سوليوود «الرياض»
مرّت أيام وتعاقبت سنوات ولم يسقط عبدالحليم حافظ من ذاكرة الناس، حتى بعد رحيله في 30 مارس 1977، ما زالت أغنياته الرائعة تملأ الدنيا.
في حياة “عبدالحليم علي إسماعيل شبانة” فصول كثيرة، ومن يتأمل ملامحها سوف يكتشف أن مساحة الألم والشجن أكبر من مساحة الفرح؛ فقد وُلد في قرية الحلوات بمحافظة الشرقية، وسط أسرة فقيرة، حرمه القدر من حنان الأم؛ إذ رحلت عن الدنيا بعد ولادته مباشرة، وقبل أن يكمل عامه الأول مات والده.
أحب العندليب الموسيقى بسبب شقيقه الأكبر إسماعيل شبانة مدرس الموسيقى بوزارة التربية والتعليم، وفي عام 1943 التحق بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين، وأثناء الدراسة نشأت بينه وكمال الطويل صداقة قوية، أثمرت بعد ذلك أعمالا غنائية رائعة.
في عام 1948 تخرج في معهد الموسيقى العربية وعُيّن مدرسا للموسيقى، وبعد 4 سنوات من العمل شعر بأنه يسير في الطريق الخطأ وأن حلمه أكبر من حدود الوظيفة، فقرر “حليم” أن يترك الوظيفة ويعمل بفرقة الإذاعة الموسيقية عازفا على آلة الأوبوا.
وبحسب موقع العين الإخبارية لعبت الصدفة دورا كبيرا في حياة العندليب عام 1951، عندما التقى الإذاعي الكبير حافظ عبدالوهاب، الذي أقنعه بالتقدم لاختبارات الإذاعة لأنه يمتلك صوتا جميلا، استجاب حليم للنصيحة ونجح بالفعل في اختبار الإذاعة المصرية.
ولم تكن البدايات سهلة ورائعة؛ إذ تعامل الجمهور بجفاء شديد مع حليم عندما طرح أغنيته الأولى “صافيني مرة” 1952، وتغير الحال بعد أغنية “يا حلو يا أسمر، وعلى قد الشوق”.
بهدوء وذكاء تسلل إلى قلب الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج وشهدت مرحلة الستينيات توهج العندليب وتألقه، خصوصا أنه قدم خلالها عددا من الأغنيات الخالدة مثل “نبتدي منين الحكاية، موعود، فاتت جنبنا”، كما قدم مع عبقري التلحين بليغ حمدي مجموعة رائعة من الأغنيات أبرزها “حاول تفتكرني، مداح القمر، عدى النهار، أي دمعة حزن لا”.
أراد عبدالحليم أن تظل صورته محفوظة في قلب الجمهور؛ فقرر العمل في السينما وقدم عبر شاشتها 16 فيلما منها “لحن الوفاء 1955، الوسادة الخالية 1967، أبي فوق الشجرة 1969”.
في السجل الفني للراحل عبدالحليم حافظ كل ألوان الغناء “رومانسي ووطني وعاطفي وديني”؛ لذا منحه الجمهور لقب العندليب الأسمر، وعلى الرغم من النجاح؛ فقد كانت فرحته غير مكتملة بسبب المرض الذي رافقه منذ الصبا وأفسد عليه كل اللحظات الحلوة.
اخترق مرض البلهارسيا جسد العندليب الضعيف، وتطورت الحالة بشكل غريب حتى أصيب بتليف الكبد وباءت محاولات علاجه خارج مصر بالفشل، وفي عام 1977 توقف العندليب عن الغناء وغابت أنفاسه عن الدنيا. وخرج المصريون من كل محافظات مصر لوداعه في جنازة تاريخية، تكشف عن قيمة فنان صاحب بصمة خالدة.