتراضي أشبه بالسجن، يُقاد إليه الخارجون عن العدالة، وبعض المتطوعين أيضًا الذين يقومون بمقابلة شخصية مع مسؤولي المكان، يتم الاتفاق فيها على قبولهم هناك لفترة مُحددة، وبمقابل مُحدَّد، غالبًا ما يكون شيئًا يُريده المتطوّع بشدة، كما هو الحال مع بطل الفيلم “غورينج”، الذي اختار بمحض إرادته أن يدخل في هذا السجن ويستيقظ في غرفة مسدودة تمامًا من كل الجوانب سوى فتحة مستطيلة في الأرضية، بينما على جانبيها سريران أحدهما له، والآخر لرجل عجوز يبتسم ساخرًا. هذه هي “المنصَّة” التي دخل إليها للحصول على إجازة ما تساعده على بناء مستقبله، ومن أجل الإقلاع عن التدخين، بينما دخلها العجوز لقضاء عقوبة، هنا يكتشف كلاهما أن الأسباب مُتعددة بينما المكان واحد. يبدأ الرجل الذي تنقل بين عدة مستويات ووجده في المستوى 48 في تعليمه الدرس الأول “لا شيء في الحياة بدون مُقابل”.. إجابات محدودة لأسئلة عديدة يبدأ البطل في طرحها بينما يتلقى صدمته الأولى في موعد الطعام.
كم من الوقت يتعين عليك أن تبقى محافظًا على إنسانيتك في محيط يستطيع فيه صاحب المستوى الأعلى أن يعبث بالمائدة الوحيدة التي تنزل من المستوى الأول إلى مستويات لا نهاية لها، يتنعم فيها أصحاب المستوى الأعلى بكامل أصناف المائدة، خلال دقيقتين تمكث فيها “المنصة” في كل مستوى نزولاً إلى الأدنى، بينما يتمكن من في المستوى الأوسط الحفاظ على حياتهم من خلال تناول بقايا من هم بالأعلى، فيما لا يجد من هم بالأدنى بدًا من العمل بقانون الغاب الذي يأكل فيه القوي الضعيف على “المنصة” التي تصلهم فارغة تمامًا من الطعام.
قد لا يجد بطل الفيلم الذي دخل “المنصة” في صحبة كتاب “دون كيشوت” بدلاً من أن يحمل سلاحًا كما فعل أغلب الموجودين، الجواب إلا حين يستيقظ مرة أخرى نهاية كل شهر في مستوى منخفض جدًا “202” مع رفيقته التي آثرت الانتحار بدلاً من المعاناة، ليبدأ بتناول جزء من جسمها، بعد أن اقتنع أن تناول أوراق كتاب “دون كيشوت” لا تسمن ولا تغني من جوع.
قام بكتابة قصة الفيلم الكاتب “ديفيد ديسولا”، الذي اشترك مع “بيدرو ريفيرو” في كتابة سيناريو الفيلم، أمَّا المخرج فالمفاجأة أنَّ The Platform هو أول فيلم طويل يقوم بإخراجه المخرج الموهوب “غالدير غاستيلو أوروتيا”، الذي توقّع الكثير من النّقاد أن يكون له مستقبل باهر.
وكما هو الحال في نهاية كل شهر يستيقظ السجناء في مستوى جديد، وهذه المرة يحالف الحظ بطلنا الذي وجد نفسه في مستوى متقدم جدًا وهو المستوى السادس، برفقة زميل جديد، استطاع أن يقنعه أن العدل يجب أن يسود عن طريق أن يأكل كل منهم ما يكفيه فقط.
ويبدآن بالتنقل على مائدة الطعام في محاولة لإقناع الآخرين بالحفاظ على الطعام من أجل من هم بالأسفل، حتى ينتهي الفيلم برسالة رمزية جدًا، لكنها ربَّما لا تصلح من أجل هذا العالم الذي اعتاد الانحناء لمن يستطيع إخضاعه.