سوليوود «الرياض»
في أجواء من الديستوبيا، وداخل قرية متعصبة، قصة فتاة صغيرة تحتضن مصيرها عندما تقف وحدها ضد أسرتها وتقلب تقليد القرية المتمثل في التضحية بالأطفال الإناث إلى المخلوقات الغامضة التي تعيش في المياه المجاورة، حول هذه القصة نشاهد احداث فيلم “سيدة البحر”ـ وذلك كما جاء في إيلاف.
يستقبل الجمهور المصري الفيلم السعودي “سيدة البحر” للمخرجة والكاتبة السعودية شهد أمين في تجربتها الجديدة التي حازت على اشادات نقدية عديدة عند عرضه بأكثر من دولة حيث سيعرض الفيلم ضمن مسابقة افاق السينما العربية بمهرجان القاهرة السينمائي المقرر اقامته خلال الفترة من 20 إلى 29 نوفمبر الجاري.
وشهد حاصلة على درجة البكالوريوس في إنتاج الفيديو والدراسات الفنية السينمائية من جامعة ويست لندن، كما تحمل شهادة في كتابة السيناريو، وتضم قائمة أعمالها الفيلمين القصيرين موسيقانا، ونافذة ليلى الذي عُرض في مهرجان الخليج السينمائي، وفاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان أفلام السعودية، فيما سجّل فيلم حورية وعين الذي عرض عام 2013 حضوره عالمياً حينما تم اختياره للعرض لأول مرة في مهرجان دبي السينمائي الدولي، واختير للمنافسة في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي بكندا عام 2014، فيما وصل “سيدة البحر” للمرحلة النهائية في ترشيحات جائزة آي دبليو سي (IWC) المرموقة للمخرجين والتي أقيمت في مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2015، كما حصل على التانيت البرونزي بمهرجان قرطاج في دورته الاخيرة.
سيدة البحر من تأليف وإخراج شهد أمين، ويقوم ببطولته أشرف برهوم، يعقوب الفرحان، فاطمة الطائي، هيفاء الآغا، حفصة فيصل، عبد العزيز شتيان، بسيمة الحجّار وهو انتاج سعودي اماراتي عراقي مشترك ومدته حوالي 75 دقيقة.
أحداث الفيلم
في إحدى الليالي التي يكتمل فيها القمر، يظهر مثنّى واقفاً أمام الشاطئ حاملاً بين يديه طفلته الصغيرة حياة ويرمقه رجال القرية من الخلف استعداداً لممارسة تقليد القرية المتمثّل في قيام كل أسرة بالتضحية بأكبر أطفالها من الإناث إلى المخلوقات الغامضة التي تعيش في المياه المجاورة. وبينما يدنو مثنى إلى المياه، يرق قلبه ويغيّر رأيه فجأة مقرراً إنقاذ ابنته.
وبعد مرور ثلاثة عشرة عاماً، تكبر حياة وتصبح فتاة يافعة تعيش في القرية وتعمل في مصنع الملح، الذي تعمل فيه نساء القرية لاستخراج الملح من المياه المجاورة، وهو عمل شاق ومجهد.
وحين تحمل والدة حياة بطفل جديد، يصبح على حياة أن تتبع تقاليد القرية بأن تهب نفسها لتلك المخلوقات. تحاول حياة بإصرار، على عكس فتيات القرية الأخريات، أن تنقذ نفسها من الاستسلام لتقاليد القرية المظلمة وتنضم إلى الصيادين الذين يصطادون المخلوقات البحرية في المياه المجاورة.
ولكن حين تضع والدة حياة طفلها ويكتشفون أنه ذكراً، يصبح لا مفر من التضحية بحياة، حيث لا توجد لها شقيقة تأخذ مكانها، تذهب حياة إلى والدها بآمالها المحطمة ولكنه يُبعدها. وبعد اختفاءها الغامض تحت الماء ورجوعها حية، تُظهر لأفراد قريتها أنها ذات قيمة لهم كصياد، وتقدم نفسها كفرد باستطاعته أن يكون في مجموعة عامر، ولكن لا بد من موافقة عمار، وللحصول عليها تتجاوز حياة مظهره الخارجي الحاد وتكتشف شعوره بالعار تجاه طقوس القرية والفريسة التي يصطادونها، وبمساعدته تصبح حياة صياداً حقيقياً.
على الرغم من أن علاقة حياة وعامر أصبحت وثيقة، إلا أنها لا تزال مرفوضة من قبل بقية الصيادين وتعتبر مصدر شؤم ومكانها الحقيقي في الماء. وبمعزل عن المجموعة والسفر مع الرجال في بحثهم عن الكائنات البحرية، تبدأ حراشف حياة في النمو بقدميها وتكشف عن هويتها الحقيقية. في لحظة من الوضوح، تستجيب حياة لنداءات البحر وتقفز في الماء، على أمل اكتشاف هويتها الحقيقية.
يرجع الصيادون خاليين الوفاض من رحلتهم، وتبقى حياة في البحر. يصيب الحظ السيئ القرية، حيث يعاني عامر من فقدان الإيمان ويعاني المجتمع من الجوع. ينتظر المثنى عودة ابنته التي واجهت أسوأ مخاوفها في محاولة لقبول حقيقة نفسها. هل ستستطيع حياة أن تُحطم طقوس شعوبها، وتجنب بدورها الأجيال القادمة من الفتيات المصير الذي تبعها طوال حياتها؟
فكرة من مكان ساحر
تقول شهد أمين كاتبة ومخرجة الفيلم أن الفكرة بدأت من مكان طبيعي ساحر لم تفسده صنائع الإنسان، وهو صورة تعكس تجربتها الشخصية خلال مختلف مراحل نشأتها، والأهم من ذلك كله أنها ثمرة لنتاج رؤيتها وهويتها كامرأة، ومنذ أن كانت ابنة الثمانية أعوام، بدأت تلمس الاختلافات التي لم تفصل بين الرجل والمرأة، وبالطبع تأتي المرأة في درجة أقل، وحينها أدركت بطريقة أو بأخرى أن النسوة لا نستوي أبدأ مع الجنس الآخر وكأننا بلا دور في المجتمع، حيث ترعرعت وهي مستاءة لكونها فتاة بل وبدأت التخلي عن كل ما يمثّل المرأة بشكل عام.
وأضافت أنه حينما وقعت بين يديها قصّة أول أسطورة حورية بحرية أتراغاتيس، والتي كانت تُعد رمزاً للخصوبة والحياة في البحار والمحيطات، ارتأت أنها قد تكون مصدراً ملهماً للمرأة الحرّة الأبية التي تحدد مصيرها بيدها وترسم طريقها بنفسها وتقرر رفض التقاليد حتى وإن كان ذلك سيعود عليها بعواقب وخيمة، وعندما بدأت التأليف والكتابة حول هذا العالم الساحر المغمور بالمياه، كانت في الحقيقة تجهل الكثير من الأشياء والحقائق.
تؤكد شهد أنها من خلال فيلم “سيدة البحر” كان هدفها هو سرد قصّة منسوجة على أوتار أحداث خيالية وبأقل قدر من الحوار، حيث استلهمت الكثير من الإلهام من الصور المجازية في الشعر العربي، لكونها أرادت أن تخرج هذه القصّة بأسلوب عربي أصيل مشيرة إلى أن الاعتماد على أسلوب الرمزية كان عنصراً أساسياً، كي يكون البحر عالماً موحشاً وغامضاً.