سوليوود «وكالات»
على رغم سياساتها الإعلامية المتحفظة والمتقشفة كثيراً عندما يتعلق الأمر بالكشف عن أرقام المشاهدة للمواد الفنيّة الموجودة على خدمتها، فإن «نتفليكس» لا تفوّت عرض الجديد من أفلامها الخاصة من دون الإعلان عن أرقام المشاهدة لهذه الأفلام التي أنتجتها خصيصاً لخدمتها. وكأن هذا الإعلان يمثل من جهة تحدياً للصناعة السينمائية التي لاتزال مُترددة، ولم تحسم أمرها بخصوص شركة تجهيز الترفيه العالمية، ومن الجهة الأخرى يشكل الإعلان رداً على المنافسة المتصاعدة على سوق الترفيه في العالم الغربي، وحاجة الشركة على تأكيد شعبيتها وسط نظراء تزداد قوتهم كل يوم، وذلك كما جاء في صحيفة الحياة.
اذ أعلنت «نتفليكس» أخيراً ومن خلال تغريدة على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن فيلمها الأخير «لغز القتل» حظي بما يقارب 31 مليون مشاهدة في الأيام الثلاثة الأولى فقط بعد وضعه على الخدمة، في 14 حزيران (يونيو). وكشفت «نتفليكس» أن 13,374,914 مليوناً شاهدوا الفيلم في شمال القارة الأميركية، والبقية من حسابات مختلفة حول العالم.
وتؤكد الأرقام الجديدة التغييرات الكبيرة التي تهزّ صناعة الترفيه في العالم الغربي، وخصوصاً في الصناعة السينمائية، إذ ان الأفلام اليوم لا تحتاج الصالات السينمائية للوصول الى الجمهور الواسع، فيمكن لشركة واحدة مثل «نتفليكس» أن تتفوق بعدد المشاهدين على شركات إنتاج هوليودية عريقة من التي تطرح دورياً نتاجاتها الضخمة في صالات العرض السينمائية.
صحيح أن «نتفليكس» لا تصدر كل أسبوع أفلاماً على شاكلة فيلم «لغز الجريمة»، الضخم بإنتاجه ونجومه (من بطولة آدم ساندر وجينيفر أنيستون)، لكنّ صناعة الترفيه في العالم الغربي تبدو وكأنها تسير في اتجاه صرف مزيد من الأموال على المحتوى الفنيّ الخاص الذي يعرض على خدمات المشاهدة حسب الطلب الالكترونية. لذلك لن يكون غريباً أبداً توقع أن تصدر «نتفليكس» فيلماً جديداً كل عطلة نهاية أسبوع في الأعوام المقبلة ليكون الجمهور امام خيارات البقاء في البيت ومشاهدة «نتفليكس»، أو التوجه الى الصالات السينمائية، والتي تعني صرف مبالغ مالية إضافية.
والحال أن المنافسة الكبيرة التي تواجهها «نتفليكس» في السوق الأميركية من منافسين مثل «أمازون» و«هولو»، وقدوم منافسين أقوياء جدد مثل شركة «آبل»، و«ديزني فيلم» (ينتظر أن تنطلق خدمة الاستديو السينمائي الأميركي العريق في نهاية هذا العام)، يجبرها على تغيير سياساتها الإعلامية السابقة، والتي كانت ترفض الإفصاح عن أعداد المشاهدين لخدمتها.
وتجد الشركة الاميركية نفسها مرغمة اليوم على تأكيد مكانتها كمتصدرة لهذه السوق، وانها – أي «نتفليكس»- ليست فقط قادرة على دفع مبالغ ضخمة للحصول على حقوق عرض كثير من المواد الفنيّة، بل أيضاً الأولى في عدد المشاهدين الذين تجذبهم إلى هذه المواد. علماً أن دورها سيكون مهماً كثيراً في قرارات الكثير من الشركات المنتجة والنجوم، عندما تفكر تلك الشركات في بيع حقوق عرض أعمالها لخدمات الترفيه الالكترونية.
ويتوقع أن يؤثر دخول أستوديوات وقنوات تلفزيونية أميركية عريقة (تستعد أكثر من جهة لإطلاق خدمات الكترونية) سوق الترفيه الالكترونية على المعروض من المواد الفنيّة. اذ ان هذه الشركات ستحتفظ بأعمالها الحصرية لخدماتها ولن تبيعها لشركات منافسة، اذ ان هذه الاعمال الحصرية هي التي ستجذب المشتركين الجدد، والذين صاروا قادرين على التمييز بين شركات الترفيه الإلكترونية، على حسب ما تقدم الأخيرة من مواد حصرية.
صحيح أن «نتفليكس» تتفوق على كل شركات الترفيه الالكترونية بعدد الأعمال الحصرية التي تنتجها سنوياً، وبموازنتها الكبيرة جداً التي خصصتها لهذه الأعمال، بيد أن ليس كل ما تنتجه «نتفليكس» كان ناجحاً، فهناك كثير من الإخفاقات التي سجلت في الأشهر الماضية القليلة، من أعمال صرفت عليها الشركة مبالغ كبيرة لكنها فشلت نقدياً وجماهيراً (أعلنت الشركة عن عدم نيتها إنتاج أجزاء جديدة من بعض أعمالها). هذه الحال، تجعل «نتفليكس» ومثيلاتها في حاجة لشراء حقوق عرض أعمال شركات مختلفة، لتنويع المحتوى الخاص بها.
تجدر الإشارة الى أن فيلم «لغز الجريمة» تفوق في عدد مشاهديه على كل الأفلام الخاصة بـ «نتفليكس»، اذ ان آخر نجاحات الشركة الأميركية في هذا الاتجاه كان فيلم الكوارث «بيرد بوكس»، والذي تمت مشاهدته لـ45 مليون مرة في الأسبوع الأول من عرضه، في الوقت الذي شوهد الفيلم الكوميدي «لغز القتل» 31 مليون مرة في الأيام الثلاثة الأولى من توفيره على الخدمة.