منى السعيد
“سيما أونطة هاتوا فلوسنا” أشهر هتافات جمهور “سينما الترسو” أو سينما الدرجة الثالثة، من الصنائعية والسواقين والبسطاء، عندما لا يكون الفيلم على المستوى المطلوب، حين يدخلون إلى داخل العرض لمشاهدة 3 أو 4 أفلام خلال برنامج واحد، وغالبا ما يكون “عربي وهندي وأجنبي” مدتها 6 ساعات بمبلغ 15 جنيها، لذلك لم يكن مستغربًا أن تجد لافتة ضخمة على الباب مكتوب عليها “احترس من النشالين”.
بداية سينما الترسو
عرف مصطلح “الترسو” مع بداية إنشاء دور السينما، حيث قسمت السينما إلى 3 أجزاء البلكون والصالة وكانت مقتصرة على أصحاب الطبقة العليا والمتوسطة والمثقفين، بينما الجزء الثالث “الترسو” كان مخصص للبسطاء والعمال، وكان من الضروري أن يتواجد “فتوة” ضخم في صالة السينما لضبط سلوكيات المشاهدين.
فقد كان لجمهور الترسو بعض السلوكيات المشينة، أبرزها الصراخ والتصفير عند وجود مشهد ساخن، كما إن الهتافات والهرج قد يعلو إذا كان الفيلم سيء أو لا يحتوي على مشاهد دموية وعنف.
سينما الترسو
خلال الستينيات انتشرت فكرة وجود “سينما الترسو” وهي سينما قديمة بالية المقاعد سيئة العرض، زهيدة السعر.
فإن فريد شوقي كان أهم ممثلي سينما الترسو، الذي أعاد للسينما الدرجة الثالثة الحياة مرة أخرى، من خلال نوعية الأفلام التي تمس أبناء الطبقة الكادحة ضد العصابات وتجار المخدرات، بسبب النجاح الذي كانت تحققه أفلامه على المستوى الشعبي في سينما الدرجة الثالثة، ثم بعد ذلك حمل لقب “ملك البريمو” بعد أن حقق نجاحات على مستوى سينما الدرجة الأولى، وفقا لما ذكر في برنامج حوش عيسي عام 2018.
وبعدها أصبح عادل إمام لفترة يقدم عدد من الأفلام الخاصة بتلك الطبقة وقدم أفلام مثل “رجب فوق صفيح ساخن” و”الحريف” وغيرها من الأفلام.
“ملوك الترسو” كان المفضل لجموع الشباب، سواء للبطل الذي يتصدي للأشرار أو يتغلب على المآسي،
لا ترتبط بالأحداث
تتنافس السينمات الراقية في عرض أحدث الأفلام العالمية والعربية، لكن الترسو لا تهتم بهذا على الإطلاق، فقد تعرض أفلام من مواسم سابقة، لها جماهرية ومطلوبة، وغالبا ما تحتوي علي مشاهد الضرب والقتال من ملك الترسو “فريد شوقي” أو جرعة من الأفلام الرومانسية ومشاهد الإغراء في أفلام مثل حمام الملاطيلي.
أشهر سينما الترسو في مصر
انتشرت عدد من سينمات الدرجة الثالثة أو سينمات الترسو في مصر وهي سينما الزيتون بمنطقة الزيتون، وسينما الكورسال ببولاق أبو العلا، وسينما شارع عبد العزيز فى ميدان العتبة، وسينما ميدان الجيزة، وأغلقت سينما الجيزة وسينما شارع عبد العزيز، بينما طورت “سينما الزيتون” في القاهرة، وكانت الكورسال تحمل لقب سينما الترسو الأخيرة في مصر، حتى تم هدمها ضمن خطة تطوير الخط الثالث من المترو.
سينما الكورسال
أشهر تلك السينمات “الكورسال أو سيما على بابا التى أنشاها مجموعة من الأجانب في أربعنيات القرن الماضي، وكانت من أوائل السينمات التى تأسست في مصر، وهي من أكبر دور العرض، حيث تتسع لأكثر من 700 شخص، لكنها أصبحت الآن أثر بعيد المنال، بعد أن تم هدمها تماما ضمن خطة تنفيذ المترو الأنفاق الخط الثالث.
الأفيشات اليدوية
من مميزات سينما الترس وهى أنها لا تستخدم “أفيشات” مصورة بل تتميز بالمرسومة يدويًا بألوان صارخة، ولها موظف مسؤول عن رسمها أسبوعيًا.
انحسار الجمهور عن تلك السينما
وفقا للناقدة ماجدة خيرالله فقد انحسرت واختفت “سيما الترسو” بسبب الأزمات المالية التي لاحقت أصحابها، فتم هدمها لبناء أبراج أو مولات لأن روادها من الفقراء وبالتالي المكاسب ضعيفة.
وأضافت أن انتشار القنوات الفضائية “بئر السلم” والإنترنت الذي يعرض الأفلام والمسلسلات ليلا ونهارًا لم يعد هناك أي إقبال على هذا النوع من السينما فاختفت.
المصدر: جريدة الوطن المصرية