عبير البراهيم
إذا كانت للمرأة ثيابها الجميلة التي تقدمها في أبهى صورها، فإنه من المؤكد أن للفيلم السينمائي أو المسلسل أو المسرحية موسيقى تصويرية تقدمها في أبهى صورة، بهذا التعبير يمكن لنا أن نلمس حقيقة نجاح عديد من المسلسلات والأفلام، التي وبعيدًا عن تقنياتها الإخراجية وإبداع فنانيها، إلا أن للموسيقى التصويرية دورًا كبيرًا في شهرتها وتقديمها لأسماع الناس، وربما هذا السبب خلف نجاح كثير من الدراما التي لعبت الموسيقى التصويرية بها دورًا خطيرًا في اتساع نسب نجاحها، وإذا ما اتفقنا على أن الموسيقى التصويرية هي المعادل المسموع للمشهد السينمائي أو المسرحي أو التلفزيوني، وهي العنصر الأساس في صناعة الفيلم، فيجب علينا أن ندرك أنه ومنذ اللحظة الأولى التي دخل عالم التلفزيون إلى حياتنا، فإن لهذه الموسيقى التصويرية السبب في تشكيل ميولنا وذائقتنا السمعية قبل البصرية لمشاهدة الفيلم بمختلف أنواعه، فالمشهد لا يمكن أن يتحرك إلا من خلال هذه الموسيقى التي تتحدث عنه أحيانًا، فتتألم عنه وتعشق عنه وتغادر عنه، وربما أوصلت الفكرة من المشهد دون حوار الشخصيات من خلال تلك الموسيقى التصويرية، في حين لعبت – أيضا – موسيقى المسلسلات التصويرية في البداية ومن خلال نهاية الفيلم دورًا عظيمًا في ترسيخ تلك المسلسلات أو الأفلام بشكل مؤثر وبالغ الأهمية، ولذلك فإن كثيرًا من تلك الدراما التلفزيونية ما زالت تعيش معنا ليس بشخوصها إنما بموسيقاها التصويرية.
عديد من المشاهير في عالم الموسيقى التصويرية أبدعوا في نحت ذاكرة بداخلنا لم ننسَ معها تلك الأفلام التي توجت بموسيقى تصويرية راسخة ومؤثرة، ومن أهمها وليس جميعها موسيقى مسلسل ليالي الحلمية وعائلة الحاج متولي للموسيقار الاستثنائي ميشيل المصري وموسيقى مسلسل رأفت الهجان، والراية البيضاء للموسيقار المهم عمار الشريعي، موسيقى مسلسل كسر الخواطر ونزار قباني للموسيقار المختلف رضوان نصري، وموسيقى مسلسل أشواك ناعمة وأهل الغرام للموسيقار الخلاب ظاهر مامللي، وموسيقى مسلسل الحور العين الذي شكل منعطفًا في الدراما التي تحكي عن الإرهاب بشكل لافت للمرة الأولى للموسيقار المبدع وليد الهشيم وغيرهم كثير يصعب علينا أن نسرد استثنائياتهم التي خلقت من حكاية الدراما، دراما ممتدة لحقبات زمنية متعددة، أضافت تلك المقطوعات الموسيقية لعديد من المواقف والخلفيات والأحداث التي تدل على مدى تأثير تلك الموسيقى وقدرتها على إخراج العمل الدرامي من مجرد قصة وشخوص إلى موسيقى تعزف لتحاكي الروح وتلمس القلب بواقع المساحة التي تتحرك فيها الأحداث، لكنها تعمل على تلوينها، وإضافة ملاعق السكر إليها لتصبح أكثر حلاوة، وطراوة، وتأثيرًا في الأذن، في حين لا تترك مجالاً للمشاهد أن يغفل عن الأحاديث التي تسربها للعين وكأنها تخلق ذلك الانسجام العجيب والحميم بين الدراما المتحركة في شخوص وأحداث وبين دراما وشخوص أخرى يمكن للمستمع أن ينسجها في خياله ليعيشها بمفرده أو ليطابقها مع ما يراه من أحداث تلك الدراما.
ستبقى الموسيقى التصويرية التي أمتعتنا بالجمال والدهشة لكثير من الأفلام السينمائية والمسلسلات الأطول في إمداد ذاكرتنا الذوقية بالأحداث الأكثر تشويقًا وارتباطًا بالحياة.
المصدر: جريدة الرياض