إسراء الردايدة
لم يكن الموسم الدرامي لهذا العام في أفضل حالاته بين انتاجات سورية ولبنانية وخليجية متنوعة، فيما بدا غياب الإبداع وبشكل واضح في العديد من الأعمال، الى جانب الاقتباس وتشابه الانتاجات مع أعمال أجنبية.
الدراما السورية قدمت 34 عملا والمصرية 24 ، فيما الخليجية 9 أعمال سعودية، و12 عملا كويتيا، و10 مسلسلات تونسية، و6 مسلسلات جزائرية، ومسلسلان أردنيين، إلى جانب 10 مسلسلات لبنانية هيمن عليها الانتاج السوري المشترك.
كما كان هنالك جرعات مغرقة من العنف والجرأة والمحتوى البوليسي وجرائم القتل وقصص الحب والخيانة في حلقات المسلسلات، بالإضافة لغياب نجوم الصف الاول، فيما السيناريوهات كانت الحلقة الاضعف نتيجة الاستسهال في الكتابة والتسرع فيها لمجاراة عملية الانتاج، وعدم وجود خيال، ما جعل من ترابط الأحداث غير منطقي، وهو الذي انعكس على الحالة العامة للمسلسل.
ولأن ورش الكتابة كانت مشتركة، ظهر تكرار واضح في الافكار لغالبية الأعمال التي كانت ثيمتها البلطجة، وغياب العدالة والكفاح، وصراع الخير والشر، على غرار “هوجان”، “زلزال”، “حدوتة مرة”، و”لمس أكتاف”.
ويعود سبب انخفاض الأعمال التي يتم انتاجها للاحتكار من قبل شركات الانتاج، وارتفاع أجور النجوم من ممثلي الصف الاول، والرقابة المفروضة على المسلسلات أيضا من قبل الجهات الرسمية على غرار مصر، واحتكار الانتاج لصالح قنوات محددة أيضا.
ولعبت التغييرات المحيطة مثل العوامل السياسية دورا في إضافة أفكار جديدة مثل دور الأمن والاجهزة الاستخباراتية الى تلك الانتاجات على غرار مسلسل “كلبش”، واشادات بجهودهم، وليس إدانة لهم، وهو ما واجهته الدراما المصرية من قبل جهات رقابية، بحيث رفض أي عمل يسيء للصورة الامنية العامة، ورافق هذا مؤثرات بصرية وحركة كاميرا بأسلوب الاكشن وجرعات إثارة واضحة.
ويحضر أيضا في غياب الابداع للموسم الرمضاني هذا العام هيمنة الاقتباس من أعمال أجنبية، والتي خلت من الابداع وتحولت لنسخة معربة تتقاطع خطوطها الدرامية وتختلف بثقافتها عن الواقع المعيشي للمنطقة، وأعلن بعض صناع هذه الاعمال عن كونها مقتبسة، فيما أصر آخرون على كونها فكرة حصرية وأصلية.
ومن هذه الأعمال مسلسل “حكايتي” بطولة ياسمين صبري واخراج أحمد سعيد فرج، وهو الأمر الذي حدث مثلا مع مسلسل “حكايتي”، بطولة ياسمين صبري وتأليف محمد عبد المعطي، إذ قالت الروائية السعودية، نور عبد المجيد، إن “المسلسل مأخوذ مع تغيير بسيط في بعض تفاصيله من روايتها لاسكالا”، وأيضا طرح العديد، أن الحكاية كلها قريبة من فيلم “انا وديور”. وسبق أن اقتبس من روايات نور عبد المجيد مسلسلات منها “أريد رجلا”، و”أنا شهيرة أنا الخائن”.
وكانت نور عبد المجيد أعلنت على صفحتها الرسمية على “فيسبوك” استياءها مما حصل في رسالة طويلة ومعبّرة، وجاء في جزء منها كلمات عن مسلسل “حكايتي”.. “هو نسخة من روايتي (لاسكالا)، داليدا في المسلسل هي يسر الغندور في الرواية، وصوفيا أمها الفرنسية في المسلسل هي ناتاشا بافلوف في الرواية، وسليمان شديد الطاهر هو بهجت الغندور، وسليم شديد الطاهر هو عصمت الغندور”.
ووقع مسلسل “الكاتب” لباسل خياط ودانييلا رحمة، وتأليف ريم حنا وإخراج رامي حنا، أيضا في مواجهة اتهامات السرقة التي وجهها المؤلف خلدون قتلان ضد صناع العمل، متهما إياهم بالاستفادة من مسلسله الذي لم يرَ النور بعد واسمه (الخونة)، والذي كان قد أرسله إلى إحدى شركات الإنتاج، وملمحاً إلى “تسريب النص” وأن مسلسل “الكاتب” مأخوذ عنه.
وتدور أحداث القصة حول كاتب شهير تحوم حوله الشبهات بعد مقتل فتاة شابة في ظروف غامضة، كان على علاقة بها، كما يوجه له الاتهام بشكل رسمي.
وأيضا واجهت المسلسلات لهذا الموسم اتهامات بكونها اقتباس عن أعمال أجنبية، ففي مسلسل “الهيبةـ الحصاد” لتيم الحسن وسيرين عبد النور يكتشف بسهولة تماهي العمل مع خطوط درامية كثيرة لأعمال أجنبية شهيرة، قد يكون أبرزها مسلسل Peaky Blinders لكيليان مورفي، حيث رئيس العصابة الوسيم المحبوب من الدائرة المقربة منه، والذي كلما همّت الشرطة بالقبض عليه نجح في الإفلات، والذي يسعى دوما للم شمل عائلته مهما كانت الوسائل، وطبعا “بوستر” العمل كان شبيها بـ “بوستر” المسلسل الإنجليزي الشهير.
واعتمد “الهيبة”، الذي يقدم جزأه الثالث هذا الموسم من تأليف باسم السلكا وإخراج سامر البرقاوي، على تيمة أساسية أخرى، وهي وقوع المرأة التي تبحث عن المجرم في غرامه دون أن تدري، بل تختار أن تذهب إليه وتعيش معه على الرغم من أنها متحققة مهنياً، وكانت تحشد الرأي العام من خلال عملها كمذيعة ضد المتواطئين على القبض على “جبل شيخ الجبل”، وهي نفس التيمة التي قُدمت في المسلسل الإسباني الشهير “La casa de papel””، حيث المحققة التي يكون شغلها الشاغل البحث عن المجرم السارق، تقع في غرامه دون أن تعرف هويته، وحتى بعد أن تكتشفها تختار أن تستمر معه، وتذهب إليه.
وفي “خمسة ونص” بطولة نادين نسيب نجيم، وقصي خولي، صرحت نجيم أن سير القصة يحاكي بعض جوانب حياة الراحلة وأزماتها الزوجية، وهو الأمر الذي لم يكن قد تم الإشارة إليه من قبل بشكل صريح بأي وسيلة.
وتدور أحداث العمل حول طبيبة تقع بحب رجل أعمال سياسي محنك، وتتحول علاقتهما لخلافات مستمرة، ويظهر جانب الشريك المظلم، وتقع في حب حارسها الشخصي لتكون نهايتها مؤلمة وحزينة.
يواجه مسلسل “ولد الغلابة” من بطولة أحمد السقا أزمة بعد أن نشر موقع “هوليوود ريبورتر” خبرا كونه يشابه المسلسل الأميركي الشهير “Breaking Bad”، بطولة الممثل براين كرانستون.
وقدم الموقع مشاهد دعمت هذه النظرية تكمن في تطابق بعض مشاهده الإخراجية، ومقارنة بين بعض المشاهد من العملين.
وتقوم فكرة “ولد الغلابة” على مدرس تاريخ من صعيد مصر، يرفض الدروس الخصوصية، ولكن الفقر والظروف الاجتماعية تضطره للاستدانة، ثم تجارة المخدرات، ثم القتل عدة مرات، ثم تصنيع المخدرات، وهو ما يشابه فكرة “Bad Breaking”، التي تقوم على إصابة مدرس كيمياء بالسرطان فيقرر تصنيع المخدرات، لتأمين مستقبل ابنه.
وإلى جانب اقتباس “ولد الغلابة”، فكرة المسلسل الأميركي، و تقليد المشاهد، وزوايا التصوير، والإكسسوارات، ليأتي ظهور شخصية المحامي الذي يجسده الممثل أحمد زاهر، بالحلقات الأخيرة للمسلسل، ليؤكد تشابهها الكبير مع شخصية المحامي “سول”، في “Bad Breaking”.
وواجه المسلسل الخليجي “عذراء” لشجون الهاجري إتهامات عدة، كونه مقتبساً عن المسلسل الأميركي Orange is the new black، حيث مؤامرات شتى تتعرض لها البطلة في سجن النساء، وهذا يقود بالمجمل الى أن هذه الاعمال تغيب الجانب الابداعي الحقيقي، لتقديم محتوى أصيل، والهدف تقديم أعمال أكثر قبولا من المنتجين، لضمان خروج العمل للنور وبيعه بسعر جيد، وتحقيق ربح على حساب الإبداع والأصالة، فأصبحت هذه الأعمال سلعة لا تتعدى “القص واللصق” من عوالم أخرى.
المصدر: صحيفة الغد