سوليوود «الرياض»
لم تكتفِ السعودية في الفترة الأخيرة بعدد غير قليل من الأفلام التي أنجزتها سيدات، هيفاء المنصور، شهد أمين (حصراً) بل إن عدداً كبيراً من صالات السينما قد افتتحت في المملكة وسط إنفتاح واضح على جوانب الفن السابع وتسجيل حالات واسعة من الاقبال الجماهيري على حضور أشرطة عربية وعالمية مختلفة، واستقبال عدد غير قليل من الفنانين الكبار من دنيا العرب والعالم للقاء الجمهور السعودي مباشرة والتحاور معه.
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، بل إن إختصاصيين في مجال السينما من دنيا العرب إهتموا بدراسة السينما السعودية التي يبلغ عمر انطلاقتها هذا العام نصف قرن، ومنهم التونسي هادي خليل الذي صدر له في باريس كتاب بعنوان: السينما السعودية (Le cinema Saoudien) مع مقدمة للفرنسي برتراند غابيدوش.
ينقسم الكتاب الى خمسة أجزاء:
1 – تاريخ السينما السعودية وفيه قراءة في أعمال المخرج عبد الله المحيسن أولها «إغتيال مدينة» (77) عن بيروت وما تعرّضت له من خراب وتدمير خلال الحرب الطاحنة على لبنان، «الإسلام قنطرة المستقبل» (82)، «الصدمة» (91) و«ظلال الصمت» (2006).
2 – 3 – الثاني والثالث عن المنتج صالح الفوزان الذي عرف نشاطاً مكثفاً في مصر على مدى 15 عاماً (1984 و1999).
4 – السينما السعودية بين عامي 1977 و2019.
5 – قراءة عن قرب لعدد من الأفلام السعودية البارزة.
وبحسب موقع اللواء اللبناني نحن سعداء لأن جزءاً من هذا الأرشيف الوطني، لنا مكان فيه من خلال المخرج المحيسن أول من فتح الأبواب على الفن السينمائي في المملكة مطلع السبعينات وعندما وجد جسامة المؤامرة على بيروت خصوصاً ولبنان عموماً عام 75 بادر الى إنجاز فيلمه الرائع «إغتيال مدينة» وقد كان في ذلك مصيباً مثلما فعل الشاعر الكبير الراحل نزار قباني في قصائد عديدة أبرزها: «بيروت ست الدنيا».
ولأن الأساس كان صحيحاً، ولأن السعودية اليوم غيرها بالأمس لناحية التفاعل مع كل ملامح الحضارة خصوصاً في مجال الفنون والترفيه، ها نحن اليوم نواكب ترجمة ميدانية لنجاحات سينمائية من خلال المهرجانات العالمية والاقليمية، وتحديداً ما شهدناه سابقاً مع مخرجتين متميّزتين: هيفاء المنصور، ثم شهد أمين، مما يعتبر قفزة مضاعفة في مجال هذا الفن الراقي والقادر على تقديم صور حقيقية عن أوطاننا وشعوبنا وحضارتنا الموروثة.
جيد أن يصدر كتاب في باريس وبالفرنسية، أنجزه متخصص عربي من تونس، بما يعني أن المؤلف لم يكن سعودياً حتى يتهم بالممالأة والمحاباة، بل هو صاحب إختصاص وأراد احتفالية من نوع خاص في العيد الخمسين لإنطلاق السينما، في وقت تبيّن أن العقول المتفتحة أوصلت الأمور الى هذا الإنفتاح فنحن أمام صالات حديثة جداً، ومشاريع لإفتتاح استوديوهات تصوير، واستقبال فرق إنتاجية تصوّر أعمالاً في المملكة، كما أن دعماً معلناً للسينما بات حقيقياً ويتدعم في أوائل آذار/ مارس المقبل مع إنطلاق أول مهرجان سينمائي بإسم مهرجان البحر الأحمر السينمائي، حيث يستقبل ويدعم الأفلام مشجّعاً شباب المملكة على الانخراط في سياق هذا الفن لتقديم ما هو مفيد لبلاده.
نعم بات للسينما مكان ومكانة في السعودية، من الصالات الى منابر المهرجانات، الى المؤلفات في المكتبات المحلية والعالمية، وفتح الأبواب أمام المرأة لكي تدلي بدلوها الى جانب الرجال في مسيرة التقدّم والعطاء والإزدهار.