سوليوود «وكالات»
طوال حياته، لم تحقّق أفلام جان بيار موكي نجاحاً جماهيرياً كما أعمال الموجة الفرنسية الجديدة التي ظهرت باكورته السينمائية بالتزامن معها في الخمسينيات. بالصمت نفسه، رحل المخرج الفرنسي البولندي الأصل (1933 ــ 2019) في باريس رغم أنه خلّف حوالي 60 فيلماً امتازت بأسلوبه السريع والساخر، الذي استقطب نجوم السينما الفرنسية مثل كاترين دونوف، وجان مورو، وجيرار دوبارديو وشارل أزنافور، وذلك كما ورد في جريدة الأخبار.
المخرج الذي وصفته جريدة «لو موند» بأنه ربما كان «أكثر المخرجين الفرنسيين ابتكاراً، وإنتاجاً، وأكثرهم فوضوية… أنقذ شرف السينما الكوميدية الشعبية». ظهر ممثّلاً أوّلاً في أفلام عدّة من بينها I Vinti للإيطالي ميكالانجلو أنطونيوني عام 1953، قبل أن يكتب ويخرج باكورته Les Dragueurs عام 1959. الفيلم الذي أدى بطولته كل من جاك شارييه وشارل أزنافور، يحكي قصّة شابين، يقضيان ليلة في باريس للبحث عن فتاتهما المثالية، إلا أنهما ينتهيان في حفلة جنس جماعية.
تلك النفحة التحرريّة، والرومانسية المبطّنة جعلته أقرب إلى مجايليه من رواد الموجة الفرنسية الجديدة حيث ظهرت روحيتها أيضاً في فيلمه الثاني «زوج» (Un Couple) الذي تبعه بعد عام واحد. لاحقاً سيترسّخ صوته الساخر المتفرّد، في أفلام كوميدية تتبع الهجاء والسخرية الاجتماعية ومهاجمة المؤسسات الرأسمالية والطبقة البرجوازية في فيلمه Snobs عام 1962 حول صاحب مصنع للألبان يغرق أثناء تفقده مصنعه، تبعه Les Compagnons de la marguerite عام 1967 الذي يقوم فيه موظفو البلدية في السجل المدني بتزوير شهادات الزواج، لتجنّب إجراءات الطلاق لاحقاً. في السبعينيات، عاد ممثلاً في أفلامه التي أدى فيها أدوار البطولة مثل «سولو» (1970)، و«حب كره» (1971) حيث لعب دور مجرم يفرّ من السجن ويتخذ من ابنة أحد السياسيين الفاسدين رهينة له.
ظلّ موكي يعدّ فوضوياً أو «أناركي» السينما الفرنسية بسبب تهكّمه على كل المؤسسات خصوصاً الدينية التي تصنّع وتبيع المعجزات كما في شريطه «المعجزة» (1987). منذ الثمانينيات حتى نهاية حياته، ظل موكي يكثّف ويكثر من أفلامه التي صنعها بسرعة قياسية كسخرية ربّما من وتيرة نظام الإنتاج ومقاييسه التجارية القائمة. إذ لم يفوّت فرصة في البرامج الحوارية على القنوات الفرنسية التي صار ضيفاً دائماً عليها بانتقاداته وسخريته اللاذعة ضد فساد السياسيين والكنيسة الكاثوليكية ومنتجي الأفلام وموزعيها.